الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ماذا تقول المؤشرات عن الانهيار؟

المصدر: النهار
د. خلدون عبد الصمد
ماذا تقول المؤشرات عن الانهيار؟
ماذا تقول المؤشرات عن الانهيار؟
A+ A-

هل لبنان دخل نفق الانهيار الاقتصادي؟ سؤال يتداوله الجميع من اقتصاديين وماليين وحتى من كافة فئات المجتمع اللبناني. للإضاءة على هذا الموضوع، علينا البدء بعلامات الانهيار وعلاقته بالاقتصاد في لبنان.

الناتج الإجمالي المحلي

لعل من أهم المؤشرات الاقتصادية هو الناتج الإجمالي المحلي والذي يعرفه الاقتصاديون على انه المؤشر الأساسي لقياس اقتصادات الدول وذلك لمعرفة حالات النمو والبطالة والتضخم والدين العام والعجز في الموازنات وعمل المصارف بما في ذلك سعر الصرف ومعدلات الفوائد وأخيراً التصنيف الائتماني، حتى إنه قد يعطي فكرة مسبقة عن تطور او تدهور الاقتصاد بشكل عام، فهو احد أفضل مؤشرات النمو الاقتصادي، وقد أكد هذه المقولة كل من الحائز على جائزة نوبل بول أ. سامويلسون والاقتصادي وليم نوردهاوس في كتابهما economics "ان الناتج المحلي الإجمالي ... حقا من بين الاختراعات العظيمة في القرن العشرين .... و قدرته على إعطاء صورة شاملة عن حالة الاقتصاد ". و تكمن اهميته في تحليل متغيرات السياسات المالية و النقدية و اثر الازمات الاقتصادية على الدول كافة مهما كان تصنيفها الاقتصادي.

وفي لبنان من الواضح رؤية الازمة الحقيقية في الاقتصاد بشكل عام من خلال هذا المؤشر، فمعدل النمو وصل الى حدود الواحد في المئة في نهاية صيف 2019، ومن المتوقع والواضح انه وبعد الاحتجاجات او الثورة في الشارع اللبناني قد يكون لامس الصفر في المئة لما نرى من توقف جميع الاعمال والخدمات على مدى الايام السابقة.

التضخم

التضخم هو الحاجة إلى إنفاق المال أكثر لشراء نفس السلعة بعد فترة من الزمن، وهو من اخطر ما يخشاه القطاع المالي والقطاع النقدي على السواء حيث انه من الاسباب الرئيسية التي تؤدي الى تغيير الواقع المعيشي في البلاد والذي يؤدي بدوره الى المس بالاقتصاد.

وفي الحالة اللبنانية فقد تدنى معدل التضخم العام الى ما يقارب 1% في نهاية صيف 2019 لكن مع الاوضاع الحالية ونظراً للازمة المالية التي تعصف في لبنان وتطور الشارع وتسارع الاحداث التي ادت الى غلاء الاسعار للسلع الاساسية وكثرة الطلب عليها نظرا لكثرة الشائعات فمن المتوقع ان يكون التضخم قد عاود الارتفاع بسرعة هائلة والارجح ان يكون الارتفاع عمودياً خلال الفترة القليلة السابقة.

البطالة

البطالة هي تراجع متوسط دخل الفرد مما يؤدي الى انخفاض عائدات الدولة من الضرائب، وبالتالي انخفاض الاستهلاك ثم تراجع النمو نظراً لانخفاض الاستثمار.

ما زال وضع البطالة كما هو منذ سنين خلت في لبنان مع ارتفاع أو انخفاض بسيط لا يلفت النظر الى مخاطر اتية مع ثباته خلا نهاية العام المنصرم على قيمة 6.2%، الا ان وكما حال التضخم وخلال هذه الفترة من احتجاجات الشارع قد نرى ان هذا المؤشر قد بدأ بالتغيير معتمدا على الاسباب اعلاه من تغيير أسعار السلع وكثرة الطلب وتوقف الاعمال.

عجز الموازنة

الموازنة العمومية هي ما تقدمه الحكومة لتبيان تقديراتها من مصاريف ومداخيل في العام وبالتالي هي الصورة التي تبين مكامن الضعف والقوة في السياسات المالية والنقدية والتي تعبر عن الواقع الاقتصادي في فترة ما.

وفي لبنان، فلا داعي لشرح هذا المؤشر فالكل ومن النظرة الاولى يرى مدى العجز الذي تعانيه الدولة اللبنانية في الموازنات في السنوات الماضية رغم المحاولات الحثيثة لتقليل العجز الذي حاولت الدولة ونجحت في خفض العجز مما يقارب الـ 11% الى 7.6% في موازنة 2019 الا انها مجرد أرقام وضرائب وليس كمشروع اقتصادي متكامل، فلقد زاد الدين العام الى ما يقارب الـ 86 مليار دولار مع ما يناهز 150% من الناتج المحلي الاجمالي.

التصنيف الائتماني

التصنيف الائتماني هو ما يراه المجتمع الدولي من قدرة دولة ما على سداد الدين او مدى خطورة الاقراض فالتصنيف الائتماني الجيد يجذب رؤوس الاموال والاستثمارات الخارجية.

وبالنسبة للبنان فبعد خفض تصنيفه من قبل فيتش وغيرها الى ccc يمكن رؤية لبنان وقد خفض تصنيفه اكثر ايضا وهذا مؤشر هام على قرب الافلاس والانهيار في حال حدوثه.

السياسة المالية والنقدية

والقصد هنا ما يجمع ما بين القرار المالي من المصرف المركزي وما ينتج عنه من مفاعيل نقدية تخص المصارف وسياساتها بالتعاون مع المصرف المركزي ايضاً، واهم تلك النقاط هي السيولة والاحتياط وسعر الصرف وسعر الفائدة.

في لبنان لعل البنك المركزي والقطاع المصرفي هما العمود الفقري للسياسات النقدية والمالية والتي بدورها ترخي بظلالها على الوضع الاقتصادي ككل من خلال سعر الصرف الذي يعاني حاليا، من خلال ربط العملة والتي تكبد المصرف خسائر كبيرة من حيث المحافظة عليه مع تدهور الليرة امام الدولار في السوق السوداء، ومن خلال اسعار الفاىدة التي ارتفعت من 7% الى 10% الامر الذي يبين مدى تدهور السيولة.

إذاً، وبالنظر إلى الارقام والتحليل أعلاه، نرى أن لبنان اقتصادياً قريب جداً من الانهيار الكامل، وهذا ليس فقط نظرة سوداوية بل انه ناقوس الخطر الذي يجب ان يسمع من الجميع والبدء بالتحرك الجدي الفاعل لتلافي الانهيار والعودة ولو ببطء الى سلم الازدهار والتكاثف نحو لبنان افضل كما عهدناه تاريخياً.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم