الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

أيّتها السلطة Rira bien qui rira le dernier

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
أيّتها السلطة Rira bien qui rira le dernier
أيّتها السلطة Rira bien qui rira le dernier
A+ A-

حرام السلطة، يا ناس. خْتَيّ (خْطَيّ). واقعة في مأزق، في جورة، في بئر نفايات ومجارير، ولا تعرف كيف تخرج من هذه الورطة العظمى. ولا كيف تغتسل. وبأيّ مياهٍ آسنة.

متوتّرة. مهسترة. معميّة القلب والعقل واليد. كلّ يوم تحاول أنْ تنفض عن جسمها نتن اليوم الفائت، لكنّها تعود لتقع في الغلطة ذاتها وتغطس في الجورة النتنة.

راقِبوا أسابيعها الأخيرة، ولاحِظوا اضطراباتها وضرباتها العشوائيّة، على مستوى الحرّيّات العامّة.

تقبض على هذا الناشط لأنّه عبّر عن جوعه ونقمته وغضبه وثورته.

تضرب هذه المدوِّنة لأنّها سجّلت على صفحتها الفايسبوكيّة أو التويتريّة رأيًا قد لا يعجب الوزير الفلانيّ أو الرئيس الفلانيّ.

تدمّم وجه هذا الثوريّ لأنّه اتّهم فلانًا الفلانيّ بما ليس "معصومًا" منه. تعتقل هذا الشاب. تستجوب تلك الصحافيّة. تكسر كاميرا هذه الزميلة. تعنّف هذا الإعلاميّ.

القصد من ذلك كلّه ترهيب أصحاب الرأي المختلف وتعميم الرأي الواحد.

ممنوعٌ حدا يحكي. ممنوعٌ حدا يقول لأ.

هذه عيّنةٌ بسيطةٌ غير نهائيّة بالتأكيد، من الذين تلقّوا عسف هذه السلطة الميمونة في الأسابيع الأخيرة، ولا بدّ من التدقيق في العدد لأنّه ناقصٌ جدًّا جدًّا:

محمد زبيب. أسرار شبارو. ديما صادق. شربل خوري. فراس بوحاطوم. جينو رعيدي. راغدة أديب الهاشم. ربيع الأمين. راتب الصفدي. آدم شمس الدين. رواند أبو خزام. سعادة سعادة. نضال أيّوب. مروان عسّاف. نبيل إسماعيل...

تذكّروا فقط أعمال القمع التي تعرّض لها المتظاهرات والمتظاهرون، وطاولت الناشطين والصحافيّين والمصوّرين.

تذكّروا فقط ماذا فعلوا بـ"خيمة الملتقى" ولقمان سليم في اللعازاريّة.

وتذكّروا خصوصًا ماذا كانوا، قبل ذلك، يريدون أنْ يفعلوا بعصام خليفة.

بمَن؟! بعصام خليفة!

... ولم يستطيعوا.

لو لم تكن السلطة طالعة من ثيابها، وفالتة من عقالها، هل كان ثمّة من سببٍ "جوهريٍّ" آخر لتفسير الملاحقات التي يتعرّض لها هؤلاء المواطنون، ليس لعلّةٍ إلّا لأنهم من أهل الاعتراض والتعرية والفضح؟

أنا متأكّد من الوصف الذي أُطلِقه على هذه السلطة، مثلما أنا متأكّد من تاريخ هذا اليوم، 25 شباط 2020.

هذه السلطة، لا بد من أنْ تكون في حالٍ يُرثى لها، عهدًا وحكومةً ومجلس نوّاب ونظامًا قضائيًّا وأجهزةً أمنيّةً ومخابراتيّة.

والحال هذه، يجب أنْ نبدي بعض الشفقة حيال السلطة وأدواتها البوليسيّة والقمعيّة، وخصوصًا عندما تتذرّع بالقوانين المرعيّة الإجراء لملاحقة الناشطين والإعلاميّين والصحافيّين والمدوّنين وأهل الرأي وأصحاب المواقف النبيلة، هؤلاء الذين يناضلون من أجل الحياة والحرّيّة والكرامة.

يجب وجوبًا مطلقًا أنْ نشفق على هذه السلطة، لأنّ هؤلاء الأحرار الذين يتعرّضون للقمع ليسوا عملاء إسرائيليّين، وليسوا غاسلي دولارات، وليسوا مستأجري بواخر، ولا عاقدي صفقات للكهرباء وسواها، وليسوا شركاء في النفط والغاز، وليسوا ناهبي ثروات عامّة، وليسوا مهرّبي أموال وودائع...

أما كان من الأجدى لو أنّ هذه السلطة، ألقت القبض على ناهبٍ واحدٍ فقط لا غير من ناهبي الأموال العامّةـ أو على ثريٍّ واحدٍ فقط من الذين أثروا إثراءً غير مشروع؟!

أما كان ذلك ليكون شرفًا لا يعدله شرف؟!

قليلًا من الشفقة على السلطة، يا ناس. حرامٌ عليكم. الضرب في الميت حرامٌ، يا ناس.

في المقابل: كثيرًا من الصبر، أيّها المنتفضون الأحرار. كثيرًا من النَّفَس الطويل. وكثيرًا من الوقوف الأبيّ الصنديد في وجه الاستبداد.

الحبل يلتفّ رويدًا رويدًا، بل بسرعةٍ فائقة، حول خناق السلطة. ويشتدّ. وهي تتخبّط. وتنشب أنيابها وبراثنها. و"تقاوم". لعلّها تستطيع أنْ تنفد بجلدها.

إنّها "تقاوم"... من أجل البقاء، وإنْ جثّةً بين الجيف!

حركة التاريخ إلى الأمام، وعِبَر التاريخ تقول للسلطة: Rira bien qui rira le dernier.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم