قاموس الأبجدية

هديل المغربي

لم نفكر يوماً في سبب التغير الكبير في أشكال الأحرف الأبجدية، ففي قاموس الأبجدية حروف مستقيمة وأخرى متعرجة، حروف منقوطة وأخرى فارغة، وكل منها يحمل معنى مختلفاً وينفرد بصورة مميزة، لكن هذه الأحرف لا تعلم أنها كانت سبباً في الفرح تارة، وسبباً في الحزن تارة أخرى، فهي أحياناً كالزهور في الربيع تتفتح وتكتب عناوين ملونة، أما في الخريف فهي تعبر خجولة وباهتة المظهر تكاد تكمل كتابة العناوين، لو تدرك هذه الأحرف أهميتها وقدرتها على التعبير عن أشكالنا، أفكارنا، أحاسيسنا وحتى هفواتنا، لكانت أكثر حكمة وأكثر صبراً، لكانت قد وضعت الابتسامة على رأس أولوياتها، وتخلت عن الوجع والألم للأبد،

لكنني وبعد تفكر محيص، وجدت أن في اختلافها تعاوناً على اكتمال نسج العنوان اليومي، وكأن بعضها يكمل البعض الآخر، ووجدت أن الفرح والحزن مقسمان في حياتنا كما هي مقسمة هذه الأحرف في القاموس، لا نستطيع التحكم بما ستكتبه هذه الأحرف غداً، ولا نستطيع انتقاء أحدها لنفسنا، بل يتوجب علينا فقط الانتظار حتى آخر صفحة من قاموس الأبجدية!