هونغ كونغ: متظاهرون يتحدّون حظر ارتداء الأقنعة... الحركة شبه مشلولة

شارك محتجون ملثمون مدافعون عن الديموقراطية في هونغ كونغ السبت في مسيرات تتحدى قرار السلطات منعهم من ارتداء الأقنعة، فيما بدت الحركة والأنشطة التجارية شبه متوقفة مع تعليق عمل شبكة المترو وإغلاق المتاجر والمراكز التجارية بعد ليلة شهدت أحداث عنف جديدة.

ونظّم المئات من المحتجين، أغلبهم ملثمون، تجمعا غير مرخص في منطقة كوزواي باي التجارية المعروفة، غداة منع ارتداء الأقنعة خلال التظاهرات، مستندة للمرة الأولى منذ 52 عامًا إلى سلطات تُمنح في حالات طوارئ تعود إلى حقبة الاستعمار البريطاني.

وفور الإعلان عن القرار اندلعت تظاهرات وأعمال في عدة مناطق في المدينة.

وأنزل متظاهرون لافتات تحتفل بذكرى مرور 70 عامًا على حكم الحزب الشيوعي في الصين وأحرقوها، قبل أن تندلع مواجهات طوال مساء الجمعة استخدمت فيها الشرطة الغاز المسيّل للدموع في عدة مواقع لتفريق محتجين سيطروا على طرق أو خربوا محطات للمترو أو اشعلوا نيراناً في الشوارع أو هاجموا متاجر داعمة للصين.

وفيما بدأ المحتجون تظاهراتهم السبت، دانت رئيسة السلطة التنفيذية في هونغ كونغ كاري لام المحتجين المطالبين بالديموقراطية في بيان متلفز شديد اللهجة لتسببهم في "ليلة حالكة جدا".

وقالت لام إن "أفعال مثيري الشغب المتشددين تسببت بليلة حالكة الظلمة بالنسبة لهونغ كونغ وتركت مجتمع هونغ كونغ نصف مشلول اليوم. الجميع يشعرون بقلق كبير حتى أنهم خائفون".

وتابعت "لا يمكننا السماح لمثيري الشغب بمواصلة تدمير هونغ كونغ العزيزة على قلوبنا"، داعية المواطنين للنأي بأنفسهم عن المتظاهرين المتشددين.

وجاء التجمع في كوزواي باي رغم إغلاق شبكة المترو في ارجاء المدينة وقد أظهر رغبة المحتجين في تحدي الحظر على ارتداء الاقنعة، وهتف المحتجون "لسنا مثيري شغب، هم طغاة".

وفي شيونغ شوي على مقربة من الحدود الصينية، شاهد صحافيون في وكالة فرانس برس مجموعات من المحتجين الملثمين يحطمون واجهات محلات مملوكة لشركات صينية أو داعمة لبكين.

وقد شاهدوا ضباطا، العديد منهم ملثمون ولا يضعون شارات الشرطة، وهم يقيدون رجلا يرتدي قناعا في الحي التجاري بعد ظهر السبت.

كما تم اعتقال واستجواب رجل وامرأة لكن يبدو أن الشرطة اطلقت سراحهما.

وتشهد هونغ كونغ احتجاجات مؤيدة للديموقراطية منذ أربعة شهور اتّخذت منحى عنيفًا بشكل متزايد.

وأشعل مشروع قانون ألغي لاحقًا كان سيسمح بتسليم المطلوبين إلى البر الصيني الرئيسي التظاهرات في هونغ كونغ خلال الصيف.

وبعدما اتّخذت بكين والقادة المحليون موقفًا متشدداً، رفع المحتجون سقف مطالبهم فدعوا إلى مزيد من الحريات ومحاسبة الشرطة.

ورفضت لام تقديم تنازلات كبيرة لكنها جاهدت للخروج بحلّ سياسي يمكن أن يوقف العنف، تاركة الشرطة والمحتجين وجها لوجه يخوضون معارك عنيفة في شكل متزايد فيما ضرب الركود المدينة.

وشهدت هونغ كونغ أسوأ موجة عنف حتى الآن الثلثاء حين احتفلت الصين بالذكرى السبعين لتأسيس الحزب الشيوعي، حيث أصيب شاب مراهق برصاص الشرطة حين هاجم ضابطا.

والجمعة، أعلنت لام منع ارتداء الأقنعة خلال التظاهرات، مستندة لأول مرّة منذ 52 عامًا إلى سلطات تُمنح في حالات طوارئ تعود إلى حقبة الاستعمار البريطاني، لكن ذلك أثار سخطا عارما عوضا عن تهدئة الأجواء.

وقالت متظاهرة تدعى ناتالي (32 عاما) إنّ "الحكومة لا تستمع لنا. لذا فنحن نصعد من تحركنا"، فيما كان متظاهرون متشددون يحطمون محطة في حي تسيومغ كوان او الذي كان هادئا فيما مضى.

وفي حي يوين لونغ في شمال المدينة، أطلق ضابط شرطة يرتدي ملابس مدنية الرصاص حين حاصره محتجون في سيارته وهاجموه بواسطة قنبلة مولوتوف انفجرت عند قدميه.


وذكرت وسائل إعلام محليّة أن شابا مراهقا أصيب بالرصاص في نفس المنطقة، لكنّ الشرطة لم تؤكد إذا كانت الطلقة جاءت من الضابط نفسه أم لا.

بدورها، اعربت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة ميشيل باشليه عن انزعاجها السبت للمنحى العنيف المتزايد للتظاهرات المدافعة عن الديموقراطية في هونغ كونغ.

وقالت خلال زيارة لماليزيا "إننا نشعر بالانزعاج إزاء ارتفاع مستويات العنف المرتبطة ببعض المظاهرات التي حدثت في الأيام الماضية"، وتابعت "أدين بقوة كل أفعال العنف من كافة الأطراف".

وردا على سؤال عن حظر ارتداء الاقنعة، قالت "نعتقد أنّ أي تقييد يجيب أن يكون له أساس شرعي ورسمي في القانون، وأن يكون متناسباً".

والسبت، علقت العمل في وسائل النقل العام في هونغ كونغ بما في ذلك خط السكك الحديد الذي يخدم المطار الدولي، بحسب ما أفاد مشغّل هذه الوسائل.

وبدت الحياة في المدينة، التي تعد مركزا ماليا رئيسيا، شبه مشلولة ومتوقفة.

وأغلقت مراكز التسوق أبوابها، فيما أعلنت سلاسل المتاجر أنها لن تفتح أبوابها كما ظلت المصارف الصينية مغلقة مع رسومات غرافيتي تشوه واجهاتها.

كما أعلن متجر "سيفين ايليفن" واسع الانتشار، الذي يفتح أبوابه 24 ساعة يوميا، أنّه سيغلق أبوابه في ارجاء المدينة بعد ظهر السبت.

وفي بعض المناطق، تشكلت طوابير طويلة أمام المتاجر مع محاولة السكان تخزين بعض السلع الاستهلاكية اليومية مثل البيض والأرز وأوراق المرحاض وغيرها من السلع الرئيسية.

وفيما صدمت احداث التخريب في المدينة الكثيرين من غير المعتادين على العنف، قال الكثير من النشطاء المعتدلين إنه لا يزال لديهم تعاطف مع مستخدمي العنف.

وبعد ظهر السبت، وفيما كان يتفقد رجل يدعى لوك (67 عاما) الدمار في متجره الكائن في محطة مترو، قال إنه يعارض التخريب لكنه ليس بوسعه إدانة المخربين.

وقال إنّ "الحكومة لن تقدم أي تنازلات ... الحكومة لا تقوم بحوار مع المواطنين. هم فقط يقومون بهذا السلوك الأحادي الجانب".

ووصف رجل فرنسي يعيش في هونغ كونغ عرّف نفسه باسم ماركو قرار منع ارتداء الاقنعة بأنّه "يضيف الزيت على النار".

وتابع: "لكنني اعتقد ان الاشخاص الذي حطموا المحطات متطرفين".

وينص القانون الجديد، الذي قالت لام إن سيدخل حيّز التنفيذ منتصف الليل، على سجن أي شخص يرتدي قناعًا في تظاهرات مرخّصة أو غير مرخّصة لمدة تصل إلى عام.

ورحّبت جمعيات الشرطة والنوّاب المؤيدين للصين بالحظر.

واستُخدم القانون آخر مرّة خلال أعمال الشغب في 1967، وهي فترة شهدت مقتل أكثر من 50 شخصًا في سلسلة عمليات قتل وتفجيرات نفّذها يساريون واستمرت لمدة عام.