هذه السلطة السعيدة

السلطة اللبنانيّة، بأطرافها كافّةً، الحاكمة والمستقيلة، سعيدةٌ للغاية بما جرى ليل أمس، من تخريبٍ وترهيبٍ وعراضاتٍ ميليشيويّة، على جسر فؤاد شهاب وفي ساحتَي الشهداء ورياض الصلح. لا نرجو لهذه السلطة السعيدة ديمومة السعادة والسلطة.

هذه السلطة السعيدة لا تحقّق سعادتها القصوى، ولا تنتشي، ولا تصهل، إلّا عندما تؤلّب اللبنانيّين بعضهم ضدّ بعض. لا نرجو لها ديمومة السعادة في السلطة.

هذه السلطة السعيدة لا تملك من السلطة إلّا إرسال زعرانها لتخريب الثورة وتشويه مطالب الجياع الثوّار، من أجل أنْ يستتبّ لها أمر السعادة والسلطة. بئس هاتان السلطة والسعادة.

[[embed source=vod id=9853 url=https://www.annahar.com/]]

هذه السلطة السعيدة تريد أنْ تحكم الناس بالإرهاب، بالتخويف، بالتزوير، بالسرقة، بالنهب، بالتلويح بالإفلاس والجوع، بتيئيس المتمرّدين، بتفريق صفوفهم، بزعزعة إراداتهم، ببثّ الدسائس والشائعات في ما بينهم، وخصوصًا منها توجيه الدعوات المسمومة إلى قادةٍ (!) في التمرّد والحراك، وإلى وجوهٍ (!) في النضال المجتمعيّ والفكريّ والشارعيّ والشعبيّ، من أجل التلويح لهم بقطع الحلوى والجبنة التوزيريّة، لعلّها في ذلك تثني البعض منهم، و"تشدّهم" إلى صفوفها. لا نرجو لهذه السلطة السعيدة دوام السلطة والسعادة، وبئس مَن يلتقي بها، أيًّا تكن الذرائع والأسباب.

هذه السلطة السعيدة تريد أنْ تؤلّف حكومةً سلطويّةً ضدّ الثوّار، وغصبًا عنهم، من طريق استدخال "وزير دمية" من هنا، و"وزيرة رهينة" من هناك، بهدف تأمين استمرار وجودها في السلطة السعيدة، وبهدف إبعاد كأس المحاسبة عن أطرافها المجرمين الذين نهبوا خيرات البلاد، وجوّعوا الناس، وشرّدوا الشباب، وجعلهوهم شحّاذين على أبواب الهجرة والمنافي الذليلة المصقّعة.

هذه السلطة السعيدة تلوّح بإصبع العنف والترهيب والاعتقال والسجن من جهة، وتحمل في يدها الثانية رغيف الخبز المسموم، وتمنعه عن أفواه الناس، من أجل تركيع هؤلاء الأحرار، وإرغامهم على الرضوخ لتصوّراتها في طريقة استمرار الحكم. لا نرجو لهذه السلطة السعيدة ديمومة السعادة والسلطة.

هذه السلطة السعيدة هي التي تضع الثوّار أمام خياراتٍ غير مستحبّة، هي أبغض الحلال لديهم، فتدفعهم دفعًا موضوعيًّا إلى تسكير الطرق، لكي تستجلب لهؤلاء الثوّار تأفّف الناس الباحثين عن لقمة عيشهم بالفتيلة والسراج. يا لعار هذه السلطة السعيدة التي لا تملك من معايير السلطة غير الرشيدة إلّا معيار زرع الفتن، والهرب إلى الأمام، بدل استجابة مطالب الناس الفقراء الجياع النبلاء الثوّار المنتفضين المتمرّدين. وهؤلاء هم كلّ الناس. هؤلاء هم كلّ الناس بلا استثناء.

فماذا يريد رئيس هذه الجمهوريّة السعيد؟ ماذا يريد فريق رئيس الجمهوريّة السعيد؟

وماذا يريد رئيس مجلس النوّاب السعيد؟ ماذا يريد فريق رئيس مجلس النوّاب السعيد؟

وماذا يريد رئيس الحكومة المستقيل السعيد؟ ماذا يريد فريق رئيس الحكومة المستقيل السعيد؟

هؤلاء – ومَن معهم ومَن لفّ لفّهم في الداخل والخارج - لا يريدون إلّا السلطة. فقط يريدون السلطة. ويريدون البقاء فيها. وهم متفاهمون في ما بينهم، وإنْ بدَوا مختلفين، وإنْ – خصوصًا - بدت صورهم الرسميّة المشتركة، الملتقطة أخيرًا، مثيرةً لكلّ أنواع التعليقات، وأشكالها. وما أدراكم ما هي أنواع التعليقات، وأشكالها!

أمّا الوجدان الجمعيّ للناس الأحرار فيريد من هذه السلطة السعيدة أنْ تتخلّى عن السلطة السعيدة، بإفساح المجال أمام حكومةٍ انتقاليّةٍ، مستقلّةٍ، استقلاليّةٍ، سياديّةٍ، إداريّةٍ محنّكة، اختصاصيّةٍ، ذات صلاحيّاتٍ تشريعيّةٍ استثنائيّة، تضع تصوّرًا إنقاذيًا للحلّ، ليس فيها واحدٌ – ولا واحد – من جماعة هذه السلطة السعيدة. ولا من جماعة أيّ سلطةٍ، أو... سفارة.

مستمرّون!

Akl.awit@annahar.com.lb