الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الاعتداء على "النهار" في مطار رفيق الحريري الدولي

أسرار شبارو
أسرار شبارو
الاعتداء على "النهار" في مطار رفيق الحريري الدولي
الاعتداء على "النهار" في مطار رفيق الحريري الدولي
A+ A-

لأن صحة المواطن أولوية، وفيروس كورونا أحد أخطر الفيروسات التي تهدد أمن اللبنانيين الصحي في الأيام الاخيرة، كان قرار "النهار" متابعة الإجراءات المتخذة في المطار واكتشاف مدى مطابقة ما يدلي به وزير الصحة مع كلام الركاب القادمين من المناطق التي ينتشر فيها الوباء، لا سيما الطائرة الآتية من إيران بعد دخول الفيروس إلى لبنان عبر امرأة مُصابَة به هناك.

كان موعد وصول الطائرة التاسعة والربع صباحاً، وصلتُ إلى المطار في هذا التوقيت، استغربتُ بداية عدم وجود أي وسيلة إعلامية، حاولتُ استطلاع أجواء أقارب الركاب القادمين قبل البثّ المباشر على "فايسبوك النهار"؛ كانت الصدمة عند سؤال الشخص الأول عما إذا كان لديه مانع من إعطائنا مقابلة حول الفيروس ومدى مخاوفه على قريبه القادم، فكان جوابه صارماً أنه يرفض الحديث بل ويعترض على ذلك، متسائلاً عن التركيز على الطائرات الآتية من إيران وليس على باقي الرحلات من دول أخرى. وعلى العكس منه، وافق شاب من صور كان ينتظر وصول ابن شقيقه، على الحديث، ووعدني أن يطلب منه عند قدومه، شرح الإجراءات التي خضع لها.

إجراءات هشّة

وصلت الطائرة، تأخر الركاب بالنزول من على متنها لنحو ساعة، بعدها بدأوا بالخروج من قاعة الوصول، حيث شرح أحدهم، وهو طالب طب في إيران، أنه "على عكس مما يتداول، لم يتم إخضاع الركاب لأي فحص لفيروس كورونا، وأن الأمر اقتصر على تعبئة استمارة في ما إن كان الراكب يشعر بعوارض الفيروس، إضافة الى الفحص الحراري السريع؛ وبعد النزول من الطائرة تكرر الأمر داخل غرفة في المطار سألهم فيها طبيب عما إن كانوا يعانون من أي عوارض، وأعاد الفحص الحراري ليخرج الجميع من قاعة الوصول"، وذلك على عكس ما أعلنه وزير الصحة عن أن إجراءات خاصة اتخذت تقضي بنقل ركاب هذه الطائرة من ممرات خاصة تجنباً للاختلاط مع باقي الركاب الموجودين في القاعات. وأكد الراكب: "سأخضع لفحص الكورونا كوني أخاف على صحتي وعائلتي، وسأحجر على نفسي لأربعة عشر يوماً على أمل ألا أكون حاملاً للفيروس".

كتم أصوات المواطنين

بعد التصوير المباشر مع الراكب من دون الكشف عن وجهه، اقتربتُ من سيدة قادمة هي الأخرى على الرحلة ذاتها ، لم يكن لديها مانع من الحديث، إلا أن رجلاً عرّف عن نفسه أنه مسؤول عن حملة عوائل الشهداء التي كانت تزور الأماكن المقدسة في إيران، طلب عدم التصوير، مؤكداً أن هناك قراراً حزبياً بذلك، عندها ابتعدت عنها لأجد سيدة ثانية (لم أعلم أنها هي الأخرى من عوائل الشهداء) كانت في حالة غضب، سألتها عما إن كان لديها مانع من التعبير عما يزعجها على الهواء، أجابت: "كلا"، عندها فتحت البثّ المباشر لأُصدَم برجل يقترب مني ويخطف الهاتف من يدي، سانده بذلك من أطلعني بداية على أن التصوير ممنوع، قال لي: "إنت ما بتفهمي، رح أكسر التلفون"، ليبدي الآخر غضبه، والسبب كما قال: "تركيز الاعلام على الطائرات القادمة من إيران دون غيرها من دون الخليج لا سيما السعودية"، أكدت له أن كلامه غير صحيح، وغايتنا صحة المواطنين ومتابعة مدى صرامة الإجراءات للحفاظ على صحتهم... وبعد عدة محاولات لمنعه من رمي الهاتف أرضاً، أصر على أن أضع الرقم السري له، دخل الى صفحة "النهار" في "فايسبوك" وبدأ بمحو الفيديوات، كما دخل الى ملف التصوير وفعل الأمر نفسه. في ذلك الوقت تجمع عدد كبير من الشبان حولي، اقترب شخص عرّف عن نفسه بأنه ضابط في أمن المطار ومعه شابان، عندها قال له الرجل: "أنا من حزب الله وممنوع التصوير"، أجابه: "نحن من نقرر إن كان ممنوعاً أو مسموحاً"، وبينما كانا يتجادلان أخذت هاتفي وغادرت المكان.

ليت الاستقواء على الدولة يكون من أجل صحة المواطنين، وإلزامها القيام بكل ما في وسعها لحماية الشعب، لكن للأسف، الاستقواء يمارَس على الإعلام لحجب الحقيقة والإجراءات الهشّة المتّبعة.

ادانات

أصدر نقيب الصحافة عوني الكعكي، بياناً جاء فيه "إنّ ما تعرضت له الزميلة أسرار شبارو من أسرة جريدة "النهار"، يأتي في سياق متماد باستهداف الصحافة والإعلام عموماً باعتداءات باتت من أسف شديد شبه يومية. وكأنه لا يكفي "النهار" ما دفعته من أثمان غالية خصوصاً استشهاد الزميل الكبير المرحوم جبران تويني الذي دفع الضريبة الأغلى صوناً للحرية ودفاعاً عن وطن أردناه وإياه موئلاً للحريات كافة على قاعدة السيادة المصانة والاستقلال الناجز. إن ذنب الزميلة أسرار شباور أنها كانت تقوم بواجبها المهني خلال وصول الطائرة الآتية من إيران، فتعرضت إلى الاعتداء الذي لا نكتفي بأن ندينه بقوة بل نطالب السلطات القضائية والأمنية بأن تقوم بواجبها كاملاً في إنزال أشد العقوبات بالمعتدين كائناً من يكونون وإلى أي جهة ينتمون. ولم يعد الشجب والاستنكار يكفيان إزاء هذا التمادي على الصحافيين والإعلاميين عموماً. فالصحافة ليست مكسر عصا ولا هي "الحيط الواطي" إنما هي أبرز معالم الرفعة والصمود في هذا الوطن. ونؤكد، هذه التجاوزات لن تمر من دون عقاب".

وفي السياق، اتصل نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي بشبارو، ووقف منها على حقيقة ما حصل، وأعرب لها عن تعاطفه، مستنكرًا "ما تعرّضت له من اعتداء"، داعيًا السلطات الأمنية في المطار إلى فتح تحقيق في الحادث، وتحمل مسؤولياتها في الحفاظ على سلامة الصحافيين والإعلاميين وأمنهم عند وجودهم في حرمه لتأدية مهماتهم.

واعتبر "إعلاميون من أجل الحرية"، أنّ ما تعرضت له شبارو "أثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ الحريات العامة في لبنان أصبحت مستباحة، وأنّ هيبة الدولة منتهكة. فهذا الاعتداء المصوّر، نفذه أشخاص حزبيون، تجاوزوا القوى الأمنية الشرعية، وسمحوا لأنفسهم بالتصرف المخالف للقانون، كما لو أنها غير موجودة، في مرفق يفترض أن يكون فيه المواطنون بحماية أجهزة أمنهم الرسمية، لا تحت هيمنة قوة أمر واقع تريد فرض سطوتها على أمن اللبنانيين وكرامتهم وحريتهم".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم