بين الطائفيّة والحرّيّة

لبنان منذ نشأته كدولة بُني على الطائفيّة، بحيث تتوزّع أهمّ وظائف الدولة على المواطنين بحسب طوائفهم. كما بُني أيضًا على نظام الأحوال الشخصيّة الذي يرعى شؤون المواطنين ولا سيّما في الأمور المتعلّقة بالزواج بحسب طوائفهم المختلفة. لكنّ الفكر المعاصر تطوّر وانتشرت بين المواطنين فكرة مساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، ونشأ مفهوم المجتمع المدنيّ الذي لا ينظر إلى الأشخاص استنادًا إلى انتمائهم الطائفيّ بل إلى كفاءتهم وقدرتهم على الإسهام في إنماء الدولة وازدهارها. كما توسّع مفهوم المجتمع المدنيّ ليشمل نظامًا واحدًا في ما يتعلّق بالأحوال الشخصيّة، وراح البعض يطالبون بالزواج المدنيّ بحسب قانون يتساوى فيه جميع المواطنين إلى أيّ طائفة انتموا.هذا التطوّر ترافق مع تطوّر مفهوم الحرّيّة الذي انتشر في الفكر الغربيّ في عصر الأنوار وأدّى إلى اندلاع ثورات في مختلف البلدان، نجم عنها فصل الدين عن الدولة، وإنشاء نظام مدنيّ خاصّ غير مرتبط بالدين وبشرائعه. وهذا النظام مبنيّ على قوانين مدنيّة يتساوى فيها جميع المواطنين إلى أيّ...