غياب الانتقادات للعهد في تظاهرة الحراك المدني الثانية

عباس الصباغ

اختلف المشهد في وسط #بيروت اليوم، ولم يتكرّر الصدام بين المتظاهرين والقوى الأمنية. كما لم تُحرق الإطارات ولا حاويات النفايات، وكأنّ ما حصل قبل أسبوع لم يكن "انتاجاً محلياً" على رغم مشاركة بعض الناشطين في التحرك الماضي اليوم. واللافت انه لم تسجل انتقادات لاذعة للعهد على غرار ما حصل قبل أسبوع، وكذلك لم يتدخل مناصرو أحزاب السلطة لقمع المتظاهرين، وايضاً لم يكن هناك إصرار من المحتجين على الصدام مع القوى الأمنية.

هي باختصار ابرز الملاحظات على ما جرى امس، وباستثناء محاولة احدى السيدات حرق نفسها، لم تسجل التظاهرة الثانية للحراك المدني منذ بدء ارتفاع سعر الدولار الأميركي، أي جديد لا لجهة الحشد المتواضع ولا لجهة الشعارات والهتافات التي رددها المشاركون في التظاهرة ساعات عدة، تخللها كرّ وفرّ بينهم وبين القوى الأمنية التي اضطرّت الى مواكبتهم في تحركاتهم المتنقلة من ساحة الشهداء الى مصرف لبنان مروراً بساحة رياض الصلح.

وكان قرار منظمي التظاهرة التظاهر فقط في ساحة الشهداء، وهذا ما أكدته "مبادرة وعي" التي دعت الى التحرك. بيد ان اصرار البعض على الانتقال الى ساحة رياض الصلح أفرغ ساحة الشهداء من المحتجين، وانتقل الجميع الى ساحة رياض الصلح. وهناك بدأ الانقسام بعد قرار بعض الشبان التوجه الى مصرف لبنان خلافاً لتوجهات منظمي التظاهرة.

"كرمى لأولادي ..."

بعد نحو ساعة من التجمّع في ساحة الشهداء، هدّدت سيدة من بلدة حاروف (النبطية) بإحراق نفسها احتجاجا على الاوضاع المعيشية والاقتصادية، واكدت انها مع أطفالها الخمسة تقيم في ساحة رياض الصلح منذ أسبوع بسبب عدم تمكنها من دفع اقساطهم المدرسية. وصرخت هذه السيدة مراراً: "جئت كرمى لاولادي، اريد عودتهم الى مدرستهم".

وبعدما هدأت الأمور غادر قسم من المتظاهرين ساحة رياض الصلح وتوجهوا الى الصيفي حيث قطعوا الطريق لبعض الوقت، ثم انطلقوا الى مصرف لبنان وسط إجراءات امنية مشددة. وقبالة المصرف هتفوا ضدّ السياسات النقدية، موجهين انتقادات لاذعة للحاكم رياض سلامة. وبعدما قطعوا الطريق موقّتاً عادوا الى وسط بيروت وقطعوا طريق جسر "الرينغ" على المسلكين من دون أي صدام مع القوى الأمنية.

وفي نهاية اليوم الماراتوني، عاد المتظاهرون الى رياض الصلح وحاول بعض المتحمسين منهم اجتياز الحاجز الذي اقامته القوى الأمنية، لكنّ المحاولات لم تنجح وسط هدوء في تعاطي عناصر قوة مكافحة الشغب مع الامر، وما لبث الوضع ان عاد الى طبيعته وسط هتافات ضد الحكومة ومصرف لبنان والسلطة رددها المتظاهرون لساعات في وسط بيروت.

وعلى هامش التظاهرة، لوحظ ان عدداً من الناشطين اليساريين تجمّعوا بعد وصول خبر وفاة الناشطة نادين جوني وسط بكاء البعض والتأثر الشديد لغياب ناشطة في الحراك المدني والمدافعة عن حقوق المرأة.

وأفادت "الوكالة الوطنية للاعلام" ان جوني قضت في حادث سير في الدامور أثناء توجهها امس للمشاركة في التظاهرة.

Abbas.sabbagh@annahar.com.lb