لماذا يجب فتح الطرقات؟

د. عصام عطالله

رداً على تساؤل العديد: وماذا بعد؟

بعد مرور أكثر من أسبوعين على مهرجان الحرية أو ما سمي بالثورة، وبعد إقفال الطرقات وشل الحركة في كل أجزاء البلاد، وصل الصوت مدوياً داخلياً وخارجياً. ومن خلال مراقبة أداء السلطة وبعض أركانها أصبح واضحاً بأن هنالك إرباكاً كبيراً، فالمشهد الموحد تحت راية العلم اللبناني لم يكن له مثيل في التاريخ المعاصر. هذا التضامن الرائع بين المكونات اللبنانية هو أبهى صورة للبنان التي تجلت بعفوية خارج الإطار الطائفي.

ولما كانت المطالب المحقة أكثر من واضحة وخارطة الطريق التي طلبها المواطنون يجب على من بالحكم العمل على تحقيقها فوراً ومن دون مواربة. لكننا لا زلنا نشهد محاولة للهروب إلى الأمام من خلال بعض الحركات أو مندسين من أطراف متعددة لمصالح فئات على حساب الصالح العام. هذا الأمر طبيعي في ظل الوعي الذي تحلى به اللبنانيون حيث سيعمد كل من سرق أو استغل أو اختلس من المال العام أو كان فاسداً ومفسداً أن يكون ضد هذا الوعي ويحاربه بشتى الوسائل.

لكن على شباب لبنان أن يحافظوا على ما أنجزوه من أجل لبنان ولكل اللبنانيين وقد حقق "مهرجان الحرية" العديد من النقاط ليس أقلها استقالة الحكومة لا بل أيضاً بعض اللاءات التي فرضها الشارع على كل ما ستؤول إليه المرحلة المقبلة وإلا الانفجار في وجه السلطة أو بعض منها إن استكملت العراضات والتكابر على ما يريده ويطلبه الناس. ومن اللافت أيضاً أن بعض المطالب "البايخة" كتشريج بطاقات الهواتف الخلوية أصبحت في الليرة اللبنانية بحكم ضغط المطالب في حين كانت بحاجة إلى مجلس وزراء لاتخاذ قرار بذلك بحسب قول أحد الوزراء المستقلين، وذلك فيه إهانة كبرى للبنانيين وعليهم أن يتابعوا ضغطهم من خلال المطالب الاجتماعية والأساسية لتحقيق الأسس أو أبسط الأمور التي تساهم ببناء حياة كريمة بدأ بتوزيع المياه والكهرباء وتأمين الاتصالات للجميع وبأسرع وقت وبالعملة الوطنية فنزيد الطلب عليها ونحفف إنجازات هي بسيطة عجزت عنها الحكومات السابقة ولغاية يومنا هذا تحت حجج كل منها أقبح من الأخرى، حيث عمد الجميع على اتهام الجميع وتم استباحة خيرات الوطن إلى جيوب وصناديق خاصة، وعلى القضاء المستقل العمل على كشف أماكنها وإعادتها إلى الخزينة ومحاسبة السارقين مهما طال الزمن.

وحفاظاً على كل ما سبق على الحراك والثائرين أن يكونوا أكثر وعياً من الكثير ممن هم في السلطة والعمل على تسهيل شؤون المواطنين من خلال فتح الطرقات مع أحقية وإمكانية بقائهم في الساحات وعقد حلقات الحوار التثقيفية من أجل نشر الوعي أولاً والبقاء على جهوزية في حال دعت الحاجة للقيام بأي تحرك يصب في مصلحة الصالح العام. لقد أصبح من الضروري بمكان أن يصبح هذا الحراك أكثر نضجاً لأن تحقيق المطالب قد يأخذ وقتاً طويلاً ومتابعة الأوضاع يجب أن تكون حثيثة من أجل لبنان، الجميع يعرف المرض ومكامنه وعلينا استئصاله حباً بلبنان مع الحفاظ على الكيان والإنسان فيه، كل إنسان.

إن حركة الشارع يجب أن تنصبّ على تحقيق الأهداف الواحد بعد الآخر بمنهجية وسلوك إيجابي من دون استفزاز أحد خصوصاً المواطنين، ولتترك المبارزات الكبرى لحينها إلى أن تعمل السلطة على تحقيق المطالب بالسرعة المنشودة. الكثير من الوعي والحكمة مطلوب اليوم من الجميع ولأجل الجميع ولبنان لكل اللبنانيين وكما أقول دوماً سيكون الاستحقاق الحقيقي في صناديق الإقتراع على أمل أن تبقى هذه اليقظة الوطنية لحين إجراء الانتخابات فيحاسب الشعب من أساء وينتخب من يستحق.

والسلام!

* الكاتب أستاذ جامعي وإعلامي وباحث