الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هذه الحكومة زانية وكاذبة وكالإسخريوطيّ خائنة

عقل العويط
عقل العويط
هذه الحكومة زانية وكاذبة وكالإسخريوطيّ خائنة
هذه الحكومة زانية وكاذبة وكالإسخريوطيّ خائنة
A+ A-

المرء، رجلًا أكان أم امرأةً، حرٌّ في أنْ يزني. لكنّه لا يحقّ له أنْ ينادي بالعفّة، وهو زانٍ.

المتظاهرون الذين توافدوا من أمكنةٍ ومواقع عدّة، إلى شوارع العاصمة اللبنانيّة الأبيّة، كما في طرابلس، والنبطيّة، اليوم، وأمس، وقبله، وقبله، بأيّامٍ، بشهرٍ وشهرين وثلاثة، أو بشهورٍ، بل بسنواتٍ وأجيال، ليسوا من أهل الزنى، ولا مرتزقةً، ولا مأجورين، ولا قطّاع طرقٍ، ولا سلبيّين، ولا فوضويّين، ولا أيضًا مخرِّبين.

المتظاهرون هم دائمًا أصحاب حقّ (وإنْ تغلغل في حشودهم المدسوسون والعملاء). وهم يطالبون دائمًا بحقوقهم. فقط بحقوقهم.

السلطة التي تتّهم هؤلاء المتظاهرين بالشغب، بالعنف، بالزنى، هي نفسها المشاغبة، العنيفة، الزانية. لأنّها كاذبة.

أتريد هذه السلطة، أتريد هذه الحكومة، من هؤلاء المتظاهرين فترة سماح؟! عال. فلتنفّذ مطالبهم – حقوقهم. هكذا يخرجون من الشارع.

هذا هو الحلّ المقترَح. وإلّا الانهيار المطلق، وعلى كلّ المستويات. إذ، عبثًا، تراهن السلطة، كلّ السلطة، على إشاعة الخَوَر والتعب والوهن في أجسام المتظاهرين الثوّار، وفي عزائمهم. ذلك لن يجديها نفعًا.

أخاطب السلطة بمنطق المواطنين المقهورين البسطاء الطيّبين الأوادم. فعجبًا، كيف لا تفهم هذه السلطة "سرّ" الشعب، وهو هؤلاء المواطنون المقهورون البسطاء الطيّبون الأوادم؟

يا لها غبيّة. نعم، غبيّة.

لأنّها تواجه شعبها المقهور، لكن الثائر بعد طول انتظار، تواجهه بمنطق الحياة العاديّة. والأيّام العاديّة. والظروف العاديّة.

وتواجهه بترف الوقت. وبالبيروقراطيّة. وبالمماطلات. وبالأكاذيب. وبالوعود. وبالأساليب المتّبعة في الأنظمة الاستبداديّة.

لكنّ هذا الأسلوب لن يمشي بعد الآن. فمن المستحيل أنْ تتمكّن هذه الحكومة – وأطراف العهد من ورائها – من فرض هيبتها في الداخل والخارج.

وإذ يحاول المتظاهرون إبداء المرونة والإيجابيّة، تعمد السلطة إلى استدراج المدسوسين والعملاء، بل ترسلهم بنفسها لتشويه انتفاضة الشعب السلميّة.

يوجّه المتظاهرون النداء تلو النداء. لكن لا أحد من أهل السلطة يريد أنْ يسمع. وأنْ يتجاوب.

أحمّل الحكومة مجتمعةً، برئيسها خصوصًا، وبالأعضاء كافّةً، ولا سيّما منهم وزيرا الداخليّة والدفاع، مسؤوليّة ما يجري اليوم الإثنين في الشارع.

أنبّه الوزراء الأوادم في هذه الحكومة إلى ضرورة أنْ يخبطوا بأيديهم على الطاولة، من أوّل الطريق. ولِمَ لا: أنْ يسحبوا أيديهم، ويغسلوها، وأنْ يهدّدوا بالاستقالة. بل أنْ يستقيلوا، وأيضًا من أوّل الطريق.

يُقال في الأمثال العامّية، "قتل البسّ (الهرّ) يكون في الليلة الأولى، وليس في الليلة الثانية أو الثالثة".

أمّا اعتبار أنّ الثورة ليست ثورةً، والانتفاضة ليست انتفاضةً، وأنّ الحياة عندنا هي حياةٌ عاديّة، تُعالَج مشكلاتُها بالطرق والوسائل العاديّة، ظنًّا من الحكومة (ومَن وراءها) أنّها بمثل هذه الطريقة، تسخّف كلّ ما يجري، وترسّخ سلطتها، وهيبتها... فذلك كمَن يصوّب المسدس إلى رأسه.

