كريستيان لاكروا: "لست حزيناً لأنني تركت عالم الأزياء"

فاديا خزام الصليبي

عاد المبدع العالمي Christian Lacroix إلى الظهور، بعد أن ابتعد عن منصّة الأزياء منذ سنة 2009. في ذلك الصباح كنت في عرض المصمم Dries Van Noten الذي تعاون مع هذا المبدع لإطلاق مجموعة ربيع وصيف 2020، أعادني العرض إلى فلكلور مدينة Arles مسقط رأس لاكروا، الذي فاجأ الجميع بظهوره بعد انقطاع دام سنوات. وفي الكواليس وفي دردشة مع الصحافة قال لـ"النهار":

Christian Lacroix

لاكروا بعد غياب سنوات

"أنا لست حزينًا بسبب مغادرتي هذا العالم. فعروض الأزياء لم تكن أبداً كوبي من الشاي (تعبير فرنسي)، حقاً. ولكن هناك عدداً قليلاً من المصممين الذين أُعجب بهم، و Dries واحد منهم، يعجبني كيف ميّز نفسه عن البقيّة، وبالتالي قدرته على التعبير عن الأقصى والأدنى.أنا أشتري ملابسه، لديّ متحف لدرايز يحتوي على ملابس محبوكة بالصنارة. لذلك عندما تلقيت بريده الإلكتروني كنت أشعر بالفضول، فكرت، كيف حصل درايز على بريدي الإلكتروني الخاص؟ ويضيف: التقينا في شهر آذار، سراً، في مكاتب Puig في الشانزليزيه، مباشرة بعد احتجاجات السترات الصفر، تحدثنا عن كل شيء: الموضة، العالم، ولكن أيضاً الملابس، لأن في النهاية، هذا هو ما يحتاج إليه الناس. لا يمكنهم ارتداء فكرة. ثم بدأنا نتعاون في نيسان. لم أفعل شيئًا حقًا. وصلت إلى أنتويرب وكان لديه كل الأقمشة الموجودة على اللوح الخشبي بالفعل: الأشرطة، الجاكار، القماش المطبّع بنقشة الحمار الوحشي. قلت له "درايز، أنت لست بحاجة اليّ".

مجموعة ربيع وصيف 2020 للمصمم درايز فان نوتن بالتعاون مع كريستيان لاكروا

وعندما سألناه عن المرّات التي التقيا فيها للتعاون، قال:

التقينا حوالي سبع مرات. عادة كنت أحتاج الى مجموعتين ونصف قبل أن أحصل على المجموعة النهائية، لكن الكثير مما قمنا به في حزيران كان في العرض. لم تكن مباراة للغرور والتباهي. كلانا من برج الثور، وأعتقد أن هذا ما ساعدنا. ولكن في النهاية، النعم أو اللا تنتمي إليك.

وفي أسئلة خاصة طرحتها عليه، كان هذا الحوار:

الطفولة

ـ أزياؤك فيها الكثير من فلكلور مدينتك Arles في جنوب فرنسا....

أنا ولدت في هذه المدينة الغنية بالفلكلور والتقاليد والثقافة، وأشعر بأنها مطبوعة في داخلي الى الأبد.

ـ ما الذي تتذكره من طفولتك؟ عائلتك؟

أذكر أنّ أمي كانت سمراء ريفيّة تعشق الأوبرا وتحب الثرثرة والبرونزاج، تعذِّب وتتعذّب. وعندما توفيت سنة 1999 تضايقت كثيراً، وتوقفت عن الذهاب إلى Arles، ثمّ عدت إلى التردد عليها سنة 2005. ومنذ ذلك التاريخ تصالحت مع ماضيّ، فشعرت بسلام داخلي. أذكر أنّ بيتنا كان ممتلئاً بتسجيلات أوبرالية لماريا كالاس. كما أذكر أنّ جدي وجدتي كانا كلما ذهبا إلى باريس يأتيانني ببرامج المسارح الفرنسية الكوميديّة، فكنت أشعر أنني شاهدتها كلها. وكان جدي لأمي يأخذني الى مكتبة الأبرشية لكي أطّلع على الكتب الكبيرة للقرون الماضية، لاسيّما وأنني كنت في ذلك الوقت أحضّر بحثاً عن الألوان المنفّذة بالرسم الزيتي في القرن السابع عشر. ما زلت أحلم بتلك الأماكن التي كنت أراها في تلك الكتب.

أرشيف لاكروا

الديانة المسيحية وتأثيرها على أزيائه

ـ يبدو أنّك متاثر بالديانة المسيحيّة، لأنك كنت تعكس الصلبان على القماش بالإضافة الى العقود؟

أنا متحدّر من عائلة كاثوليكيّة، ولكنني غير ملتزم، وأصبحت كذلك حين تناولت قربانتي الأولى، فمفهومي للدين وللأديان خاص بي، مع أنني أتمنى أن أنفذ ديكور إحدى الكنائس، حتى لكأن شهرتي وإسمي الأول (كريستيان منشقّ من Christ أي المسيح بالفرنسية ولاكروا أي الصليب) يحتّمان عليّ القيام بذلك، حتى إنّ الاسمين الآخرين لي هما "ماري" و "مارك" تماما كالإنجيليين (يضحك).

ـ ولكن أذكر أنّه منذ سنوات طويلة نعتك البعض بـ"محارب الأيقونات" ...

إنهم بعض المسيحيين الأصوليين، وحفنة من المناضلين في الجبهة الوطنية، أرادوا ان يمنعوني من إقامة معرض لفساتين الأعراس في الكنيسة الصغيرة في فرساي، واتهموني أنني محارب للأيقونات، لقد ظلموني مع أنني لست هدّاماً للصور القديمة، بل أمضي وقتي في ترميمها وتعظيمها.

فرنسواز الزوجة وتقدم العمر

ـ فرنسواز زوجتك، ما هو دورها إلى جانبك؟

إنها الزوجة المثالية، فهي باريسية من الدرجة الأولى، أنيقة، ذات ذكاء حاد ومفردات لغوية جذابة، لديها حس الطرافة، وهي التي شجعتني على الاتجاه نحو الموضة، في الوقت الذي كنت أطمح فيه لأن أصبح "أمين متحف" سنة 1976.

ـ ماذا يقول لك تقدم العمر؟

أنا من الذين يؤمنون بالقضاء والقدر. خضعت للواقع!

الشرق

ـ ماذا يعني لك الشرق؟

عندما كنت صغيراً، كنت مأخوذاً بقصص الأقمشة الآتية من الشرق، وبالكلمة الموضوعة على شخص "السيدة العذراء" الموجود في مرسيليا: "مرسيليا، الباب إلى الشرق". ثمّ ابتداء من سنة 1961 عندما بدأ يتوافد إلى Arles الأوروبيون الجزائريون، صرت أتلذّذ بجو السوق يوم السبت، حيث كنت أشاهد البذلات المزخرفة للجزائريين. عكست حبي للأشياء الشرقية في تصميمي لثياب الباليه لاستعراض "شهرزاد" في قصر غارنييه.

ـ سيّد لاكروا، أريد أن أسألك أخيراً، لماذا كنت تضع قرنفلة بيضاء على كل كرسي في كل عرض لأزيائك، وترمي بواحدة كلما خرجت لإلقاء التحيّة في النهاية؟

لأنّ رائحتها تذكرني بطفولتي....فمنذ أول عرض لي اعتمدت هذا الشعار، حتى إنني صممت طقم شاي منثوراً بالقرنفل لدى كريستوفل.

مع مصمم الإكسسوارات غيتا تزوري