السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - لبنان: صيغة للاستنهاض ونموذج للانماء

المصدر: أرشيف "النهار"
Bookmark
أرشيف "النهار" - لبنان: صيغة للاستنهاض ونموذج للانماء
أرشيف "النهار" - لبنان: صيغة للاستنهاض ونموذج للانماء
A+ A-
نستعيد في #نهار_من_الأرشيف مقالاً كتبه نسيب لحود في "النهار" بتاريخ 8 نيسان 1995، حمل عنوان "لبنان: صيغة للاستنهاض ونموذج للانماء".عندما نتسائل عن تحديات المستقبل للبنان، قد نوحي ان المستقبل مرسوم سلفاً وان على لبنان ان يتأقلم معه. اعتقد ان المعادلة اكثر تعقيداً، لان وضع العالم الذي نعيش فيه منذ سقوط جدار برلين بات يطرح اسئلة اكثر مما يتضمن اجوبة، او بالاحرى يطرح اسئلة جديدة لم تعد تكفيها اجوبتنا القديمة. وبعدما بقيت الحرب الباردة تتحكم بالعلاقات الدولية نحو نصف قرن، انهارت الكتلة الاشتراكية من دون سابق انذار وبسرعة مذهلة، تاركة فراغاً كبيراً ملأته الولايات المتحدة او تحاول ملأه. والحقيقة التي يجمع حولها خبراء العلوم السياسية ان الريادة الحالية للعملاق الاميركي ليست ذات طابع بنيوي او طويل الامد على غرار الامبراطورية الرومانية. انها ريادة بالوكالة، اذا صح التعبير، ناتجة عن انهيار القطب الآخر في عالم كان ثنائي الاقطاب، وذلك بانتظار ظهور اقطاب منافسة جديدة. لذلك، يقول احد علماء السياسة الاوروبيين: "اننا قايضنا عالماً قائماً على التهديد وخال من المخاطر بعالم من دون تهديد ولكن مليء بالمخاطر". مفترق طرق ان عالمنا العربي هو ايضاً على مفترق طرق، والصراع العربي - الاسرائيلي يعيش ايضاً مرحلة انتقالية. من المهم ان نتذكر هنا ان الصراع العربي - الاسرائيلي نشأ في ركاب الحرب العالمية الثانية، عندما زُرع الكيان الصهيوني في مشرقنا العربي، مع ما ترتب عن ذلك من مآس للشعب الفلسطيني ومن تحد للعالم العربي. ان انشاء اسرائيل سبق بقليل الاستقطاب الثنائي وكان عملياً آخر قرار خطير مشترك بين حلفاء الحرب العالمية الثانية الذين باتوا اخصام الحرب الباردة. وقد سنحت لي فترة تمثيلي للبنان في الولايات المتحدة فرصة اكتشاف عمق العلاقة الاستراتيجية الاسرائيلية - الاميركية، وايضاً اهمية مشروع تسوية الصراع العربي - الاسرائيلي. لماذا تعتبر الديبلوماسية الاميركية اليوم التسوية اهم مشروع لها خارج القارة الاميركية؟ برأيي، الولايات المتحدة ليست في صلب عملية السلام بالصدفة، بل لانها تتقاطع مع مصالح اميركية حيوية. المدخل الاميركي الحقيقي للاهتمام بشؤون الشرق الاوسط هو ان هذه المنطقة هي من المناطق الاساسية، والاوضاع فيها لها انعكاسات حتى على الوضع الداخلي الاميركي. اما نحن العرب، فلقد اضطررنا الى دخول المفاوضات بعد حرب الخليج المدمرة وعلى رغم اختلال ميزان القوى لغير مصلحتنا، وقبلنا مبدأ تسوية تاريخية تقايض الاراضي المحتلة عام 1967 بالسلام، شرط ان يتوافر للشعب الفلسطيني ارضية جغرافية في الضفة والقطاع تسمح له بتجسيد هويته الوطنية وبممارسة حقوقه السياسية بما فيها اقامة دولته المستقلة. ابعد من تفاصيل المفاوضات التي قد تعرف تطورات ايجابية في الاشهر المقبلة نتيجة الصمود على المسارين اللبناني والسوري، الصراع العربي - الاسرائيلي لن ينتهي بين ليلة وضحاها، حتى لو افترضنا انتهاء الجانب العسكري فيه، سيبقى الجوهر - اي تحديد هوية هذه المنطقة من العالم. نحن لن نرضى ان تكون ارضنا من دون لون وشعوبنا بلا هوية، ولن نرضى تفكيك ما يجمع بينها ثم اعادة تركيبنا رساميل وايدي عاملة ومواد اولية وفق مصلحة اسرائيل ورؤيتها. قلت من قبل ان العرب هم على مفترق طرق. في الحقيقة، نحن على شفير الهاوية. من دون اسرائيل وبغنى عن "النظام العالمي الجديد"، فقد النظام العربي شرعيته ازاء شعوبه ولم ينجح في بلورة مشروع حضاري يلبي طموحات هذا الشعب ويليق به، فكيف بالاحرى بوجود هذين التحديين؟ لا مجال في هذه المناسبة لتفصيل التحديات المطروحة على المجتمع العربي لمواجهة الاستحقاقات الداهمة. اكتفي بتسجيل بعض الملاحظات السريعة: اولاً: ان حصيلة الماضي تؤكد على الاقل انه من الواجب ان نكف عن اقناع انفسنا ان التاريخ ابتدأ مع مدريد او حل علينا من العدم، واستطراداً، يجب ان تدفعنا الى التأكيد ان التاريخ لن يختتم مع هذه التسوية. ثانياً: لم يعد مسموحاً ان نتلهى بالمواجهات الكلامية للهروب من المواجهات الحقيقية، او ان نحاول تعويض الفشل في الحلقة الاضعف بالقفز الى الحلقة الاوسع. فما فشلنا في انجازه مثلاً في لبنان، وثم بين سوريا ولبنان، ومن بعد ايضاً بين دول المشرق العربي، اؤكد اننا لن ننجح في انجازه لا في المغرب ولا في الخليج. ثالثاً: لم يعد ممكناً ان ندير ظهرنا للوسائل الكفيلة بتوليد القوة وتجديدها، اقصد التحدي الاقتصادي - الاجتماعي وفي صلبه النهوض بالعلم والتعليم، والتحدي...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم