الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

شهر على انتفاضة تشرين حاملة التحوّل التاريخي... أبرز المحطات (صور)

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
شهر على انتفاضة تشرين حاملة التحوّل التاريخي... أبرز المحطات (صور)
شهر على انتفاضة تشرين حاملة التحوّل التاريخي... أبرز المحطات (صور)
A+ A-

شهر كامل مرّ على انتفاضة الشعب اللبناني في وجه الطبقة السياسية الحاكمة. شهر كامل لم تهدأ خلاله الساحات التي اكتظت بالمتظاهرين. صرخت الحناجر وتشابكت الأيدي من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال تحت راية العلم اللبناني، في واحدة من أهم المحطات التي شهدتها البلاد عبر تاريخها، بعيداً من الانقسامات السياسية والطائفية والمناطقية والحزبية.

المشهد الموحّد للشعب اللبناني فاجأ اللبنانيين أنفسهم، فمدينة صور الجنوبية هتفت لطرابلس، وطرابلس هتفت للضاحية، والنبطية هتفت لجل الديب. ومع مرور الأيام الأولى للتظاهرات وسقوط الشهيد الأول حسين العطار وتجاهل السلطة للمحتشدين، ارتفعت وتيرة التحركات، وأصبح قطع الطرقات وسيلة ضغط فاعلة، على الرغم من الاحتكاكات المتنقلة مع المعترضين، إلا أن ذلك لم يفقدها فاعليتها، فأعلن الرئيس الحريري في 29 تشرين الأول استقالته بُعيْد "غزوة" ساحتي رياض الصلح والشهداء.

بعد استقالة الحريري ظن الجميع أن المتظاهرين سيخلون الساحات، إلا أن المفاجأة كانت بالبقاء في الشارع وإعادة فتح الطرق. وكانت كل إطلالة متلفزة لأحد الزعماء أو السياسيين، تعيد الاحتشاد إلى الساحات بشكل عفوي أحياناً ومنظم أحياناً أخرى، ليعود الزخم الى التحركات بعد كلمة رئيس الجمهورية واستشهاد الشاب علاء أبو فخر أمام أعين عائلته، لترفع صوره وتضاء له الشموع على كافة الأراضي اللبنانية، بينما رفعت صورة الشهيد حسين العطار الذي سقط على طريق المطار في ساحة النور في طرابلس.

شهر كامل كان حلماً بالنسبة للكثيرين، فالشعب الذي اتهم لسنوات بأنه لا يتحرك وبأنه شعب "التنظير" من خلف الشاشات، ها هو اليوم ينتفض ويرفض المتسلّقين على ثورته، وينهي شهره الأول كاسراً حواجز الخوف من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، صارخاً ضد الطبقة الفاسدة، مسمّياً الأشياء بأسمائها، عدا عن نزع صور الزعماء واستبدالها بالعلم اللبناني... صورٌ ستبقى راسخة في تاريخ لبنان لسنوات، عن شعب تحدّى الخوف ونزل إلى الشوارع من أجل لقمة العيش بطريقة سلمية.

المشهد الأجمل في أيام الثورة، كان التحرك الطالبي في المناطق ونزولهم الى الشوارع موجهين رسالة مدوية للطبقة الحاكمة بأنهم هم الجيل الصاعد الحالم بالتغير.

مشاهد كثيرة لا يمكن اختصارها بسطور، من قرع الطناجر الى مسيرة النساء في ساحة الشهداء الى تقديم الورود للجيش اللبناني، إلى السلسلة البشرية و"النهفات" على الطرق، لتحطّ الثورة رحالها عند المرافق العامة والمؤسسات وشركات الهاتف والكهرباء والزيتونة باي، وإقفال الباركميتر والتحركات أمام منزل الوزراء والنواب.

 أهم مراحل ثورة 17 تشرين:

أقرت الحكومة اللبنانية بتاريخ 16 تشرين الأول ضريبة على اتصالات الواتساب، ليشتعل الشارع ليل 17 تشرين بتحرك عفوي انطلق في بيروت وجاب الشوارع، وتنطلق بعدها التحركات في كافة المناطق، وكان لافتاً التحركات المناطقية من بنت جبيل وصور والنبطية وطرابلس وعكار وجل الديب وغيرها من المناطق الرافضة لقرار الحكومة.

