كورونا لبنان... نحن أمام 3 سيناريوات في علم الأرقام

لم يعد خافياً أن ما تقوم به وزارة الصحة هو لكسب المزيد من الوقت قبل إعلان انتشار الوباء محلياً. وبينما يعمل القطاع العام والخاص على التجهيزات لاستيعاب كل الحالات المسجلة، ترتفع الإصابات في مسار تصاعدي، وسُجّلت 29 حالة مثبتة مخبرياً بتاريخ 2020/3/25 فبلغ العدد الإجمالي لغاية الساعة 333 إصابة، في حين سُجلت 37 حالة جديدة بالأمس بتاريخ 2020/3/24. وكما أعلن وزير الصحة حمد حسن سابقاً أن لبنان في المرحلة الثالثة اليوم، ما يعني وجود حالات ضمن نطاق جغرافي محدد، بالإضافة إلى حالات مجهولة المصدر، يبقى السؤال الأهم هل سينجح لبنان في كسب الوقت قبل الوصول إلى المرحلة الرابعة التي تعني الانتشار الوبائي الكامل مع انتقال محلي للعدوى؟

تتجه الأنظار اليوم إلى الأرقام التي تعتبر الدليل الملموس التي يمكن الانطلاق منها لنبني عليها كل الفرضيات والاحتمالات والسيناريوات. هل بدأنا نفقد السيطرة على الوباء محلياً؟ أو هل ينجح العزل المنزلي الصارم على تأخير المرحلة الرابعة وبالتالي تسجيل الحالات يومياً ضمن القدرة الاستيعابية للمستشفيات وليس دفعة واحدة كما هي الحال مع الدول الأوروبية؟ 

وفي هذا الصدد، يشرح الأستاذ المحاضر بعلم الرياضيات والإحصاء في كلية الصحة العامة في الجامعة اللبنانية الدكتور ماهر عبد الله لـ"النهار" أنه "لا يزال المنحى لأعداد المصابين في لبنان بفيروس #كورونا في تصاعد، أي أن أعداد المصابين الجدد في تزايد يوميّ حيث سجل بالأمس في تاريخ 24 آذار 37 حالة جديدة، ما رفع العدد الإجمالي للمصابين من 267 إلى 304 مصابين. وأمام هذا التزايد، يبقى السؤال المشروع لكل إنسان، هل أهلع أو لا أهلع؟

تساؤلات كثيرة يطرحها عبدالله قائلاً: "هل أهلع لأنني إذا أصبت بفيروس كورونا لا أعرف من أي فئة سأكون، هل سأكون من فئة الـ 80% من الناس الذين اذا أُصيبوا بكورونا تكون عوارضهم خفيفة إلى متوسطة، ويكفي عندها أن أبقى في المنزل في الحجر الصحي دون الحاجة إلى الدخول إلى المستشفى، أو أنني سأكون من فئة الـ 15% وعندها أحتاج إلى دخول المستشفى لتلقّي العلاج دون أن تكون حالتي حرجة أو في أسوأ الأحوال سأكون من بين 5 %، وعندها ستكون حالتي حرجة وسأحتاج لمساعدة الجهاز التنفسي؟

هل أهلع لأنني إذا أصبت بفيروس كورونا لا أعرف تبعات هذه الإصابة لأن هذا الفيروس جديد ولا توجد دراسات طويلة المدى لمعرفة تأثير هذا الفيروس على صحة الإنسان في حال شفي منه؟

هل أهلع لأن النظام الصحي اللبناني لا يمكن الاتكال عليه في هذه الظروف الاستثنائية، هل سيسقط النظام الصحي اللبناني كما سقط النظام الصحي الإيطالي"؟!

اقرأ ايضاً : هل ينتقل فيروس كورونا حقاً في الهواء؟

هذه بعض التفاصيل المهمة لمعرفة إمكانية النظام الصحي اللبناني

البلد
عدد الأسرة في الستشفيات
عدد الأسرة في العناية الفائقة
عدد أجهزة التنفس الاصطناعي
عدد الأطباء
عدد الممرضات والممرضين
لبنان

(المصدر وزارة الصحة اللبنانية و who-OECD)

15195
2308

للبالغين: 906  

للأطفال: 279

13800
15600


نحن أمام 3 مسارات

برأي عبدالله "يبقى النظام الصحي اللبناني مسيطراً على الوضع عندما يجد أي مريض أو مصاب بكورونا سريراً في المستشفى في حال احتاج  الدخول إلى المستشفى أو إلى جهاز تنفس. لذلك علينا أن نراقب أعداد المصابين الجدد في الأيام المقبلة القليلة ونحن أمام 3 مسارات:

المسار الأول: يبقى مسار أعداد المصابين الجدد في تزايد، وإذا استمر هذا الارتفاع على هذا النحو نكون قد اقتربنا من وقوع الكارثة. يوجد في لبنان حوالى 2000 سرير في العناية الفائقة كما يوجد نحو 900 جهاز للتنفس الاصطناعي،  يمكن استخدام 1000 سرير لمرضى الكورونا في العناية الفائقة و500 جهاز للتنفس الاصطناعي. وحتى لا نتجاوز قدرات النظام الصحي في لبنان، يجب أن لا يتجاوز عدد الاصابات الحرجة 500 إصابة، وإذا افترضنا أن نسبة الإصابات الحرجة هي بمعدل 5% هذا يعني أن العدد الإجمالي للمصابين يجب أن لا يتعدى 10000 مصاب. إذا استمرت وتيرة تصاعد الأعداد ووصلت إلى إكثر من عشرة آلاف نكون دخلنا في كارثة صحية، لأن النظام الصحي اللبناني سيكون عاجزاً عن السيطرة على كل الحالات.

المسار الثاني: يبقى مسار أعداد المصابين الجدد يتزايد ولكن دون تخطّي قدرات النظام الصحي في لبنان أي دون أن يتجاوز عدد الإصابات الحرجة 500 إصابة. وبذلك لا يفقد النظام الصحي في لبنان السيطرة ولكن سوف يزيد عدد الوفيات من هذا الفيروس.

المسار الثالث: يبقى مسار أعداد المصابين الجدد يتزايد لبضعة أيام ونصل بعدها الى نقطة الانعطاف أو التحول، حيث يبدأ عدد المصابين الجدد بالانخفاض، وهنا نكون قد بدأنا مرحلة احتواء الوباء بعد مرحلة الانتشار.

ويختم عبدالله بالقول "حتى لا نصل الى سيناريوات مأسوية، يجب الإلتزام بالحجر الصحي الصارم واتباع الإجراءات الوقائية لكي نؤخر أو نؤجل قدر الإمكان الإصابات بكورونا إذا لم نستطع وقفها على الأقل حتى لا نتجاوز إمكانيات وقدرات النظام الصحي اللبناني. ويبقى الأهم أن نعرف أنه إذا حذونا حذو المجتمع الصيني وكنا ملتزمين، عندها ننجح كمجتمع، أما إذا سرنا على النموذج الأوروبي، سنصل قريباً إلى ما لا تُحمد عقباه وعندها لن نتوقف عند الهلع الهستيري".