2020 هي أوّلُ سنةٍ "جديدةٍ" منذ سنةِ 1992. ما خلا سنتَي 2000 (انسحابُ إسرائيل) و2005 (انسحابُ سوريا)، تشابَهت السنواتُ الثلاثون المنصرِمةُ في الانحرافِ السياسيِّ والانحطاطِ الحضاريّ واقْتبسَت الرقـمَ ذاتَه. وما لم تكن سنةُ 2020 مختلفةً، فلا داعي لأن تأخذَ رقمًا جديدًا وتَــهُلَّ علينا. السنةُ الجديدةُ بدأت هذه المرّةَ في 17 تشرين الأوّل الماضي ولا نعلم متى ستَنتهي. ثارَ الشعبُ في أواخِر السنةِ وهو يُتابع ثورتَه ولا نعلم أيضًا متى وكيف ستَنتهي. قيمةُ الزمنِ في مضمونِه التغييريِّ لا في تعاقُبِه الروتيني، وقيمة المكان (الوطن) في تواصُله مع العالمِ لا في انغلاقِه.في فرنسا سَمّوا الثلاثينَ المجيدةَ (Les trente glorieuses) ما بين 1945 و 1975، إذ ساد الازدهارُ والاستقرارُ والنموُّ والبحبوحةُ وارتَفعت القدرةُ الشِرائيّة. وتوازَت تلك المرحلةُ الفرنسيّةُ مع ثلاثين سنةً مجيدةً في لبنان أيضًا، فكانت سنواتُ الاستقلالِ والاستقرارِ والإشعاعِ والحضارةِ والرجالاتِ الكبار. كان لبنانُ "ذهبيَّ الشَعرِ شرقيَّ السِمات، عريسَ البحرِ وحلمَ الخَيال". كان "كأسًا يَشتهي الكرمُ خمرَه، وحبيبًا يتمنّى الكأسُ ثغرَه"... أين من عيونِ أجيالِنا الجديدةِ "هاتيكَ المجالي" (بتصرّفٍ من قصيدةِ "الجندول" للشاعرِ المِصريِّ علي محمود طه والتي لـحَّنها وغنّاها محمد عبد الوهاب).وفيما استَكمَلت فرنسا نَهضتها، دَخل لبنانُ في سنواتِ البؤسِ الوطنيّ حتّى وَقَع الآنَ في "الثلاثةِ المجيدة" (Les trois glorieuses) نسبةً إلى الأيّامِ الثوّريّةِ الثلاثة: 27 و28 و29 تموز 1830 حين ثار الشعبُ الفرنسيُّ مرَةً ثانيةً بعد ثورةِ 1789، وافترَش الساحاتِ والطرقاتِ واقتَحم المؤسَّساتِ، فهربَ الملكُ شارل العاشر من باريس، واعتلى الملكُ...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول