الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

الاتفاق الأميركي - الصيني هدنة مُتواضعة بعد مفاوضات شاقة

الاتفاق الأميركي - الصيني هدنة مُتواضعة بعد مفاوضات شاقة
الاتفاق الأميركي - الصيني هدنة مُتواضعة بعد مفاوضات شاقة
A+ A-

يقضي الاتفاق التجاري الصيني - الأميركي الذي أعلن عنه الجمعة بعد مفاوضات شاقة بأن تقدم الولايات المتحدة "تنازلاً صغيراً" مقابل "تعهدات متواضعة" من الصين، مثيراً تشكيك خبراء التجارة الدولية في جدوى توافق يعتبرون مداه محدوداً.

وأدرجت واشنطن وبيجينغ طبعاً في الاتفاق مواضيع كبرى تتمسك بها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أبرزها حماية الملكية الفكرية وعمليات نقل التكنولوجيا القسرية وتعزيز المبادلات التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. غير أن المسؤولين تفادوا كشف تفاصيل الاتفاق، واكتفوا بإعلان بعض المعطيات بالأرقام من غير أن يوضحوا الخطوات التي ستتخذها الصين عملياً لتنفيذ التغييرات البنيوية التي يطالب بها ترامب.

وشن الرئيس الأميركي في آذار 2018 حرباً تجارية على الصين لاتهامها باعتماد ممارسات تجارية "غير نزيهة" تتضمن سرقة الملكية الفكرية وإرغام الشركات الأميركية على تقاسم درايتها الصناعية مقابل تمكينها من دخول السوق الصينية.

وترى إدارة ترامب في هذه الممارسات تهديداً للهيمنة الاقتصادية الأميركية.

وشدد الأميركيون في الاتفاق الذي لا يزال ينبغي توقيعه رسميا، ما يمكن أن يتم مطلع كانون الثاني، على تعهد الصين استيراد منتجات أميركية إضافية بقيمة 200 مليار دولار خلال السنتين المقبلتين، وتحديداً في قطاعات الطاقة والتصنيع والزراعة (نحو 50 ملياراً) والخدمات.

وفي المقابل، يتخلى ترامب عن فرض دفعة جديدة من الرسوم الجمركية المشددة، التي كان مقرراً أن تدخل حيز التنفيذ الأحد على نحو 160 مليار دولار من المنتجات الصينية.

كما ستخفض الرسوم الجمركية بنسبة 15 في المئة المفروضة منذ الأول من أيلول على بضائع صينية أخرى بقيمة 120 مليار دولار، بمعدل النصف إلى 7,5 في المئة.

في المقابل، أكدت الإدارة الأميركية إبقاء الرسوم الجمركية المشددة بنسبة 25 في المئة المفروضة على ما يوازي 250 مليار دولار من المنتجات الصينية.

ويرى الخبيران الاقتصاديان في "أوكسفورد إيكونوميكس" غريغوري داكو وليديا بوسور، أنه "بمعزل عن افتقار الاتفاق إلى الجوهر، وعدم نصه سوى على خفض طفيف للرسوم الجمركية، إذ تبقى الرسوم مفروضة على ثلثي الواردات الآتية من الصين، فإن وطأته على الاقتصاد الكلي طفيفة". وما يزيد ضحالة الاتفاق في نظر خبير السياسة التجارية في مجلس العلاقات الخارجية إدوارد ألدن، أنه يأتي "بعد اضرار اقتصادية كبيرة". وحذر مسؤول صيني أخيراً من أن نمو العملاق الآسيوي قد يتدنى عن عتبة 6 في المئة في الفصل الأخير من السنة، وقت يواجه اقتصاد البلد "أكبر صعوبات وتحديات في تاريخه".

وأوضح ألدن أن الاتفاق "لا يحل فعلاً المشاكل البنيوية العميقة جداً التي يعانيها الاقتصاد الصيني"، مشيرا إلى أن تسوية أشد النقاط الخلافية على غرار الدعم الصيني لبعض القطاعات، أرجئت إلى وقت لاحق.

وعلى رغم كل ذلك، يشدد خبراء الاقتصاد على أن هذه الهدنة ستثير ارتياحاً بعد مبارزة استمرت سنتين وهددت النمو العالمي.

وقالت الخبيرة الاقتصادية في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي ماري لوفلي: "كنا على شفير الهاوية بمعنى ما". وأقرت بأن توقيع اتفاق بحد ذاته أمر "مهم" لأنه سيحد من الضبابية المخيمة على المستقبل. وخلصت إلى أن مجرد أن يتمكن الصينيون من التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين يبشر بتقدم محتمل في ممارساتهم التجارية.

لكن إدوارد ألدن اعتبر على رغم كل ذلك أنه "من الصعب جداً اعتبار ذلك انتصاراً كبيراً في الحرب التجارية".

والمستفيد الأكبر في نظره قد يكون في نهاية المطاف الرئيس الأميركي في وسط حملته الانتخابية للفوز بولاية ثانية. وقال: "هذا جيد لترامب لأنه سيبعث هدوءاً في الأسواق حتى سنة 2020". كما يجمع الخبراء على أن الاتفاق سيعزز خصوصاً ثقة المستهلكين الأميركيين التي هي في الأساس مرتفعة. وصرح نائب وزير التجارة الصيني وانغ شوين الجمعة بأن الاتفاق سيعطي دفعاً لاقتصادي البلدين وسيوجد بيئة مؤاتية للاستثمارات.

ومع آلية الإقالة التي باشرها مجلس النواب الأميركي في حق ترامب، يبقى الاقتصاد الورقة الرئيسية في يده.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم