الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل تقيّد الانتخابات سياسة روحاني الخارجيّة في ما تبقّى من ولايته؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
هل تقيّد الانتخابات سياسة روحاني الخارجيّة في ما تبقّى من ولايته؟
هل تقيّد الانتخابات سياسة روحاني الخارجيّة في ما تبقّى من ولايته؟
A+ A-

بالمقابل، سيتخطّى عدد مقاعد المستقلّين تلك التي نالها الإصلاحيّون. بذلك، يكون المتشدّدون قد كسبوا عودة بارزة إلى مجلس الشورى بعدما خسروا السباق في الانتخابات الماضية. فقد حقّق المتحالفون مع روحاني 120 مقعداً في مقابل 86 للمتشدّدين والمحافظين سنة 2016.

لعلّ الانتخابات التشريعيّة شكّلت استحقاقاً مهمّاً أظهر حجم الخلاف بين المرشد الأعلى علي خامنئي والمقرّبين منه من جهة والإصلاحيّين والمعتدلين من جهة أخرى. تفاقمت الخلافات بين الطرفين بعد فشل الاتّفاق النوويّ في تحفيز الشركات الكبيرة على العودة إلى إيران حتى خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وازداد إحباط المتشدّدين بعدما فرضت الإدارة الحاليّة أقسى حملة ضغط شهدتها إيران، عازلة إيّاها عن الأسواق الماليّة العالميّة وكذلك تلك التجاريّة.

استبعد مجلس صيانة الدستور حوالي 7000 مرشّح من الانتخابات التشريعيّة بمن فيهم حوالي 90 نائباً في خطوة كشفت الكثير عن مسار النتائج. ويعيّن المرشد الأعلى ستّة أعضاء من الفقهاء في مجلس صيانة الدستور بينما ينتخب البرلمان الستّة المتبقّين من الخبراء في مجالات قانونيّة مختلفة ممّن يعيّنهم رئيس السلطة القضائيّة والمعيّن بدوره من المرشد الأعلى.


عقوبات أخرى

في الوقت الذي كانت إيران تنظّم انتخاباتها، أعلنت مجموعة العمل المالي إعادة إيران على اللائحة السوداء بالنظر "إلى عدم تطبيق اتّفاقيّة باليرمو لمكافحة الجريمة المنظّمة العابرة للحدود" والمرتبطة باتّخاذ إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وكان روحانيّ قد شدّد خلال الأشهرة الأخيرة على ضرورة التزام إيران بمعايير مجموعة العمل قبل انتهاء المهلة في شباط. وفيما كان الرئيس الإيرانيّ يؤكّد أنّ امتثال طهران لقواعد مجموعة العمل سيشكّل غطاء لتجارتها مع أوروبا وآسيا، كان المعارضون لهذا المشروع يقولون إنّ التزاماً كهذا سيقوّض دعم إيران لوكلائها في المنطقة.

وصوّتت إيران على مشروعي قانون من أصل أربعة، لكنّ مجلس صيانة الدستور ومجلس خبراء القيادة عارضا التصويت على قانوني باليرمو ومعاهدات تمويل الإرهاب. وأدّى ذلك إلى مزيد من الضغط على الريال الإيرانيّ. من جهتها، فرضت الولايات المتّحدة عقوبات على خمسة مسؤولين إيرانيّين في مجلس صيانة الدستور وفي لجنة الإشراف على الانتخابات قبل ساعات على فتح مراكز الاقتراع أبوابها.


طهران علامة فارقة

غالباً ما يهتمّ أركان نظام ما بعد الثورة بنسبة الإقبال على الانتخابات بمقدار اهتمامهم بنتائجها. فنسبة الإقبال الكبيرة تعني إيماناً شعبيّاً بشرعيّة النظام. وفيما ناهزت نسبة الاقتراع 62% سنة 2016، تبدو النسبة الحاليّة بعيدة جدّاً من هذا الرقم. وقال قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي قبل يوم من الانتخابات إنّ "كلّ صوت من الشعب هو صفعة على وجه عدوّ."

