الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

تهديد نتنياهو يذكرنا لماذا يحتاج الفلسطينيون إلى اتفاق

فيصل ج. عباس ـ رئيس تحرير عرب نيوز
تهديد نتنياهو يذكرنا لماذا يحتاج الفلسطينيون إلى اتفاق
تهديد نتنياهو يذكرنا لماذا يحتاج الفلسطينيون إلى اتفاق
A+ A-

بات من السهل التنبؤ بمجريات السياسة الإسرائيلية ما قبل الانتخابات. فقد بات شبه مؤكد أن يحاول أي رئيس وزراء، الساعي لإعادة انتخابه، تعزيز شعبيته من خلال شنّ ضربة عسكريّة أو بناء المزيد من المستوطنات غير الشّرعيّة. وإضافة إلى هذه الإجراءات، فقد يلجأ رئيس الوزراء إلى تقديم وعود مستفزة لما بعد الانتخابات، كوعد بنيامين #نتنياهو الأخير ضمّ غور الأردن.

وبجميع الأحوال، فإن مقدمتي السابقة لا تعني أن تهديد نتنياهو يجب ألا يؤخذ على محمل الجدّ. إذ بتنا نعيش أوقاتاً لا يمكن توقّعها حيث أي شيءٍ ممكن، وذلك بشهادة أيّ محلل سياسي يراقب المشهد العالمي في السنوات الأخيرة.

ومع اقتراب موسم الانتخابات في الولايات المتحدة، فإن خطر مثل هذه الوعود يعدّ محدقاً وحقيقياً. وكما نعلم جميعنا، وبعكس الحال لمؤيّدي إسرائيل، أن تكون مؤيدًا للفلسطينيين لا يؤمّن لك أيًّا من أصوات السياسيين في واشنطن. أيضاً، أوضحت الإدارة الأميركية الحاليّة أنه لن يكون بمقدورها فعل الكثير للمساعدة إن لم يكن الفلسطينيون مستعدّين للموافقة على اتّفاق.

إلا أن القيادة الفلسطينيّة رفضت حتى الآن دعوات فريق كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر المتعلّقة بالحضور إلى طاولة المفاوضات. ويعطي هذا بطبيعة الحال القيادة الإسرائيلية، وهي بعكس ما قد تظهر غير مهتمّة بمفاوضات كهذه، عذراً لتتّهم الطّرف الآخر برفضه السلام.


يقودني هذا إلى النقطة التي أشرت إليها مرارًا في هذا العمود: على الفلسطينيين أن يلعبوا لعبة السياسة. نعم، من غير المرجّح أن يحصلوا على كل ما يطالبون به، لكنهم لن يعودوا خاليي الوفاض أيضاً. وحتى لو لم يحصلوا على شيء، لا يتعيّن عليهم بالضرورة قبول الشروط.

وأشارت مصادر أميركيّة وسعوديّة مطّلعة على مبادرة كوشنر لـ "عرب نيوز" في وقت سابق من هذا العام، أن الخطّة ستتطلّب تضحيات من الجانب الإسرائيلي أيضاً. فضلاً عن ذلك، لم يؤكد أي من هذه المصادر وجود أي خطّة لضمّ أجزاء من غور الأردن أو الغور بأكمله. بدلاً من ذلك، أشارت المصادر لوجود اقتراح يتضمّن الاعتراف بدولة فلسطين وتبادل الأراضي من طريق التّفاوض بين الدولتين.

وكان المراقبون حذروا على مرّ عقود من أن فرص تحقيق السلام تتقلّص مع الوقت. لذلك، على الفلسطنيّين أن يكونوا واقعيّين وأن يقبلوا الواقع المر أنه كلما طال الوقت لإبرام صفقة، قلّ ما سيحصلون عليه في النهاية. وقد ثبت هذا على مرّ التاريخ.

علاوة على ذلك، كلما طال التّوصل إلى اتفاق سلام كانت النّتائج أكثر ضررًا، وهي كذلك بالفعل بالنّسبة للبلدان المجاورة بخاصة سوريا ولبنان والأردن.

من جهة ثانية، على الإسرائيليين أن يتصرفوا بسرعة وحسم أيضًا، لأنه بغضّ النّظر عن نتائج الانتخابات المقبلة، فإن فرص حل الدولتين تتراجع بسرعة. حيث التركيبة السّكانية على الأرض ستجعل التّعايش بين الشعبين مستحيلاً، إلّا إذا كان عند نتنياهو أو رئيس الوزراء الإسرائيلي القادم خطّةً سرية لإلقاء قرابة 5 ملايين فلسطيني في البحر.

وما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن فريق نتنياهو اعتمد منذ زمن حيلة بناء مستوطنات غير شرعيّة على الأراضي الفلسطينيّة لكسب الأصوات. وعلى الرغم من أن هذا قد ساعد نتنياهو أن يصبح الرجل الذي شغل منصب رئيس الوزراء لأطول مدّة في تاريخ إسرائيل، إلا أنه جعل عمليّة تحقيق السلام مع الفلسطينيّين شبه مستحيل.

لوضع المشكلة في منظورها الصحيح، لا نحتاج إلّا لأن نلاحظ العدد الصغير نسبياً من المستوطنين الذين اضطرّوا للانتقال عندما قام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون بتفكيك 21 مستوطنة يهوديّة في قطاع غزة عام 2005، وبضعة آلاف من الذين اضطرّوا للانتقال من شبه جزيرة سيناء عندما قام رئيس الوزراء في ذلك الوقت مناحيم بيغن بتفكيك 18 مستوطنة يهوديّة عام 1982.

أما في عهد نتنياهو، فارتفع عدد المستوطنين غير الشرعيّين في الضّفة الغربيّة إلى 800,000 بحسب تقارير متفاوتة. ومن شأن هذا العدد الكبير من السكّان أن يجعل من نقل المستوطنين تحدّياً صعباً، ويجعل المفاوضات لإقامة دولة مجاورة صالحة أصعب للفلسطينيين.

في ظل هذه الظروف، فإنه قد يكون صحيحاً أن أي خطّة لضم غور الأردن أو مرتفعات الجولان أو أي أرض عربيّة أخرى قد تخدم نتنياهو كشخص من الناحية السياسية. لكن ليس هناك مكسب لإسرائيل بعد ذلك، لأن أيّ خطوة مماثلة من شأنها أن تجعل من عمليّة تطبيع العلاقات مع الدول العربيّة أكثر صعوبةً، في وقت لا تزال إيران تشكل تهديدًا كبيرًا للعرب والإسرائيليّين على حد سواء.

*نقلاً عن "عرب نيوز" السعودية

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم