الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ربطةُ خبز الفقير تهدّدُ ربطة عنق الزعيم

وسام عيد- محامٍ
ربطةُ خبز الفقير تهدّدُ ربطة عنق الزعيم
ربطةُ خبز الفقير تهدّدُ ربطة عنق الزعيم
A+ A-

بلغت ثورة 17 تشرين الأول 2019 ذروتها في الأشهر الثلاثة الأولى قبل أن يخفّ بريقها، لتعود حركة إحتجاجات الشارع إلى شبه طبيعتها كأن شيئاً لم يكن.

وفِي عزّ نشوة الثورة سمِعنا كلاماً اتهامياً من هنا وهناك بأن سفارات أجنبيّة تموّل الثوّار وتعمل جاهدة على قلب النظام اللبناني على رؤوس أهل السلطة تمهيداً إلى تنظيم مؤتمر تأسيسي يمهّد إلى ولادة لبنان جديد.

وراح المتهمون إلى أبعد الحدود في إتهاماتهم حتى وصل الأمر بالبعض إلى تشبيه ما يُخطّط للبنان كما حصل في العراق ويحصل الآن.

هذا في عزّ نشوة الثورة!

أمّا بعد، وغداة تراجع لمعان بريق الثورة لم نسمع كلاماً من هنا ولا من هناك بأن الثورة مسيّرة من سفارات أجنبيّة وبأن ثمّة تمويلاً لها، كل ما سمعناه "سكوت" هؤلاء المتهمين إزاء تراجع لمعان الثورة.

فَلَو أن فعلاً ثمة جهة خارجية سعت إلى تمويل الثورة لغاية في نفس يعقوب، ومهما كانت غايات يعقوب وبصرف النظر عن نتائجها، لما خفّت حركة الاحتجاجات في الشارع، ولكانت الثورة المموّلة في مرحلتها الثانية من برنامج هذه الجهة الخارجية... وذلك بصرف النظر ما إذا كانت المرحلتان الأولى والثانية منثورة السفارات أكثر سوءاً على لبنان، أو أفضل ممّا كان عليه إن من الناحية الأمنية أو الإقتصادية!

بناء عليه، فإن ثورة لبنان هي من صناعة شعب لبنان، ولا بدّ من أن يستمرّ هذا الشعب الثائر في انتفاضته الذي توحّد في كلّ ساحات لبنان في بدايات ثورة تشرين في مشهدٍ قلّ نظيره، في مشهدٍ حسدتنا عليه شعوب الدول العربية وحتى شعوب بعض الدول الغربية، كي يحقّق أهدافه المرجوّة المتمثّلة بحقه في ثلاثية "الرغيف" و"الأمن"و"العدل"!!

ممّا لا شكّ فيه أن ثورة تشرين لم تأتِ بثمارها كما كان يُفترض أن تُثمر، لكنّ الحراك الشعبي السلمي في الساحات دقّ ناقوس الخطر وبات الفرقاءالسياسيون تحت المجهر، وبات لصوص السياسة يتردّدون في الاستيلاء على المال العام، لا بل يُحجمون على التطاول عليه.

إنّ انتفاضة الشعب لم تثمر كامل ثمارها وقد فعلت السلطة في نهاية المطاف فعلتها بتشكيل حكومة تكنوقراط غير آبهة بالحراك وبأعمال الشعب(المستنكرة)، على أمل أن تحقق آمالا للشعب الثائر في خضمّ تجاهل السياسات الخارجية سياستها وإقفال الأبواب في وجهها.

ثورة "السفارات" التي خافها السياسيون لم تكن مدعومة من السياسات الخارجية وباتت في نظر القابعين على كراسيهم المفعمة بالفساد بمثابة زوبعة في فنجان ليس إلاّ...

الشعب يُذلّ كل يوم أمام المصارف في ظلمة تقنين سحوبات الأموال بحيث أصبح مقيّداً بالإنفاق على لقمة عيشه من ماله الخاص المدوّن على مقصوصة ورقة مصرفية، علماً أنّه منهوبٌ ومسلوبٌ، في وقت كانت الطبقة السياسية الحاكمة أهلكته بتطميناتها خلال عقود ثلاثة بأن البلد "ماشي" والليرة بألف خير، والقطاع المصرفي على مايُرام، فيما كانوا ينهبونه ويسلبون مال شعبِه ويستغلّون أموال الناس المودعة في المصارف لتسديد ديون الدولة.

وفي السياق ذاته، فإنّ المشاكل التي شهدناها على أبواب الأفران وتدافع الناس في داخلها عشية الإضراب هي مؤشِّر لا بدّ من التوقّف عنده...

ثورة ١٧ تشرين الأول مستمرة وهي تتحوّل وبقوّة إلى ثورة جياع...

إحذروا جوع الناس فعند البطون تضيع العقول ليبدأ المحظور...

ربطةُ خبزِ الفقيرِ تهدّدُ ربطةَ عنقِ الزعيمِ.

إلاّ الخبز يا أصحاب البطون الكبيرة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم