الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

لبنان وأزمة اللاجئين

المصدر: النهار
شادي نشابة
لبنان وأزمة اللاجئين
لبنان وأزمة اللاجئين
A+ A-

صدرت اتفاقية اللاجئين العالمية في العام 1951، وأعقبها بروتوكول العام 1967 التابع لها؛ والجدير بالذكر أن لبنان لم يوقّع على هاتين الوثيقتين المتعلّقتين باللاجئين وحقوقهم في بلد اللجوء، وبالتالي فإنه متحرّر من أي التزامات تجاههم كلاجئين، إلا أنّ ذلك لا يحرّره من التزامه القانون الدولي والإنساني، وعدم مخالفة التشريعات والأعراف الدولية التي تحمي الإنسان وتفرض تأمين الحد الأدنى من المستوى الحياتي له من قِبل أي سلطة قائمة.

تقدّم الدولة اللبنانية للسوريين المدنيين الموجودين على أراضيها جميع المساعدات والتسهيلات وفق ما تسمح به الإمكانات، وهي تتعاون في هذا المجال مع المنظّمات والهيئات الدولية.

تاريخ اللجوء إلى لبنان

استقبل لبنان في مراحل تاريخه الحديث عددًا كبيرًا من اللاجئين، ليس لكونه يقع جغرافيًا في جوار البلدان التي أصابتها أزمات وحروب، بل أيضًا لوجود نقاط جذب أخرى ترتبط بخصائص موقعه، ونظامه السياسي والحرية الفردية فيه، إضافة إلى تركيبته الديموغرافية المتنوّعة، وقد بدأت دفعات اللاجئين بالدخول إلى لبنان منذ الحرب العالمية الأولى وعلى الشكل الآتي:

_ الأرمن، من العام 1915 حتى العام 1940: اندمجوا في المجتمع اللبناني وأصبحوا لاحقًا مواطنين لبنانيين. حاليًا يقدّر عددهم بحوالى 234 ألف شخص تتمركز كتلتهم البشرية الأكبر في منطقة برج حمود.

_ الفلسطينيون، من العام 1948 حتى العام 1970: دخلت أول موجة لاجئين بعد أحداث 1948 وقدّر عددهم بـ100 ألف شخص، والثانية بعد حرب العام 1967، وآخر موجة جاءت من مخيم اليرموك في سوريا بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت هناك. وقد أصبح عدد اللاجئين حاليًا وفق مصادر الأونروا 450 ألف فلسطيني، وهناك تقديرات أخرى تفيد بأن عددهم يفوق الـ500 ألف شخص.

_ العراقيون، من العام 2003 حتى العام 2008: دخلوا إلى لبنان بعد الحرب في العراق، وقد وصل عددهم إلى 50 ألفًا ثم تدنى تدريجيًا ليصبح حاليًا حوالى 10 آلاف شخص.

_ السوريون، من العام 2011 حتى العام 2014: بتاريخ 3 نيسان 2014، تمّ تسجيل النازح السوري الرقم مليون، ووفق إحصائيات الأمم المتحدة، يبلغ عددهم حاليًا 1.170.000 (مليونًا ومئة وسبعين ألفًا)، وقد صدر قرار عن الحكومة اللبنانية بعدم تسجيل أي سوري بعد تاريخ 1/1/2015.

تعتبر الحكومة اللبنانية السوريين المدنيين الموجودين على الأراضي اللبنانية نازحين وليسوا لاجئين، وذلك لعدة أسباب:

- إن الأحداث الأليمة في سوريا تجري على أجزاء وليس على كل الأراضي السورية، وبالتالي هناك الكثير من الأماكن الآمنة الصالحة لاستقبالهم داخل حدود دولتهم.

- إن هذه الأحداث هي أحداث مرحلية ومن المفترض أن يعود الوضع إلى طبيعته بعد حين، بعكس ما حصل في فلسطين المحتلة.

وصل عدد اللاجئين السوريين إلى مليون ونصف المليون، حسب منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، خسر لبنان مليارات الدولارات، وفي الوقت عينه استفاد من وجودهم بسبب الهبات والمشاريع التنموية في المناطق الآوية للاجئين.

فاليوم، أكثر من ثلث سكان لبنان من اللاجئين، وهذا له تداعيات مختلفة إجتماعية واقتصادية. وحسب التقارير الدولية، فإن لبنان الأول عالمياً باحتضان اللاجئين وذلك قياساً بمساحته الجغرافية.

بالإضافة إلى ذلك هناك تداعيات مختلفة كالتالي:

هناك أكثر من 170 ألف لبناني تأثّروا اقتصاديًا وأصبحوا تحت خط الفقر، و200 ألف فقدوا فرص عملهم أو أصبحوا عديمي الإنتاجية بسبب البطالة ومنافسة اليد العاملة السورية لهم.

• ارتفاع نسبة التلوّث بشكل كبير في الأرض والمياه الجوفية والأنهار والسواقي، خصوصًا في المناطق القريبة من تجمّعات اللاجئين السوريين.

• استهلاك كبير للموارد (كهرباء ومياه) من دون أي مقابــل مــادي للدولــة.

• ازدياد نسبة الجريمة (سرقات، قتل، دعارة)

بالإضافة إلى التوتر الحاصل والذي يؤدي إلى التأثير في العلاقات الاجتماعية بين المجموعات الحاضنة واللاجئين، ما يؤدي إلى ثقافة الكره بين المجموعتين، وهذا طبعاً يعدّ من العوامل السلبية التي تؤدي إلى أعمال جرمية وغيرها.

حالياً، لبنان في حيرة بين موضوعين، والإثنان مهمان: حقوق الإنسان التي يجب لبنان مراعاة هذا الموضوع، وفي الوقت عينه وضع مصلحة لبنان القومية والاجتماعية والاقتصادية من ضمن أولوياته.

وذلك يتطلب إستراتيجية واضحة من قبل الدولة اللبنانية، وهذه الخطة بعد إعدادها يتم مناقشتها مع المجتمعَين الدولي والإقليمي، وخصوصاً أننا في ظل ظروف دقيقة على الصعيدين المالي والاقتصادي.

هذه الخطة كان يجب أن توضع منذ بداية الأزمة، ولكن أن تأتي متأخرة أفضل من ألاّ تأتي وينهار البلد على الجميع، على لبنان أن يستفيد أكثر من هذا الواقع، وأن يضع أولوياته بطريقة مساوية للوضع الإنساني والاقتصادي والاجتماعي.

على المجتمعَين الإقليمي والدولي أن يتحملا مسؤولياتهما بشكل أكبر على الصعد كافة، وعلى لبنان أن يعدّ خطته ويتفق عليها جميع المكونات السياسية، وأن يضع المجتمعَين الدولي والإقليمي تحت أمر الواقع.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم