الهجوم الإلكتروني في المستقبل سيكون بخطورة الهجوم النووي!

جاد محيدلي

عند التفكير في المستقبل، أكثر ما يخيفنا ويقلقنا هو احتمال وقوع حرب نووية تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا أو حتى إلى إبادة شعوب، لكن قد تكون الحقيقة مختلفة بحيث يجب أن نفكر أيضاً بالحرب الإلكترونية. حتى الآن لم تؤدِّ معظم حوادث القرصنة المعروفة إلا لسرقة البيانات أو لنشر الرسائل السياسية أو الفضائح، ولكن توجد إشارات تدل على أن مخترقين تمكنوا من زرع برمجيات خبيثة في محطات الطاقة والماء في الولايات المتحدة الأميركية. وأشار الجيش الأميركي إلى أنه تمكن من اختراق الحواسيب التي تنظم شبكة الكهرباء في روسيا. وفي هذا الإطار، تقول دراسة نشرها موقع Tech2.com إن الهجوم الإلكتروني قد يسبب في المستقبل موتاً بطيئاً لعدد كبير من الناس بسبب نقص الماء أو الغذاء أو التلاعب بإشارات المرور مثلاً للتسبب بحوادث مميتة.

في أوائل عام 2016، سيطر هاكرز hackers على محطة أميركية لمعالجة مياه الشرب، وغيّروا الخليط الكيميائي المستخدم لتنقية المياه. وإذا لم يلاحظها أحد فقد يؤدي ذلك إلى حدوث حالات تسمم، وإمدادات مياه غير صالحة للاستعمال، ونقص في المياه، وبالتالي إلى سقوط ضحايا. وفي عامي 2016 و2017، قام متسللون بإطفاء أقسام رئيسية في شبكة الكهرباء في أوكرانيا لكن لم تُدمر أي أجهزة خلاله، على الرغم من قدرة المتسللين على القيام بذلك. أما في عام 2018، فتمكن قراصنة غير معروفين من الوصول إلى نظام الكهرباء في المملكة المتحدة. وفي هذا الإطار، حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي من احتمال استهداف المتسللين للمنشآت النووية، وقد ينتج هجوم مماثل انهيار المفاعل، إذ يمكن أن تتسبب هجمة إلكترونية في حصول حدث مماثل للحادث الذي وقع في تشيرنوبيل والذي أدى إلى مقتل 50 شخصاً.

الخطورة تكمن أيضاً في إمكانية إخفاء هوية المخترق والجهة التي تدعمه، ما يؤدي إلى ازدياد المشاكل بين الدول المتخاصمة. وبحسب الموقع الإلكتروني، توجد ثلاثة سيناريوات أساسية لهجمات سيبرانية من العيار النووي، ويمكن أن تبدأ بشكل بسيط، مع سرقة أو حذف أو مساس جهاز مخابرات دولة ما للبيانات العسكرية لدولة أخرى، ما يؤدي إلى جولات متتالية من الانتقام يمكن أن توسع نطاق الهجمات وشدة الأضرار التي تلحق بالمدنيين. كما يمكن لدولة أو منظمة إرهابية أن تطلق هجوماً إلكترونياً مدمرًا بشكل كبير يستهدف العديد من مرافق الكهرباء أو منشآت معالجة المياه أو المنشآت الصناعية في وقت واحد.

ووجد أحد التحليلات التي نشرها الموقع أن حوالي خُمس الشركات التي تستخدم أجهزة الكمبيوتر للتحكم في الآلات الصناعية في الولايات المتحدة فقط، تراقب أجهزتها للكشف عن الهجمات المحتملة، وأنه في 40% من الهجمات التي رصدوها، كان الدخيل يصل إلى النظام منذ أكثر من سنة. ووجد مسح آخر أن ما يقرب ثلاثة أرباع شركات الطاقة شهدت نوعاً من التسلل إلى شبكتها في العام السابق. ولا يمكن حماية هذه الأنظمة دون وجود موظفين قادرين على عمل كهذا. وفي الوقت الحاضر، نحو ربع وظائف الأمن السيبراني في الولايات المتحدة شاغرة. وأعرب أحد الموظفين للموقع عن قلقه من شغل بعض الوظائف الممتلئة على يد أشخاص غير مؤهلين لتنفيذها، معتبراً أن الحل هو مزيد من التدريب والتعليم، لتعليم الناس المهارات التي يحتاجون إليها لحماية الأمن السيبراني، وإطلاع العاملين الحاليين على أحدث استراتيجيات الاختراق والدفاع.