هذا ما يبدو أنّ الحكومة – بل السلطة، كلّ السلطة - تفعله الآن.

أقول لهذه الحكومة، ولأدواتها الأمنيّة، إنّها بهذه الطريقة المتخلّفة لن تكسب ثقة شعبها، ولن تعوّم نفسها. بل تكسب الحقد. والكراهيّة. وتؤجّج الغضب الشعبيّ العارم.

هرب الحكومة إلى الأمام، وتضييع الوقت، بالعكوف البيرقراطيّ على تدبيج بيانها الوزاريّ، وتوسيع بيكار أعمالها و"طموحاتها"، واليوم – هذا اليوم الإثنين بالذات – بنزولها الوقح إلى المجلس، لتكون شاهدة زور على جلسة الموازنة، إنّما هو مهزلة المهازل.

أقول لهذه الحكومة – الدمية، إنّ القمع بالاعتقال، بالضرب، بالعنف، بكمّ الأفواه، وحتّى... بإعلان حال الطوارئ، لن ينفع.

بلى. يعمّق الهوّة. ويفتحها على قعرها غير القابل للردم أو الانسداد.

... أمّا وقد ارتكبت الحكومة خطيئةً مميتةً اليوم، بل خطيئتين، الأولى بالنزول إلى المجلس، والثانية بممارسة هذا القمع الرهيب في حقّ شعبها، فهي تحكم على نفسها بالإعدام.

لن نطلب شيئًا من هذه الحكومة. هي ليست حكومتنا.

ولكنّها إذا إرادت أنْ تستلحق نفسها، فليس عليها سوى – فورًا والآن - إطلاق النفير الرسميّ – القانونيّ في العالم، ولدى المراجع الدوليّة والأمميّة، والدول والمؤسّسات التي تملك تقنياتٍ تكشف الثروات المجمّعة عبر أساليب الفساد المتنوّعة والمتذاكية، لاستعادة الأموال المنهوبة والمهرّبة فورًا، وفضح ناهبيها ومهرِّبيها، وإطلاق محاكماتهم... لا مناقشة الموازنة التي وضعتها الحكومة السابقة المشؤومة، لأنّ هذه المناقشة تمثّل اغتصابًا مزدوجًا واضحًا وصريحًا للدستور. ذلك أنّ هذه الحكومة لم تنل الثقة، وهي لم تضع الموازنة، فكيف تناقشها؟ وبأيّ حقّ؟! (بدّو يسمحلنا فيها "سيّد نفسه"، ورئيس مجلس النوّاب، والنوّاب).

لا نثق بأحد على الإطلاق. لن نثق بأحد.

الإعدام للحكومة، أو كلحظة سماحٍ لا تتكرّر، المطلوب منها، الآن، وفورًا، إطلاق هذا النفير العملانيّ، التطبيقيّ، وملاحقته، ليلَ نهار، وتحت الضوء الباهر، وحيث تدعو الحاجة، إلى أنْ يؤتي ثماره، وهي ملك الشعب المقهور حصرًا.

الحكومة ليست صادقة. بل كاذبة. بل زانية.

فلتثبت العكس اليوم لا غدًا، وخصوصًا بعد خطيئتَيها المميتتَين، المذكورتَين آنفًا.

فلتثبته بإطلاق هذا النفير القانونيّ الرسميّ، باسم الدولة اللبنانيّة.

بهذا فقط قد نعطيها لحظة سماح، ضيّقة، محدّدة، هادفة، ومبرمجة. وإلّا... فالبكاء وصريف الأسنان.

لكنْ، هل تجرؤ هذه الحكومة الرهينة؟ هل تجرؤ أنْ تكون حرّةً سيّدةً مستقلّة؟

وإذا تجرّأ واحدٌ من أعضائها، أو إثنان، فهل هي قادرةٌ على أنْ تكون وفيّةً وأمينةً لشعبها؟

أوّل الطريق يشي بآخره.

اليوم، هذا اليوم الإثنين، ارتكبت الحكومة فعل الزنى، وهي تتواقح برفع لواء العفّة.

اليوم، هذا اليوم الإثنين، فعلت الحكومة ما فعله الإسخريوطيّ بسيّده. فهي خائنة.

وفي هذه الحال، يكون السيف قد سبق العذل.

... وآنذاك، لا يعود ينفع، لا ندمٌ، ولا شنقُ ذات، ولا بيانٌ وزاريٌّ، ولا ثقةٌ، ولا قمعٌ، ولا إرهابٌ، ولا نفيرٌ، ولا دولارٌ، ولا بكاءٌ، ولا صريف أسنان!

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم