هل يمكن أن تحقق المصابة بداء الصرع حلم الأمومة؟

في السنوات الماضية كان داء الصرع يشكل عائقاً حقيقياً في حياة من يعانيه بحيث إنه كانت هناك صعوبة لدى المريض في أن يعيش حياة طبيعية. إلا أن التطور في المعرفة والرعاية الطبية للأشخاص المصابين بالصرع وارتفاع مستوى الوعي لدى عامة الناس كلّها عوامل غيرت الكثير من المفاهيم الخاطئة. وفي ما يتعلّق بالحمل تحديداً، تؤكد الطبيب الاختصاصية في أمراض الجهاز العصبي وداء الصرع في مستشفى "أوتيل ديو دو فرانس" الدكتورة جانين الحلو نسبة 90% من النساء المصابات بالصرع يستطعن الحمل وإنجاب أطفال أصحَّاء.

من المهم أن تعرف النساء المصابات بالصرع بأن تحقيق حلم الأمومة ليس بالأمر المستحيل في حال الإصابة بداء الصرع. إذ يمكنهن السعي لتحقيق حلمهن بتأسيس عائلة وعيش حياة طبيعية. إلا أن ثمة شرطين أساسيين، بحسب الدكتورة الحلو، لا بد من الارتكاز عليهما في هذه الحالة: العناية الطبية الخاصة والمتابعة المنتظمة مهمة لتحقيق سلامة الأم والجنين. فمن المؤكد أن الحمل المترافق مع داء الصرع قد يحمل المزيد من المخاطر إلا أن المتابعة والتقيد بالعلاج كفيلان بتجنب أي خطر او أذى يطال الأم أو الجنين. ومن المضاعفات التي يمكن التعرض لها نتيجة نوبة الصرع حالة eclampsia التي تعتبر من الحالات النادرة وصعبة من الـpreeclampsia أو ارتفاع ضغط الدم المترافق مع الحمل. وفي هذه الحالة قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم خلال الحمل إلى نوبات.في الأدوية وآثارها الجانبية

نظراً لضرورة تقيّد الحامل بالعلاج، تبرز هنا خطورة تعرّضها إلى الآثار الجانبية الناتجة من الأدوية الخاصة بداء الصرع. لكن في الواقع، تؤكد الدكتورة الحلو أن الحامل لن تواجه هذا النوع من المخاطر إذ يمكن الحدّ من الآثار الجانبية للأدوية المقاومة للصرع في حال الحمل، خصوصاً أنه أصبح ممكناً التحكم بنوبات الصرع وضبط الحالة باللجوء إلى دواء واحد وليس مجموعة من الأدوية. حتى إن بعض النساء يمتنعن عن تناول أدوية الصرع خوفاً من آثارها السلبية المحتملة على الجنين. لكن تشدد الدكتور حلو أن هذا قرار يجب ألا تتخذه الحامل وحدها، إنما بعد استشارة الطبيب إذ قد تكون الأدوية ضرورية في إطار العلاج لحالتها بهدف ضبط الحالة وحمايتها وحماية الجنين من أية مخاطر يمكن ان تتعرض لها جراء إصابتها بداء الصرع. وبالتالي على الحامل أن تتقيّد بالعلاج وتتناول الأدوية بحسب الوصفة الطبية حفاظاً على سلامتها وسلامة الجنين.


الـرِضَـاعـة الطبيعية

تشكل الرضاعة الطبيعية صلة وصل تقوي العلاقة بين الأم والطفل. ويعرف عن الحليب الطبيعي بأنه يتفوق إلى حد بعيد على الحليب الصناعي لما له من فوائد عديدة. ولكن إذا كانت المرأة تتناول الأدوية مقاومة للصرع، يجب أن تعرف أن بعض هذه الأدوية قد يختلط بالحليب ويهضمها الطفل. هذا بحد ذاته لا يسبب مشاكل خطيرة. إلا أن الآثار الجانبية لوحظت على النساء اللواتي يتناولن (فينوباربيتال) و(ميسولين) حيث أن امتصاص الطفل لهذه الأدوية مع حليب الأم أثناء الرضاعة قد يسبب له التخدير ويجعله كسولاً وضعيفاً في الرضاعة وبالتالي لا يزيد وزنه كما يجب. انطلاقاً من ذلك، بحسب الدكتورة الحلو، تنصح المرأة التي تتناول هذين الدواءين غالبًا بعدم إرضاع طفلها.

وتشدد الدكتورة الحلو على أهمية فهم المجتمع ككل لداء الصرع وإدراك كافة الحقائق المرتبطة به. ففي الواقع ليس داء الصرع حالة جنون كما يتصور البعض. كما أنه لا يتعارض مع حياة طبيعية ومثمرة، فمن مشاهير مرضى الصرع نذكر نابليون بونابرت، فنسنت فان غوغ، ألفريد نوبل وكان لهم أثر كبير في التاريخ... وبالتالي قد لا يقل عنهم أهمية أي من مرضى الصرع.