الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أبرز الأحداث الاقتصاديّة عام 2019 وأهم التحديات المحليّة للعام 2020

المصدر: "النهار"
مارسل محمد
مارسل محمد
أبرز الأحداث الاقتصاديّة عام 2019 وأهم التحديات المحليّة للعام 2020
أبرز الأحداث الاقتصاديّة عام 2019 وأهم التحديات المحليّة للعام 2020
A+ A-

لم تعد أزمة بسيطة، فما يعيشه لبنان حالياً هو العاصفة المالية بعد سنوات من تراجع النمو والاقتصاد الريعي الذي أوقع البلاد في ديون كبيرة ليس من المعروف كيف سيتم تسديدها. أما القطاعات المنتجة فمهملة، في حين تدفع الدولة مليارات الدولارات سنوياً على "مورفين" يُؤخّر من الانهيار، ولكن يرفع من نسبته ويزيد من صعوبة معالجته.

عام 2019 كان مليئاً بالمفاجآت وتحديداً في الأشهر الستة الأخيرة، إذ علت الاحتجاجات وبدأت المشاكل بالظهور على أرض الواقع. فما هي أبرز الأحداث الاقتصادية عام 2019؟ وما هي التحديات للعام 2020؟

2019: كان عاماً مليئاً بـ "نحن على شفير الهاوية"

1- أزمة الدولار
منذ نحو ستة أشهر بدأ سعر صرف الدولار مقابل الليرة الللبنانية بالارتفاع، ما أثار خوف المواطنين الذين عمدوا إلى تخبئة العملة الصعبة في منازلهم، ووصل المبلغ الموجود في المنازل إلى نحو 3 مليارات دولار.

أما سعر صرف الدولار فوصل إلى أكثر من 2000 ل.ل. للدولار الواحد في سوق الصرافين، الذي يختلف وفقاً للعرض والطلب، في حين بقي السعر الرسمي مستقراً في المصارف والمرافق العامة بحسب تسعيرة المصرف المركزي أي ما بين 1505 و1515.

2- رياض سلامة: "لا أحد يعرف إلى أي حد يمكن أن يصل سعر صرف الدولار"
أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لـ"النهار" أن "سعر الدولار سيبقى مستقراً في المصارف ولا يمكن لمصرف لبنان التحكم بسعره لدى الصرافين". كما شددت مصادر مصرف لبنان على أنّ كلام "الحاكم بعد لقائه بلجنة المال والموازنة لا يعني إطلاقاً أيّ تغيير في سعر صرف الليرة الرسمي والمحدد عند 1507.50، وإنّما جاء رداً على سؤال حول سعر الصرف لدى الصرافين تحديداً".
وأعلن سلامة بعد اجتماع استثنائي في مجلس النواب برئاسة رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان وحضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، أنّه سيتّخذ "كل الخطوات القانونية لمعرفة مصير التحويلات الخارجية إلى سويسرا وإذا حصلت فعلاً"، وقال: "علينا أن نتأكد إن كانت هذه التحويلات خرجت من لبنان فعلاً، وإن ثبتت سنتّخذ التدابير اللازمة"، مضيفاً: "نعالج الأزمة تدريجيّاً"، معتبراً أنّ "لا أحد يعرف إلى أي حد يمكن أن يصل سعر صرف الدولار".

3- قيود المصارف ودفعات المواطنين
فرضت مصارف لبنان التجارية "إجراءات احترازية" كما أسمتها، تضمنت قيوداً على عملية سحب النقود بالعملة الصعبة، إن كان على شكل سحوبات من داخل المصرف أو عبر الصراف الآلي (إن وُجدت)، وذلك على إثر أزمة الدولار. وتتفاوت المبالغ التي يُمكن للمواطنين سحبها بالدولار الأميركي من المصرف أسبوعياً ما بين 200 دولار و500 دولار، وفق استراتيجية المصرف.

ويعاني اللبنانيّون حالياً إذ إن بعض دفعاتهم الشهرية بالعملة الصعبة، وبالتالي يمتنع الكثيرون عن دفع مستحقاتهم وتحديداً للمصارف.

4- ضريبة على الواتساب والورقة الإصلاحية
انطلقت في 17 تشرين الأول 2019 تظاهرات في كافة أرجاء لبنان، رافضةً ضريبةً اتُفق عليها في جلسة مجلس الوزراء وتقضي بفرض رسم 20 سنتاً على كافة الاتصالات المرتبطة بتطبيقات هاتفية وفي مقدمها الوتساب، والتي تُعدّ مجانية حالياً. وبعد الرفض الكبير من الشارع اللبناني، تراجع وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال محمد شقير عن قراره، إلا أنّ التظاهرات استمرّت، فأعلن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عن ورقة إصلاحية كانت أبرز بنودها:
- تجميد الإنفاق الاستثماري غير الضروري.
- إلغاء ودمج بعض الوزارات والمؤسسات والمرافق العامة.
- إشراك القطاع الخاص.
- تعيين الهيئات الناظمة للطيران المدني والاتصالات ومجلس إدارة بورصة بيروت ونواب حاكم مصرف لبنان.
- تفعيل إدارة ومردود عقارات الدولة.
- تنفيذ برنامج الانفاق الاستثماري (سيدر).
- إطلاق مشاريع أليسار ولينور
- 20 مليار ليرة لبنانية لبرنامج دعم الأسر الأكثر فقراً.
- الموافقة على اتفاقية القرض مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع الإسكان.
- دعم التصدير.
- توحيد شراء الأدوية.
- إصدار المراسيم التطبيقية لقانون المعاملات الالكترونية.
- عودة آمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم.
- إقرار موازنة 2020 بعجز يقارب 0 في المئة، وذلك عبر (وضع سقف أقصى لعجز الكهرباء قدره 1,500 مليار ليرة لبنانية - مساهمة مصرف لبنان بخفض خدمة الدين العام لسنة 2020 بنسبة 50 في المئة - تقسيط تعويضات الصرف التي تزيد عن ماية مليون ليرة لبنانية، على 3 سنوات - خفض باقي النفقات في سبيل بلوغ العجز بالنسبة المُشار إليها - خفض 50 في المئة من مخصصات الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين - فرض ضريبة دخل استثنائية على المصارف لسنة واحدة في العام 2020 - عدم فرض أي ضريبة مباشرة أو غير مباشرة وأي رسوم في العام 2020 - عدم إخضاع معاشات الموظفين والمتقاعدين إلى أي ضريبة أو حسم).
- الحد من التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية والحد من التهرب الضريبي.
- تأمين الكهرباء وإلغاء كامل عجز مؤسسة كهرباء لبنان في العام 2021.
- تعزيز الشفافية والحدّ من الفساد.
- إقرار مشروع قانون العفو العام.
- إعداد مشروع قانون لمعالجة مخالفات الأملاك النهرية بمهلة.
- تطبيق قانون تسوية مخالفة البناء.
- وضع توصيات دراسة ماكينزي قيد التنفيذ.
- تشكيل لجنة وزارية لدراسة لائحة مشاريع برنامج الانفاق الاستثماري (CIP)".

ولم يوافق المتظاهرون على الورقة الاصلاحية فاستقالت الحكومة، وبعد أشهر كُلّف حسّان دياب برئاسة وتشكيل حكومة جديدة، من المنتظر أن يُكشف عن أسماء وزرائها في بداية العام 2020.

5- عقد المحروقات
بعد أشهر من المناوشات بين أصحاب المحطات ومستوردي المحروقات في لبنان من جهة، والمصارف ووزارة الطاقة من جهة أخرى، فضلاً عن الإضرابات المستمرة لهذا القطاع، أطلقت وزيرة الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ندى بستاني خوري مناقصة لاستيراد البنزين من الخارج، موضحةً أنّ الدفع سيكون بالليرة اللبنانية، وأعلنت رفضها القاطع أن يتحمّل المواطن أعباء ارتفاع أسعار المحروقات نظراً للأزمة التي تعاني منها البلاد في هذا القطاع.
وفي نهاية المطاف، رست المناقصة على شركة ZR ENERGY، وأصبح للدولة اللبنانية حصة 10 في المئة من مادة البنزين في السوق المحلية.

6- تصنيفات لبنان
بعد أعوام من الأزمات الاقتصادية وتصنيفات سيئة مستمرة للبنان من قبل الوكالات العالمية، خفّضت وكالة "فيتش" العالمية تصنيف لبنان الائتماني في منتصف كانون الأول 2019 من "CCC" إلى "CC"، معتبرةً أنّ "إعادة هيكلة ديون الحكومة أو التخلف عن سدادها أمر محتمل جراء الغموض السياسي الحاد وتقييد حركة الأموال بحكم الأمر الواقع واهتزاز الثقة بالقطاع المصرفي، الأمر الذي من شأنه أن يعيق تدفقات رأس المال اللازمة للبنان من أجل تلبية احتياجاته التمويلية".

كما توقعت الوكالة انكماشاً اقتصادياً في العامين 2019 و2020، وعجزاً في الميزانية بنسبة 9,3 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي في العام الحالي.

2020... عام التحديات الكبيرة وخطر "الانهيار الاقتصادي"

في المقابل، التحديات الاقتصادية والمالية للعام 2020 كبيرة، خصوصاً وسط الأزمات الحالية التي يعيشها المواطن والماليّة العامة للبنان، وبانتظار تشكيل الحكومة والخطوات الإصلاحية التي ستعمل عليها، هناك تحدٍّ اجتماعي اقتصادي كبير، وفقاً للخبير الاقتصادي جاد شعبان الذي تحدث لـ "النهار" عن القدرة الشرائية للمواطن، التي انخفضت بشكل كبير عام 2019، معتبراً أنّ انفلات سعر الصرف واستمرار الأزمة المالية سيُؤدّي إلى التضخّم.

والمطلوب هو ببساطة ضبط الأسعار والتضخم بالتوازي مع إيجاد حلول عملية للأزمة النقدية؛ فبرأي شعبان، إن أزمة البطالة والرواتب وخسارة القطاع الخاص قد توصل إلى مكان خطر، علماً أنّه استمرارٌ لما يحدث منذ عامين في لبنان، وليس بالأمر جديد، إلا أنّ عدم وجود نمو بالمداخيل والاقتصاد وارتفاع الأسعار يُشكل الركود التضخمي. وعن المالية العامة، قال شعبان إنّ هناك غشاء كبيراً على كيفية تمويل سندات الخزينة الخارجية، وتُطرح تساؤلات كبيرة عن قدرة الدولة اللبنانية تمويل التزاماتها في ظل عجز الخزينة، وفي ظل عدم وجود أي قرار حكومي واضح لضبط العجز وتقديم إصلاحات في كافة الملفات.

من جهته، لخّص الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي التحديات على الشكل التالي:
التحدي الأول: حلّ أزمة السيولة الموجودة داخل المالية العامة والمصرف المركزي وفي القطاع الخاص والمصرفي أيضاً، رغم أنّها تتضمن تناقضاً كبيراً إذ إنّ "دفتريّاً" لا تزال الودائع كبيرة وتصل إلى 165 مليار دولار، إلا أنّها غير موجودة على أرض الواقع. وبالتالي يُطرح السؤال: كيف ستضخّ الحكومة الجديدة رساميل بالدولار؟

التحدي الثاني: التحقيق بمسألة الأموال الضائعة أي الأموال الموجودة "دفترياً" وليس واقعياً.

التحدي الثالث: محاربة الفساد ووقف الصفقات والرشاوى والسعي لتأمين استقلالية القضاء والإدارات العامة والحدّ من التدخل السياسي فيها.

التحدي الرابع: إنشاء موازنة متوازنة من دون أي عجز ووضع سقف للدين العام، والذي من شأنه التأكيد على أنّنا قادرون على الاستمرار عبر ضخ رساميل داخل الاقتصاد من إدارة جديدة إلى قطاع الخدمات العامة في لبنان، بواسطة تلزيمات بدون بيع، وبالتالي يمكننا إلغاء "سيدر" والتخلّص من "البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي" والخصخصة.

خوف كبير وأمل ضئيل لنمو الاقتصاد اللبناني والخروج من الأزمة الحالية، والأنظار كلّها على أسماء الوزراء عند تشكيل الحكومة وعلى ردة فعل الشارع الشعبي في لبنان، فإعطاء الحكومة الثقة قد يُخفّض من التصنيفات السلبية، ويعيد أموال المودعين إلى المصارف، ويتمّ احتواء الأزمة، أمّا الخيار الآخر فهو تصنيف أسوأ وأسرع يصل بسرعة فائقة إلى "D" ويُنذر بإفلاس محتوم.

أما شكل ونوع الثقة التي يطلبها المجتمع الدولي والتظاهرات الشعبوية في لبنان، فهذا أمر آخر نتركه لاختصاصيي علم السياسة. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم