الصين ولبنان: معاً ضدّ كورونا

أمير وانغ- طالب صيني في لبنان

إنّ فيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19) لا يميز بين الناس ولا بين الدول، ولقد أصاب أكثر من 140 دولة حتى الآن، وبلغ عدد الإصابات أكثر من 180 ألفاً، وتجاوز عدد الوفيات 7 آلاف، وبات هذا الفيروس الشيطاني وباء عالمياً بسبب سرعة انتقال الفيروس وقوة تفشّي المرض.

وحتى 16 آذار الجاري ظهر أكثر من 1500 إصابة في كل من قطر والبحرين ومصر والعراق والكويت والسعودية ولبنان والإمارات والجزائر وفلسطين وعُمان وتونس والمغرب والأردن والسودان وموريتانيا، أي 16 دولة عربية، ومن بينها في لبنان ارتفع عدد الإصابات المؤكدة إلى 120 حالة، وفي الوقت نفسه سجل 3 حالات وفاة و139 حالة مشتبهاً بها. وفي هذا الصدد اتخذت الحكومة اللبنانية سلسلة من الإجراءات الحمائية والتدابير الوقائية من فيروس كورونا المستجد، مثل تخصيص مستشفى لاستقبال الحالات المصابة بفيروس كورونا، وتعطيل المدارس والجامعات، وإصدار دليل لتوضيح طرق الوقاية من العدوى وتوزيعه بين المواطنين، وتعقيم الأماكن العامة وإغلاق المساجد يوم الجمعة، وتحذير المواطنين بعدم الخروج من منازلهم إلا عند الضرورة، وإغلاق المطار والموانئ والمعابر البرية وغيرها من الإجراءات الفعالة التي تهدف إلى منع انتشار فيروس كورونا في لبنان.

التعاون بين الصين ولبنان

تأسست العلاقة الديبلوماسية بين الصين ولبنان في 9 تشرين الثاني 1971، وبعد ذلك شهدت العلاقات الثنائية نموًّا مستقراً وتطوراً ملموساً في شتى المجالات، بما فيها الاقتصادية والتجارية والمالية والثقافية والأمنية. ويشهد البلدان طفرة كبيرة نحو التنمية المشتركة والكسب المشترك تحت مبادرة "الحزام والطريق" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وبعد انتشار فيروس كورونا المستجد على نطاق واسع في الصين، أعرب لبنان حكومة وشعباً عن دعمهم وتشجيعهم لدولة الصين والشعب الصيني على مكافحة الفيروس. وفي 15 كانون الثاني 2020، أعرب الرئيس اللبناني ميشال عون عن كامل تضامن لبنان مع الشعب الصيني وثقته بأن الصين ستكون رائدة في مواجهة هذا التحدي الإنساني والطبي، كما أكد عون على علاقات الصداقة المتينة والتعاون المثمر بين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، زار عدد من الوفود التضامنية مقر السفارة الصينية في لبنان للتعبير عن دعمها للصين وتعازيها للإصابات والوفيات، بمن فيهم تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني، وجمعية طريق الحوار اللبناني الصيني، ورؤساء بلديات عكار. ومن الجهات الشعبية، نفّذ عدد من اللبنانيين المقيمين في الصين من أصحاب الشركات والعاملين فيها، وقفة أمام تمثال الدكتور جورج حاتم في بلدة حمانا، تضامناً مع الصينيين في محاربتهم لفيروس كورونا وضد الهجمة العنصرية التي تمارس على الشعب والحكومة الصينية. وعلاوة عن ذلك، صور الأساتذة والطلاب من الجامعة اللبنانية فيديو تشجيعياً للشعب الصيني ومدينة ووهان. وهذا ما يوافق القول العربي المأثور:" لا يُعرف الصديق إلا عند الشدائد".

وسجل لبنان أول إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجدّ في 21 شباط. وتم تشخيص 120 إصابة مؤكدة حتى الآن. وهذا يدل على التسارع المتزايد في تفشي الفيروس. وفي الوقت نفسه، أعلنت الصين تراجع عدد الإصابات والوفيات وتجاوزها ذروة تفشي فيروس كورونا. وهذا يدل على قدرة الصين المتزايدة وخبرتها المتوافرة في السيطرة على هذا الوباء داخل الصين. لذلك مدت الصين حكومة وشعبا يد العون إلى لبنان وتقديم المساعدات الطبية وخبرتها في محاربة الفيروس. وأكد السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان أنه يتواصل مع وزير الصحة اللبناني حمد حسن بشكل يومي ويتبادلان التطورات والمعلومات والإجراءات التي يتم اتخاذها في البلدين لمواجهة كورونا، وقدم لوزارة الصحة اللبنانية خطة صينية للتعامل مع الوباء وطريقة عزل المصابين، مؤكداً استعداد الحكومة الصينية لتقديم المزيد من المساعدات إلى لبنان. وذكر حسن أن وزارة الصحة العامة تتطلع إلى مواصلة التعاون الوثيق مع سفارة الصين في لبنان في مكافحة الفيروس. بالإضافة إلى ذلك، تبرعت مؤسسات صينية ومغتربون صينيون في لبنان بمعدات طبية متمثلة في 600 نظارة طبية واقية ومعدات إجراء فحوصات مخبرية لتشخيص الفيروس في 5 آذار، كما تبرعت شركة داهوا للتكنولوجيا الصينية مجموعتين من أجهزة قياس درجة حرارة الجسم بالتصوير لمطار رفيق الحريري الدولي في 10 آذار، ما يدلّ على مشاعر الصداقة التي تجمع بين الشعبين الصيني واللبناني وتعاونهما الوثيق في السراء والضراء، كما يدل على رغبة الصين في التعاون مع المجتمع الدولي للقضاء على الفيروس.

ومع دخولنا الألفية الثالثة، تتطور التعددية القطبية والعولمة الاقتصادية والمعلوماتية الاجتماعية والتنوع الثقافي على نحو معمّق، وتتسارع وتيرة التغيّر لمنظومة الحوكمة العالمية والنظام الدولي، ويترابط مصير شعوب العالم بشكل أوثق من أي وقت مضى. وأمام العالم الآن فيروس كورونا المستجدّ وهو عدو مشترك للبشرية جمعاء، فيجب على شعوب العالم أن تتضامن وتتضافر الجهود القصوى للتغلب على هذا الوباء الذي يواجه المجتمع الدولي، وأن تتّحد وتبذل الجهود الدؤوبة لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.

*بقلم وانغ يو (أمير وانغ) ـ طالب صيني من جامعة شانغهاي للدراسات الدولية، طالب زائر في المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة اللبنانية.