18 تشرين:

أعلن الرئيس سعد الحريري أنه "لم يعد لدينا وقت وانا شخصياً اعطي نفسي وقتاً قصيراً جدا وهو 72 ساعة، فإما ان يعطي شركاؤنا في الوطن جواباً صريحاً حول الحلّ أو يكون لدي كلام آخر‪."‬

وقال الحريري في الكلمة التي كانت منتظرة من اللبنانيين وسط الاحتجاجات التي تعمّ البلد، "هناك من وضع العراقيل أمامي منذ تشكيل الحكومة، ووضعت عراقيل أمام جميع الجهود التي طرحتها للإصلاح، وقررت أن أقلب الطاولة على نفسي كي لا تنقلب على البلد، ومنذ أكثر من 4 سنوات وأنا أحاول تدوير الزوايا‪."‬

واضاف: "هناك كثيرون يريدون أن يكون الحريري كبش محرقة وحتى منهم من بدأ بإرسال زعرانه الينا‪."‬

وأوضح أن الاصلاحات لا تعني الضرائب بل تعني تغيير الطريقة التي يعمل فيها لبنان بكل القوانين‪.‬

 مهلة 72 ساعة كانت بمثابة شرارة اضافية للمتظاهرين فالشوارع لم تخلُ من المحتجين بل زادت حركة شل الطرق في كافة المناطق.

لليوم الثاني على التوالي شهدت العاصمة بيروت احتجاجات شعبية، بينما تخللت التظاهرات أعمال شغب سقط خلالها عاملان من التابعية السورية خلال احراق احد المباني. 

19 تشرين:

أكد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله "رفض استقالة الحكومة الحالية"، مشيراً إلى أن "على الجميع في لبنان، خارج السلطة وداخلها، تحمل المسؤولية أمام الواقع الخطير الذي يواجهه البلد"‪.‬

نصرالله وخلال كلمة له في مناسبة أربعينية الإمام الحسين، علّل ذلك بأنه في حال الاستقالة "لن يكون هناك حكومة جديدة خلال سنة أو سنتين"، مشيراً إلى أن "أي حكومة تكنوقراط لن تصمد طويلاً، ومن ينادي بهكذا حكومة سيكون أول من ينادي بإسقاطها‪".‬ وقدّر نصر الله "صرخة المتظاهرين المعبرة عن وجعكم ورسالتكم وصلت إلى الحكومة قوية جداً"، وقال إن "أهمية التظاهرات أنها صادقة وعفوية وتعبر عن غضب الناس‪".‬ وتوجه إلى القوى السياسية التي تسعى إلى خوض معركة إسقاط العهد قائلاً إنه "لا يمكنكم تحقيق ذلك".

20 تشرين:

‪ ‬أعلن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، استقالة الوزراء الأربعة في حزبه من الحكومة، وقال جعجع، خلال مؤتمر صحافي، “لأن الناس فقدت الثقة بالطبقة السياسية، ولأن الناس الموجودة في الشارع تمثل كافة شرائح المجتمع، ولأن كافة مكونات الحكومة لا تريد الإصلاح الجدي والفعلي، عقدنا اجتماعا لتكتل “الجمهورية القوية” للبحث بالأوضاع الأخيرة في البلاد‪.‬

وأضاف: "منذ تشكيل الحكومة طالبنا ببناء المؤسسات والعمل بشفافية، لذلك حزب القوات اللبنانية كان اول من عمل بشفافية وعند مناقشة موازنة 2020 طالبنا بسلّة اصلاحات فورية لكننا لم نلمس الجدية المطلوبة".

21 تشرين:

أقرّ مجلس الوزراء الخطة الإصلاحية التي طرحها رئيس الحكومة سعد #الحريري، إضافةً إلى إقرار مشروع موازنة 2020 كما قدّمها وزير المال علي حسن خليل، وأحيلت على مجلس النواب ضمن المهل الدستورية‪.‬

وكان مجلس الوزراء عقد في قصر بعبدا جلسة طارئة برئاسة الرئيس ميشال عون للبحث في الورقة الاقتصادية، على وقع تصاعد الاحتجاجات المطالبة برحيل العهد والحكومة معاً وإجراء انتخابات نيابية مبكرة‪.‬

الورقة الاصلاحية المقدمة لم تلبِّ رغبات الشارع على قاعدة أن التجارب السابقة كفيلة بعدم الثقة بالحكومة والنظام اللبناني القائم على المحاصصة.

وبعد 8 أيام على الثورة الشعبية، وبعد انتظار رئيس الجمهورية أياماً للحديث إلى الناس إثر تحركاتهم الشعبية، أطلّ الرئيس ميشال عون في رسالة وجهها إلى اللبنانيين أكد فيها أن "الورقة الاصلاحية التي أقرت ستكون الخطوة الأولى لإنقاذ لبنان وإبعاد شبح الانهيار المالي والاقتصادي عنه، وهي الإنجاز الأول للبنانيين"، لكن يبدو أن خطاب الرئيس لم يكن على قدر توقعات وآمال المتظاهرين.

29 تشرين:

التظاهرات المستمرة في كافة المناطق وشل حركة البلاد وضعت الحكومة أمام خيارات عديدة، إلا ان "غزوة" ساحتي الصلح والشهداء في 29 تشرين كانت لها اشارة واضحة من الثنائي الشيعي على رفض العديد من مظاهر الحراك، فكانت الصور المنتشرة من الساحتين خير دليل على حجم التخريب الذي لحق بالمحتجين، ليعلن بعدها الحريري استقالة الحكومة وتدخل البلاد في فراغ حكومي.

