النكتة السياسيّة: الكوميديا السوداء شرّ البليّة ما يضحك!

لا شيء يشفي غليل الإنسان المقهور من واقع الحال إلا الكوميديا السوداء التي تنتشر بسرعة بين البيئة الحاضنة لصاحب "النكتة"، سياسيةً كانت أم عاديةً. كيف قرأ الإعلامي والباحث في التقاليد الشعبية زياد عيتاني تطور الكوميديا الشعبية؟ أصرّ الإعلامي عيتاني على التوقف عند واقع شاسع في الكوميديا السوداء قائلاً: "سئل مرة أحد الساخرين الظرفاء ممن كانوا يحبكون النكات السياسية: كم مرة يروي المواطن ما يعرفه من نكات سياسية؟ فقال ثلاث مرات: يرويها أول مرة لأصدقائه، ثم يرويها ثانية عند استجوابه من قبل المخابرات، وأخيراً يرويها للمرة الثالثة لرفاقه السجناء في المعتقل...".بين الإبكاء والإضحاك "للنكات السياسية دلالات"، قال عيتاني. وأكمل شارحاً أن "النكتة السياسية هي تلخيص مكثف لموقف يبرز ما فيه من تناقض أو مفارقة، وتتراوح بين الإبكاء والإضحاك، لأن النكتة السياسية هي صورة هذا الأخير، وإن جاء أحياناً بأسلوب السخرية من وضع مأسوي على طريقة "التراجيكو- ميدي"، أو "شرّ البليّة ما يضحك"، أو الكوميديا السوداء".رغبة مكبوتة ولفت أيضاً إلى أن "النكتة السياسية كأحد التعابير الرمزية في المخزون الثقافي المجتمعي، تمثل إحدى الركائز لفهم المجتمعات والجماعات الإنسانية، فمن جهة يمكن اعتبارها مرآة صادقة لما تحمله من قيم ومعتقدات وممارسات وتصرفات، ومن جهة أخرى تكشف، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عن الجوانب الخفية للمجتمع، سواء كانت في شكل مواقف أو تطلعات أو رغبات مكبوتة... وذلك لتوفير التلقائية والدلالية للتعابير والرموز الثقافية وخاصة لارتباطها بالواقع...