"آخر نفس" للصناعة اللبنانية والصناعيين

يتنفس لبنان بمواطنيه وكافة قطاعاته النفس الأخير قبل الانهيار، فالسيولة غير موجودة، والاستثمارات متوقفة، والشركات تُقفل أبوابها أو في أفضل الحالات تخفف من عمالها وتسدد نصف رواتب لموظفيها، أما الحلول المالية والاقتصادية فلا تزال غائبة. في المقابل، يعيش المواطن معاناة كبيرة جراء ارتفاع أسعار معظم المنتجات، إذ معظمها مستورد وبات أغلى إثر الفرق الحاصل في سعر صرف الدولار في سوق الصرافين السوداء، وصعوبة الحصول على العملة الصعبة في ظل قيود المصارف.

من هنا، بدأت تعلو صرخات المواطنين وكافة القطاعات على حد سواء، سوف تكلّلها جمعية الصناعيين بإجراء لقاء في Seaside Arena، الاربعاء في 21 كانون الثاني 2020، تحت شعار "آخر صرخة... آخر فرصة"، بمشاركة صناعيين من جميع الأراضي اللبنانية، إضافة إلى عدد من النواب، وذلك في الساعة الثالثة من بعد الظهر.

ويعرض الصناعيون في هذا الحدث المطالب التي يحتاجها القطاع للاستمرار أولاً وللتنمية، كما يُبرز دور الصناعة في نمو الاقتصاد اللبناني، وأهميته في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها لبنان حالياً.

وأكدّ رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميّل لـ "النهار" أنّ المطالب التي ستُعرض مرتبطة بشحّ المواد الأولية التي تُشكل ضغطاً على استمرار الصناعة، وبالتالي نُطالب بمعالجة هذا الموضوع بأسرع وقتٍ ممكن، خصوصاً أنّ الصناعة في لبنان أثبتت جدارتها وقدرتها على المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني، وخلقت فرص عمل كثيرة للشباب الذي عانى لسنوات طويلة من البطالة". كما ذكّر بحديثه السابق عن أنّه على القطاعات الاقتصادية أن تخلق فرصاً للشباب، وتحديداً القطاعات المنتجة وعلى رأسها الصناعة.

وأشار الجميّل إلى أنّ الصناعة تخلق فرص عمل مباشرة في القطاع تحديداً، أو عبر تفعيل باقي القطاعات كالتجارة واستيراد المواد الأولية والتوزيع والمصارف والنقل والخدمات وغيرها.

وعن مشاكل الصناعة في الفترة الراهنة وسط الضغوطات الاقتصادية التي يشهدها لبنان، والشحّ الكبير في السيولة، تحدّث الجميّل عن معاناة الصناعيين في تسديد الرواتب، مطالباً بتوفير السيولة اللازمة لتأمين متطلبات العمّال من جهة، ولتفعيل قدرات القطاع من جهة أخرى. بينما أشارت المدير العام للمركز اللبناني للتغليف "ليبانباك" سهى عطالله إلى أنّ الهدف من المشاركة في تجمّع الصناعيين هو إطلاق "آخر صرخة"، وتحديداً بعد الاجراءات التي اتخذتها المصارف ومنعت الصناعيين من تحويل اعتمادات لشراء مواد أولية للاستمرار بأعمالهم. واعتبرت أنّ "الصناعة من القطاعات الأساسية في البلاد والتي تؤمن وظائف لـ 195 ألف عائلة مهددون حالياً بالتوقف عن العمل، أو حتى أن تصل الشركات والمعامل إلى الاقفال أيضاً، متمنية أن لا تصل الأمور إلى هنا". 

بدورها، بدأت المديرة التسويقية لمؤسسة PandaPlast رندلى قاسم حديثها لـ "النهار" بالقول: "لن نسمح لأحد أن يمحو عبارة "صنع في لبنان" لا من فكرنا ولا عن منتوجاتنا"، مشيرة إلى أنّ لبنان سيكون قوياً إن كانت قطاعاته الانتاجية قوية وفي مقدمتها الصناعة والزراعة. وتحدثت عن معاناة الصناعيين بدءاً بالحدود غير الشرعية والتهريب إضافة إلى غياب الدعم الرسمي، والتي تكللت أخيراً بقرارات مصرفية مجحفة. واعتبرت أنّ المشاركة في هذا التجمّع للتأكيد على "أنّ صرختنا واحدة".

الدور الكبير للصناعة في النهوض الاقتصادي سيكون له امتحان كبير لإثبات وجوده وأهميته حالياً، لذلك ناشد الجميّل المسؤولين والمعنيين بتحقيق مطالبهم بأسرع وقت ممكن للاستمرار في العمل وتخطي الصعوبات الحالية.

الدعم الهزيل الذي لاقته الصناعة على مرّ السنوات الماضية، جعلها تدخل في دوامة الصراع الموجودة، إلا أنّ الأزمة الحالية أعطتها حقّها من جديد، خصوصاً أنّ الصناعة الوطنية تساهم في تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي الداخلي، وقد تكون سبيلاً لفتح أسواق جديدة.