أعلنت وزارة الداخليّة الإيرانيّة أنّ نسبة المشاركة العامّة في الانتخابات الأخيرة وصلت إلى 42.5%. أمّا في طهران التي تعدّ معقلاً للمعتدلين والإصلاحيّين فوصلت النسبة إلى 25%، فيما فاز المتشدّدون بجميع المقاعد الثلاثين المخصّصة للعاصمة الإيرانيّة. ونسبة المشاركة هذه هي الأدنى منذ تاريخ تأسيس الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران.


أسباب المقاطعة والمشاركون فيها

إنّ نسبة اقتراع كهذه تعبّر في أحد أوجهها عن غضب الناخبين من مسائل شتّى وضمنها إسقاط إيران عن طريق الخطأ طائرة أوكرانيّة كان على متنها العديد من الإيرانيّين خلال إطلاقها صواريخ على قاعدتين عسكريّتين أميركيّتين. وقد تأخّرت طهران ثلاثة أيّام قبل الإعلان عن خطئها. والمظاهرات التي اندلعت في إيران أواسط تشرين الثاني احتجاجاً على رفع أسعار الوقود بين 50 إلى 200%، تعرّضت للقمع الشديد وهو أحد العوامل المساهمة في تخفيض نسبة الاقتراع إضافة إلى التدهور المستمرّ في الاقتصاد. بينما اتّهم خامنئي "البروباغندا" الغربيّة في توسيع حجم المخاوف من فيروس "كورونا" والذي أعلنت إيران الإصابات الأولى بين مواطنيها قبل يومين من الانتخابات.

والفارق في نسبة الاقتراع يصبح أوضح إذا ما تمّت المقارنة مع الانتخابات الرئاسيّة الماضية التي شهدت نسبة إقبال وصلت إلى 70%. أمّا أدنى نسبة اقتراع فكانت 51% خلال انتخابات 2004. ومع ذلك، لا تعطي نسبة المقاطعة الكبيرة للانتخابات فكرة واضحة عن الفئة الكبرى التي أحجمت عن الإقبال على الانتخابات، أكانت الإصلاحيّين أم ناخبي الطبقات الفقيرة. ولم تتقاطع كثيراً مصالح الفئتين في السابق، بعدما شاركت الطبقة الوسطى في ثورة 2009 وحملت مطالب بالحرّيّات والنزاهة الانتخابيّة، فيما شارك الفقراء في تظاهرات 2017-2018 وفي تشرين الثاني 2019 حيث طالبوا للمرّة الأولى بإسقاط النظام.


سنة صعبة على روحاني

بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة من المتوقّع أن يقود عمدة طهران والقائد السابق للحرس الثوري محمد باقر قاليباف مجلس الشورى. وكان الأخير منافساً رئاسيّاً لحسن روحاني سنة 2017. وسيحلّ قاليباف مكان علي لاريجاني في رئاسة مجلس الشورى بعدما لم يترشّح إلى الانتخابات التشريعيّة، استعداداً لتنافس محتمل على الانتخابات الرئاسيّة المقبلة. وفتحت الانتخابات الأخيرة الباب واسعاً أمام الاستحقاق الرئاسيّ سنة 2021 والذي يبدو أنّ حظوظ المرشّحين المعتدلين فيه ستكون ضئيلة، خصوصاً أنّ عمليّة الترشّح ستكون خاضعة لتدقيق مشابه من قبل مجلس صيانة الدستور.

لكن قبل الحديث عن الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، قد يكون بوسع المتشدّدين استخدام النتائج لتقييد السنة الأخيرة من ولاية الرئيس الحاليّ. والهدف المحدّد: سياسته الخارجيّة. هذا ما تعتقده الباحثة البارزة في "المجلس الأوروبّيّ للعلاقات الخارجيّة" إيلّي جيرانمايه: "إذا سيطر معارضو روحاني على البرلمان، فسينظرون إلى ذلك على أنّه ذخيرة تحفّزهم، ولن يريدوا أن يكون له أيّ نجاح في سياسته الخارجيّة خلال سنته الأخيرة."



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم