الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

شي أطاح نخباً كثيرة بعد تسلّم الحكم... "كورونا" فرصة للانتقام؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
شي أطاح نخباً كثيرة بعد تسلّم الحكم... "كورونا" فرصة للانتقام؟
شي أطاح نخباً كثيرة بعد تسلّم الحكم... "كورونا" فرصة للانتقام؟
A+ A-

تعويض سلطويّ عن الحياة الصعبة؟

بحسب الباحث البارز في معهد لوي الأوستراليّ ومؤلّف كتاب "شي جينبينغ: الحركة الارتدادية" ريتشارد ماكريغور، لم يكن صعود شي إلى الحكم وترسيخ قبضته على السلطة خالياً من صنع الخصوم. وسرد في مجلّة "فورين أفيرز" أنّ الأميركيّين شعروا بأنّ شي سيكون أقوى من سلفه هيو جينتاو، ومع ذلك، لم يتوقّعوا أن تكون سياسته الخارجيّة بهذه الجرأة. أتى ذلك بعدما زار نائب الرئيس الأميركيّ السابق جو بايدن بيجينغ سنة 2011، أي قبل سنة على وصول شي إلى الرئاسة.

سيكون لشخصيّة شي النابعة عن تجربته الخاصّة تأثير كبير على مسار الأحداث في الصين. كما يمكن أن ترسم احتمالات عن كيفيّة تعامله مع الأزمة الحاليّة وتداعياتها على المستوى القياديّ.

أوضح ماكريغور أنّ شي طرح على ضيفه الكثير من الأسئلة عن السياسات الأميركيّة. وبعكس الزعماء الصينيّين المتكتّمين، تحدّث عن حياته وحياة والده شي جونغشون الذي كان ثوريّاً بارزاً في الجيل الأوّل للحزب الشيوعيّ الصينيّ وأصبح نائباً لرئيس مجلس الدولة في عهد ماو تسي تونغ. لكنّه أقيل من القيادة بعدما دعم خصوم ماو وأودع السجن كما تعرّض للإذلال العلنيّ. وضايقوا ابنه مجبرين إيّاه على المغادرة صوب الريف. ولم تتمّ إعادة الاعتبار لجونغشون إلّا أواخر السبعينات بعد موت ماو. على الرغم من كلّ ذلك، قال شي لزوّاره إنّه يرفض أن ينتقص من قيمة ماو ومن محوريّته ومحوريّة الحزب في قيادة الصين.

انتسب شي للحزب الشيوعيّ الصينيّ سنة 1974 وتدرّج في مناصب مختلفة. وفي سنة 2007، أصبح الأمين العام للحزب في ثاني أكبر مدينة في الصين: شنغهاي. منذ ذلك الحين، ارتفعت أسهمه كخلف لهيو جينتاو. تمّ ترشيح شي لأنّه كان مطواعاً ويفتقر لقاعدة شعبيّة وفقاً لما نقل الباحث عن وكالة "رويترز". لكن لاحقاً، "تبيّن أنّ مرشّح التسوية هو القائد الأكثر رفضاً للقيام بتسويات" بحسب لماكريغور.

"خيانة" و "غضب"

منذ وصوله إلى الحكم، أدخل شي تغييرات سريعة وشاملة وفرض على المسؤولين قواعد جديدة للحكم ورسم إطاراً عامّاً للأفكار التي يجوز ولا يجوز مناقشتها وبدأ بسجن منتقدي الحزب. قد يكون الأهمّ من كلّ ذلك، حملة مكافحة الفساد التي أطلقها شي سنة 2012 والتي شملت التحقيقات فيها 2.7 مليون مسؤول. أمّا العقوبات فقد طالت 1.5 مليون شخص من بينهم جنرالات رفيعو المستوى وأعضاء في المكتب السياسيّ والوزارة.

هذه السياسات أغضبت الآلاف من العائلات الثريّة والمرتبطين بها ممّن رأوا حياة الترف والامتياز تُدمّر خلال الحملة وستحمل غضبها على شي "طوال أجيال". كما أغضبت النخب التكنوقراطيّة التي شعرت ب "الخيانة" من حصر شي السلطات بين يديه وتودّده لاقتصاد الدولة بعيداً من الإصلاحات القانونيّة وفقاً لما ذكر ماكغريغور في مقاله.

إذا أخفق شي في التعامل مع فيروس "كورونا"، هل ينتهز هؤلاء الغاضبون الفرصة لمواجهة شي؟ ما يرفع من هذه الاحتمالات أنّ "كورونا" ليست المشكلة الوحيدة في الصين. التظاهرات في هونغ كونغ، والانتخابات الرئاسيّة في تايوان التي أعادت تساي إينغ-وين إلى الرئاسة، والتنازلات التي قدّمتها الصين لصالح ترامب في "المرحلة الأولى" من الاتّفاق التجاريّ هي مشاكل إضافيّة يمكن أن تراكم الغضب. بالفعل، قد يكون الفيروس الجديد والإطار الزمنيّ الذي تفشّى فيه تحدّياً بارزاً لشي، أو ربّما يكون "صدمة كبيرة لشرعيّة الحزب الحاكم" وفقاً لتعبير الكاتب في السياسات الصينيّة رونغ جيان خلال حديث إلى "نيوروك تايمس". وأضاف: "لا شكّ في سيطرته على الحكم، لكنّ طريقة السيطرة وعواقبها آذت شرعيّته وسمعته."


فرصة للانتقام؟

على الرغم من ذلك، من غير المتوقّع أن تخرج اعتراضات علنيّة لحكم شي. يقول زميل كرسي فريمان للدراسات الصينيّة في "مركز الدراسات الاستراتيجيّة والدوليّة" جود بلانشيت للصحيفة نفسها إنّ لوجستيّات تنظيم تحدّ للقيادة صعبة للغاية.

وحملت "النهار" هذا السؤال إلى ماكريغور الذي نبّه من الذهاب بعيداً في فرضيّة أن ينتفض هؤلاء الغاضبون على الرئيس الصينيّ حاليّاً في حال تفشى المرض أكثر وواجهت بيجينغ صعوبات في تطويقه.

وجد الباحث أنّه "المبكر جداً الحديث عن ذلك. يعتمد الأمر على الوقت الذي تستغرقه السيطرة على الفيروس (والذي يستغرقه) الاقتصاد كي ينهض وتدور عجلته بحسب المعتاد."

تراجع شي عن الأضواء خلال الأسابيع الماضية ربّما كي لا يتلقّى سهام الانتقادات مباشرة. ليس معنى ذلك وجود خطر على موقعه. بل على العكس وفقاً لماكريغور: "في الوقت الحاليّ، موقع شي محصّن داخل الحزب". عوضاً عن ذلك، سيكون الحافز الأوّل لمعارضي شي في هذه الأزمة "لوم ومحاكمة المسؤولين المحلّيّين. بعد ذلك، علينا أن ننظر إلى مؤشّرات انقسام وسخط في المركز."

وختم ماكريغور أنّه حتى مع هذه الفرضيّة، لن يرى المراقبون تظاهرات كبيرة في الشوارع كما حدث في لبنان. "لكن عوضاً عن ذلك (سينتشر السخط) عبر حديث مسؤولين رفيعي المستوى وأكاديميّين بشكل علنيّ."

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم