بالصور- "بيت التيار" وصخور نهر الكلب... "الدولة لا تمتلك حق التدخل"

ريجينا الأحمدية

رغم الانهيارات الجمة التي ضربت معظم القطاعات اللبنانية وأضخمها، لا زالت مقولة "بتهتز وما بتوقع" مصدر تفاؤل عدد من اللبنانيين. أمّا الطبيعة والآثار فيشكلان جزءاً من كيان البلد، لذلك تعلو الصرخات عند رؤية الكسارات تنهش في الجبال أو تهدم المعالم الأثرية.

وقد انتشر فيديو تظهر فيه جرافات وآليات تعود إلى المتعهد داني خوري في نهر الكلب وعلى مقربة من اللوحة الأثرية لإتمام بيت "التيار الوطني الحر" المركزي. ووفقاً لما يظهر في الفيديو، فقد طالت الأعمال الدرج الأثري واقتربت من اللوحات التاريخية. وتعالت الأصوات على مواقع التواصل رفضاً لتشويه الأثر البيئي.

ومن وجهة نظر "التيار الوطني الحر"، فالعمل قانوني ولا يشكل أي خطر أو تشويه بيئي. وفي السياق، قال النائب إدي معلوف لـ"النهار": "لا نقوم بشيء خارج عن القانون، وقد تأخر البدء بالعمل إلى أنّ حصلنا على جميع الأوراق القانونية، وبناء المقر ليس سرًّا، لا من ناحية الموقع ولا حتى التمويل"، معتبراً أنّ الحملة التي طالت بناء مقر "التيار الوطني الحر" هي "استهداف سياسي".

وقد أوضح مسؤول منشآت التيار المهندس فادي حنّا أنّ "التيار الوطني الحر استحصل على كل الرخص اللازمة من وزارة الثقافة والبيئة والسياحة بالإضافة إلى المجلس الأعلى للتنظيم المدني ونقابة المهندسين واتحاد بلديات المتن ضمن الأطر القانونية قبل القيام بأي خطوة في مسار تشييد مقرّه الجديد. وفي 7 آب أقمنا احتفال التيار في المقر نفسه، ولم نمنع أحداً من التصوير، إذاً لا نقوم بتخبئة عملنا"، مضيفاً أن "التيار تراجع عشرين متراً إضافياً لعدم الاقتراب من سياج الموقع، وأمّن له خط حماية، بالإضافة إلى استغلال ثلث المساحة المسموح لنا بها، وما تبقى منها كلها مساحات خضراء". وتابع: "نشرنا بكل فخر فيديوات مفصلة للبناء مستقبلياً".

من جهته، يعتقد نقيب المهندسين جاد تابت في اتصال مع "النهار" أن المشروع "يشوّه المشهد البصري للموقع شأنه شأن عقارات أخرى نشأت على مقربة منه"، لكن النقيب لا ينفي أن أصحاب المشروع حصلوا على الرخص القانونية من الجهات المعنية. وأوضح أنه "ليس من صلاحية النقابة أن تعطي رخصة أو أن تحجبها لكنها تسجّل المعاملة بعد نيل أصحاب المشروع الرخص اللازمة". وكذلك ليس لنقابة المهندسين سلطة على الورش، "لكن اذا تقدم أحدهم بشكوى بوجود مخالفة يمكننا أن نكشف على الموقع للتأكد". 

وحاولت "النهار" التواصل مع الرهبانية المارونية، المالكة الأساسية للعقار، حول هذا الموضوع، إلا أنّ الأب إيلي خليل رفض التعليق.

ولأسباب قانونية لا تستطيع الدولة اللبنانية التدخل ومنع التيار من بناء مقره وفق مصادر في وزارة الثقافة قالت لـ"النهار"  أنّ "الوزارة حاولت تقليص مساحة الاستثمار لكن الدولة لا تملك الأرض، لذلك لا تستطيع توقيف المشروع، فليس لدينا الحق قانونياً"، مردفة أنّ "حدود نهر الكلب ضعفت منذ الخمسينيات بسبب شق الأوتوستراد وحفر النفق، ما أدّى إلى تغيير المعالم الطبيعية"، مشددة على أنّ "موقع المنطقة ذو طابع تراثي عالمي، وهو موضوع على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي".

ويبدو انّ البلدية لا ترى أي انتهاك بيئي في حق المنطقة الذي يعود تاريخ آثارها إلى آلاف السنين. فبدورها أفادت مصادر في بلدية الضبية أن العمل لو كان غير قانوني "لتم توقيفهم منذ ستة أشهر، وكل ما يتم تداوله من أخبار حول التشويه وتهديد الطابع الأثري هو عارٍ من الصحة".

ووفقا لرئيس "حركة المستقلون" وعضو اللقاء المتني  رازي الحاج، فان "تجارب البلد السابقة مع المتعهد داني خوري ليست مشجعة كما أنه قدم أعمال الحفر لبيت التيار المركزي من دون مقابل وهنا تطرح علامات الإستفهام". وطالب الحاج "بموقف من قبل وزارة الثقافة والرهبنة المارونية"، مشددا على أن "هناك عقارات كثيرة تحوّلت إلى مشاريع سياحية وإعلامية في الموقع نفسه لكن بيت التيار يمكن رؤيته بشكل واضح من الطريق العام"، مؤكدا على أن "الموضوع ليس سياسياً  ولا إستهداف للتيار".

كي لا تهتزّ المعالم الأثرية المتبقية من أيام لبنان الجميل، تحاول بعض الجهات تسليط الضوء على ما تعتبره انتهاكات بيئية. فهل يقف القانون في صف البيئة؟ وهل تُفصل السياسة عن حسابات القانون والبيئة؟ لابدّ أن في السؤالين أحجية كبيرة.