معرض النحت في "نابو": لمسُ المنحوتة في بيئتها الحقيقية

طرابلس- رولا حميد

ينضم معرض "منحوتات حديثة ومعاصرة من لبنان" الذي افتتحه متحف "نابو" في موقعه على شاطيء الهري، إلى منهجية المعرضين اللذين رفع المتحف اسلوبهما في تحدٍ جديد، وكان عنوانهما "قرون من الإبداع"، و"رسوم تركت أثرا".

فمنذ تأسيسه لسنة خلت تقريبا، أرسى متحف "نابو" أسلوبا خاصا في المعارض، كأنه يؤسس لنوعٍ جديد من التأريخ مستخدما الفنون من رسوم ونحت كبصمات خلفتها الشعوب وراءها، مستعرضا في كل معرض حقبة تاريخية معينة، وموثقا لها عبر الأعمال الفنية، لكنها مديدة تجعل من المعرض وقعة فنية متخمة، غير قابلة للاستيعاب في حال تناولها دفعة واحدة.

يحمل "نابو" في كل عمل، هما كبيرا للعالم، ويتحمل تحدي المضي إلى الأمام، فبعد الذي كان، لم يعد من مجال للعودة إلى الوراء.

في المعرض الجاري حاليا في حديقة "نانايا" المتاخمة ل"نابو"، وفي الهواء الطلق، انتشرت منحوتات لعشر من الفنانين اللبنانيين، المعاصرين، والمحدثين، في مسعى من المتحف إلى تحويل الحديقة إلى منصة تتثنى فيها مكامن جمالية للطاقة غير المرئية في الكتل المنحوتة، بمواجهة عناصر الطبيعة، وبتحدٍ متجدد على تخوم البحر، ورياحه المالحة، الدائبة الهبوب، أحيانا بهدوء، وأحيانا أخرى بجنون.

يعتقد منظم ومنسق المعرض الدكتور فيصل سلطان أن "المهم في المنحوتة أن تعشق الهواء الطلق، والفضاء الرحب، لذلك فالمنحوتات في حديقة "نانايا" هي لقاء مع رحاب الطبيعة، وجمالها".

هناك، في الطبيعة المكشوفة تتفاعل، وتتصارع الحركة الطبيعية الفطرية مع الحركة الجمالية المتخيلة النابعة من عقل الفنان، فإذا المشاهد أمام تناقض الطبيعة بجلافتها وعشوائيتها، مقارنة مع صقل موادها، وعناصرها على يد فنان سلاحه الحس المرهف.

الفنانون العشرة الذين تم اختيار اعمال لهم هم: زافين هديشيان، حسين ماضي، نعيم ضومط، أنطوان برباري، رافي توكاتليان، بيار كرم، رودي رحمة، أناشار بصبوص، نبيل الحلو، وبسام كريلوس.

يرى سلطان أهمية ل"اختيار جيلين في الحداثة يجمعان التلاقي بين التجريد والواقع، منهم زافين هديشيان الراحل منذ عام، وفنانون آخرون بينهم حسين ماضي صاحب التجربة الواسعة، ونعيم ضومط الذي زاوج بين الواقع والتجريد، وانطوان برباري الذي نقل النزعة التعبيرية بكل قساوتها، ومن هذا الجيل رافي توكاتليان".

إلى جيل المعاصرة، بحسب سلطان، فهو الذي عاش أهوال الحرب اللبنانية، وتخطى إلى مدارس تعبيرية جديدة مثل بيار كرم، ورودي رحمة، ونبيل الحلو، وأناشار بصبوص، وبسام كريلوس.

أما مؤسسو المتحف، فهاجسهم الانسان الأول، الذي يعودون إليه في تأسيس أولى تجارب الفن المختلفة، وعلى صعيد النحت، كعنوان المعرض الحالي، تساؤلات عن الانسان القديم في بلاد الشام، والرافدين، واوروبا القديمة، وبقية القارات، وعن حافزه لينحت أعمالا من الحجر، والطين، والمعدن، ويكتب اسمه على عمله.

تمثل هديشيان بمنحوتة "عشتار في حالة ابتهاج عامر"، صخرية من أعمال ١٩٨٦، وحسين ماضي بمنحوتة "خطف أوروبا"، حديد، تمثل ثورا يحمل أوروبا ويهرب بها، وهي من أعمال ٢٠١٠، ونعيم ضومط بمنحوتة من رخام ممشح بالسواد، بعنوان "خطى الرقص"، من أعمال سنة ٢٠٠٥، وأنطوان برباري، بمنحوتة "عازف الفيولونسال" برونز، ٢٠١٧، ورافي توكاتليان ب"المدافع"، برونز، ٢٠١٢، وبيار كرم ب"الريح" برونز، ٢٠١٠، ورودي رحمة ب"اكتشاف الفضاء"، مسحوق الرخام، ٢٠١٦، وأناشار بصبوص ب"شموس الليل"، فولاذ، ٢٠١٧، ونبيل الحلو ب"اللانهاية"، الياف زجاجية وفيبرغلاس، ٢٠١٨، وبسام كريلوس ب "البيضة التذكارية"، المنيوم، ٢٠١٧.

بعد الافتتاح، دعي الحضور لسهرة مع "فيفالدي"، جرت بإلقاء من الفنانة جوليا قصار، وعزف هاروت فازليان، وبرعاية السيدة الأولى ناديا عون.

الموعد الفني التالي ل"نابو" هو تشرين الثاني المقبل حيث يفتتح معرض "الفن في لبنان ١٩٢٠-١٩٤٨".