رئيس من ذهب

علي حماده

مع مرور الوقت تتعقد مسألة الحكومة الجديدة، ونقترب أكثر من احتمال أن تتحول حكومة تصريف أعمال بفعل فشلها في الاتفاق على بيان وزاري يحظى بموافقة الأطراف كلها. ولا شك في أن دفاع رئيس الجمهورية عن "إعلان بعبدا" في مواجهة "المعادلة الخشبية" التي يتمسك بها "حزب الله" قد أعاد الأمور الى نقطة الصفر. وكم كنا نودّ أن يأتي الدفاع الحاسم عن "إعلان بعبدا" من طرف ممثلي قوى 14 آذار في الحكومة. لكنّهم، ويا للأسف، غرقوا في لعبة التذاكي واللعب على النص والتعابير والمصطلحات التي جرى تسويقها من الوسطاء. كان على ممثلي 14 آذار أن يوقفوا النقاش عند بند "إعلان بعبدا" على قاعدة أن لا بيان وزارياً ما لم يكن الإعلان هذا جزءاً لا يتجزأ منه، وعلى قاعدة التخلص من "المعادلات الخشبية" أي ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة". فقوى 14 آذار لم تدخل الحكومة مع قتلة رفيق الحريري وسائر الشهداء من أجل إعادة انتاج "شرعية" لسلاح سقطت شرعيته منذ وقت بعيد. وكما قلنا في مقالتنا السابقة: لا وجود لما يسمى "مقاومة". هذه انتهت في قاموس ملايين اللبنانيين. و"حزب الله" تنظيم فاشيستي، مخابراتي، مذهبي، وملاحق في ثلاثة أرباع دول العالم بوصفه إرهابياً.
حسناً فعل الرئيس ميشال سليمان بدفاعه الحاسم عن "إعلان بعبدا" الذي يسمو على البيان الوزاري ويتناقض تناقضاً جوهرياً مع "المعادلة الخشبية". لذلك اعتبره ملايين اللبنانيين رئيساً من ذهب!
من جهة أخرى كنا نتمنى على البطريرك الراعي ألا يتمترس خلال عظته الأخيرة خلف أفكار عمومية، متحاشياً الدفاع عن رئيس الجمهورية الماروني الذي لم يفعل سوى تأكيد أسبقية الدولة، وجميع المبادئ التي أقرت في "وثيقة بكركي". فما الذي منع الراعي من الدفاع عن مبادئ واردة في جميع بيانات مجلس المطارنة؟ ولماذا اعتبر البطريرك الراعي أن الأفضل عدم تضمين البيان الوزاري أي نص خلافي؟
في مطلق الأحوال، أراد الرئيس ميشال سليمان بمواقفه الأخيرة، أن يكون في نهاية ولايته حامياً لمنطق الدولة، وللخيار الوحيد الذي يحمي لبنان من تداعيات الأزمة السورية، فيما "حزب الله" يعمل من خارج منطق الدولة والعيش المشترك في لبنان. ولذا لا نستغرب الحملة التي يديرها الحزب ضد الرئيس سليمان.
إننا مقبلون على تطورات دراماتيكية في لبنان، مردها الى ما يحصل في سوريا، وتورّط "حزب الله" الدموي، الأمر الذي سيؤدي الى انعكاسات أكثر خطورة مما سبق.
قلنا مراراً ونكرر اليوم، لا حل في لبنان ما لم يتم نزع سلاح "حزب الله" وتصفية ماكينته العسكرية – الأمنية، وإنهاء وظيفته الإقليمية الى الأبد. وحده هذا شرط قيامة لبنان.


ali.hamade@annahar.com.lb