وما إن اعلن الحريري استقالته حتى سارع العديد من مناصريه الى قطع الطرق وحصول العديد من الاشتباكات بالايدي مع القوى الأمنية.

وخلال هذه الفترة حصلت اعتداءات عدة على المتظاهرين في المناطق الجنوبية خصوصاً في النبطية، الذي حاول عناصر البلدية فض الاعتصام أمام مبنى البلدية بالقوة، فيما في مدينة بنت جبيل فض الاعتصام بالقوة، وجرح أحد المشاركين بالتظاهرة بعد طعنه بسكين كاد أن يودي بحياته.

مظاهر الفرح والرقص والتظاهرات السلمية التي تميّزت بها التحركات استمرت في كافة البلدات اللبنانية رغم حالات الخوف من بعض التجاوزات خلال قطع الطرق، كما حصل على طريق المطار في الأيام الأولى للتحركات، إلا ان القوى الأمنية سرعان ما تدخلت وتمكنت من السيطرة على الوضع.

 الخطابات المتتالية للسلطة كان لها مفعولها العكسي على المتظاهرين، فبعد كل خطاب كانت الانظار تتجه الى الساحات، وبدل من افراغ الساحات كانت الرسالة واضحة من المتظاهرين بضرورة الاستمرار حتى تحقيق المطالب.

1 تشرين الثاني:

بالتزامن مع التظاهرات والتخبط السياسي، فتحت المصارف أبوابها بعد أيام على اغلاقها بسبب إقفال الطرق والأحداث المرافقة، وشهدت فروعها تهافتاً من المواطنين لسحب مدخراتهم، وشهدنا اشكالات في عدد من الفروع بين المواطنين الغاضبين وموظفي المصارف، قبل أن تعود وتغلق المصارف أبوابها بعد اعلان نقابة موظفي المصارف الاضراب حتى تتأمن سلامتهم داخل الفروع منادين بخطة أمنية متصلة.

6 تشرين الثاني:

خرجت تظاهرة كبيرة للنساء في وسط بيروت، وقد بدا المشهد مهيباً وهن حاملات الشموع، هي لحظات صادقة، بمثابة رجاء، رفعها المتظاهرون في وسط بيروت، من أجل هذا الوطن. امتلأت ساحتا الشهداء ورياض الصلح بمتظاهرين أرادوا في اليوم الحادي والعشرين للثورة إضاءة الشموع كصلاة لقيامة لبنان، بعد عقود من الفساد وإذلال الإنسان‪.‬

كما شهدت الأملاك البحرية تحركات مطلبية رفضاً للتعديات عليها.

وفي 6 و 7  تشرين الثاني كان الموعد مع التحركات الطالبية التي لفتت الأنظار اليها، حيث خرج الطلاب من صفوفهم مطالبين بأدنى حقوقهم رافعين شعار "تضيع السنة ولا يضيع مستقبلنا"، "ما بدنا نتخرج ونهاجر" وغيرها من الشعارات التي رددها الطلاب في كافة الأراضي اللبنانية.

وفي الوقت عينه، بدأت حركة جديدة – قديمة في لبنان وهي قرع الطناجر التي عادت مع "ثورة الجياع". فالعديد من الحركات والثورات الاجتماعية قرعت الطناجر للدلالة على حالة الفقر التي تعيشها المجتمعات بحيث لم يتمكّن أحد من شراء المواد الغذائية "لطبخ" وجبة أكل بالطنجرة، فحملوا طناجرهم الفارغة وقرعوا عليها للدلالة على بطونهم الخاوية. وقد استُعملت الطناجر في لبنان في اليومين الأخيرين من الأسبوع الثالث من الثورة لنفس الأهداف التي قرعت من أجلها الطناجر في العالم سابقاً: جوع وفساد وظلم وطبقة حاكمة تعيش في غربة عن شعبها، وتصمّ آذانها عن مطالبه. فقرعت الطناجر عسى الصوت يصل إلى آذان "مَن به صممُ‪.

12 تشرين الثاني:

الحشود التي كانت تخف خلال فترة الأسبوع كانت تعود لتشهد زخماً كبيراً خلال نهاية الأسبوع، إلا ان مقابلة الرئيس عون الأخيرة التي طالب فيها المتظاهرين بالخروج من الشارع والالتباس الحاصل حول عبارة الهجرة، وبعدها سقوط الشهيد علاء أبو فرج أعادت زخم الثورة، وتكثفت التحركات في كافة المناطق دون انقطاع.

16 تشرين الثاني:

أعلن الوزير السابق محمد الصفدي اعتذاره عن قبول الاتفاق السياسي على تسميته لتشكيل حكومة، وعدّه الشارع انتصاراً جديداً له بعد الاعتراضات التي أبداها على التسمية إن كان في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم