الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هذه السلطة هي الوباء الأدهى!

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
هذه السلطة هي الوباء الأدهى!
هذه السلطة هي الوباء الأدهى!
A+ A-

في غمرة هذا الأبوكاليبس، في غمرة انحلال الحياة إلى الدرجة الصفر، في غمرة صيرورة الإنسان جرذًا مختبئًا في عتمة منزل، لا أعثر على شيءٍ أصرخه إلّا هذا الصراخ:

تافهةٌ هي السلطة. تافهةٌ هي السياسة. وكم هي تافهةٌ الحسابات السياسيّة. الصغيرة. والدنيئة. في وقتٍ تتحوّل الحياة نفسها، الحياة الشخصيّة والحياة الجماعيّة، إلى محرقة، ويتحوّل المرء إلى مجرّد رقمٍ في أعداد الموتى والمصابين بالداء!

تافهةٌ هي السلطة. تافهةٌ هي السياسة. وكم هي تافهةٌ الحسابات السياسيّة. الصغيرة. والدنيئة. في وقتٍ يتحوّل الوجود، الشرط البشريّ برمّته، إلى ما يشبه الشلو – الفريسة في فم العدم!

هنا، وفي العالم، تافهةٌ هي السياسة، وكم هي تافهةٌ الحسابات السياسيّة. الصغيرة والدنيئة.

هنا، وفي العالم، وعلى رغم الاستثناءات المضيئة والخلّاقة، كم تافهون، على العموم، رجال السياسة، وكم صغارٌ هم القادة والرؤساء والزعماء، وكم هم مسطّحو الخيال، وكم تجّار، وكم قليلو الحشمة والحياء، وعديمو الخجل!

هنا، وفي العالم، الحياة في الدرجة صفر، والقيم في الدرجة صفر!

هاكم أمثلةً لبنانيّةً، صارخة في تفاهتها وتصاغرها، أمام هول ما يعتري الكائن من هشاشةٍ، وضعف.

من مثل: مَن يستفيد من إطلاق عامر الفاخوري في العلاقة مع الولايات المتّحدة، وفي أحلام المشاريع الرئاسيّة؟ ومن الإمعان في تشويه صورة القضاء مطلقًا، والقضاء العسكريّ...؟ أيستفيد جبران باسيل؟ "حزب الله"؟ الحكومة...؟ وعلى حساب ماذا؟ ومن؟!

من مثل: الكلمة الأخيرة لمَن تكون، ألمجلس القضاء الأعلى أم لوزيرة العدل، أم للضغوط التي تُمارَس على هذه الجهة وتلك، في مسألة التشكيلات القضائيّة؟ ومَن يربح، موضوعيًّا، في حال ترجيح هذه الكلمة أو تلك؟

من مثل: مَن يجني ثمار التعبئة العامّة، سياسيًّا واقتصاديًّا وماليًّا؛ المصارف، الصرّافون، المصرف المركزي، حاكم مصرف لبنان، رئيس الحكومة، الحكومة، رئيس الجمهوريّة، الفريق الرئاسيّ، رئيس مجلس النوّاب، فريقه، "التيّار الوطنيّ الحر"، رئيس "التيّار"، "حزب الله"...؟!

من مثل: بعد يوم، بعد يومين، بعد ثلاثة، بعد أسبوع، بعد أسبوعين من الاحتراز والاحتجاب الوقائيّ الواجب الوجود، مَن ينتصر على مَن؛ هل يستتبّ الأمر الواقع الحاصل لبنانيًّا منذ تأليف هذه الحكومة الدمية؟ هل ينتصر هذا الأمر الواقع على خصوم هذا الأمر الواقع؟ وأيّ مصيرٍ يواجه الانتفاضة – الثورة، وأفكار المنتفضين الثوّار، وأحلامهم التغييريّة لإصلاح الواقع اللبنانيّ الذي يؤلّه سياسة الفساد والنهب والسرقة والمحاصصة والمقايضة؟

تافهةٌ هي السلطة. تافهةٌ هي السياسة، عندنا. وكم هي تافهةٌ الحسابات السياسيّة اللبنانيّة. الصغيرة. والدنيئة.

لا شيء يعلو الآن على صوت الوقاية، والاحتراز، والتزام المنازل، والحجر الصحّيّ. يجب أنْ لا يعلو أيّ شيءٍ على هذا الصوت... شرط الحفاظ على الكرامة الإنسانيّة والمعيشيّة والحياتيّة، لهؤلاء الناس المواطنين الذين يؤلّفون الأكثريّة الساحقة من الشعب اللبنانيّ، والذين يعانون الأمرّين لتحصيل لقمة العيش، ولقمة الكرامة!

لا شيء يعلو على هذا الصوت، إلّا إذا كان متزامنًا ومتساويًا مع هذا الشرط المذكور ها هنا أعلاه.

لكنْ، هل هو مؤمَّنٌ ومضمونٌ وأكيدٌ، شرط الحفاظ على الكرامة الإنسانيّة والمعيشيّية والحياتيّة، لهؤلاء الناس المواطنين الذين يؤلّفون الأكثريّة الساحقة من الشعب اللبنانيّ؟

أعرف الجواب عن هذا السؤال: لا. ليس مؤمَّنًا، ولا مضمونًا، ولا أكيدًا، شرط الحفاظ على كرامة المواطنين الأحرار الفقراء الجياع المتروكين في عريهم الفاقع، تحت سماء هذه السلطة القاصرة الماكرة، سماء اللاحقّ واللاعدل واللاكرامة واللاحرّيّة.

إنّي أصرخ هذا الجواب – الفضيحة، صراخًا مدويًّا، مزلزِلًا، من أجل أنْ يخترق أسوار القصر الجمهوريّ، وأسوار عين التينة، وأسوار السرايا الحكوميّة، وأسوار "الحاكم الفعليّ" وظلّه، وسواها من الأسوار، لكي يسمع هذا الصراخ أولئك الذين لا ينصتون إلّا إلى صوت السياسة التافهة، والحسابات السياسيّة التافهة، والدنيئة، والصغيرة جدًّا جدًّا جدًّا.

... وإذ لا شيء يعلو في هذه اللحظة على صوت الاعتزال الوقائيّ، وإذ تعجز الحكومة – بل السلطة كلّها - عن توفير شرط الكرامة الإنسانيّة والمعيشيّة والصحيّة لأكثريّة المواطنين، فإنّي من وراء الجدران، في خضمّ هذا الأبوكاليبس، في غمرة انحلال الحياة اللبنانيّة إلى الدرجة الصفر، وفي غمرة صيرورة الإنسان اللبنانيّ جرذًا مختبئًا في عتمة منزل، أدعوكم إلى فضح عجز السلطة هذا، وانصرافها إلى اتّباع السياسة الصغيرة، سياسة الحسابات والمصالح الدنيئة، وأدعوكم – خصوصًا المنتفضين الثوّار الأحرار - إلى اغتنام هذا الوقت الضائع، لبلورة كيفيّات عدم الاستسلام لهذا الأمر الواقع، ولكلّ أمرٍ واقع!

تافهةٌ هي السلطة. تافهةٌ هي السياسة. هذه السلطة، هذه السياسة، هي الوباء الأدهى، وينبغي اعتبار محاربتها واجبًا ثوريًّا ووطنيًّا!

[email protected]


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم