أول حـوار لإنهاء المأساة السورية: النظام يرسم "خطوطاً حمراً" والمعارضة تُشهر تقرير "التعذيب والقتل"

نظار العالم إليها. فرغت أجندات وسائل الاعلام من أي موعد آخر، كل الأحداث باتت تفاصيل، هنا في مدينة مونترو يُصنع الحدث، والعالم يراقب. أهالي المدينة لم يكترثوا لـ"الحصار" المفروض عليهم، ولسان حالهم "نحن فخورون بمدينتنا، علّنا نساهم في وقف مأساة أطفال سوريا وأهلها، علّها تكون انطلاقة ناجحة لوقف المأساة".


مدينة موسيقى "الجاز" الصيفي تحولت قلعة مسيجة، يقف على تخومها آلاف من رجال أمن مدججين بالسلاح والعتاد وخصوصاً أجهزة اتصال تعمل بلا توقف. المدينة باتت تذكر أهلها بحصن شيّون (Chillon) القريب منها، ذي الصيت الذائع في كتب التاريخ السويسري لصلابته وعصيانه الغزاة في القرون الوسطى.
وانتشر رجال الأمن في كل الشوارع والأزقة، وحولت بلدية المدينة وسائل النقل العام إلى شوارع داخلية، ومنعت المرور في الشارع الرئيسي الوحيد الذي يربط مونترو بالعالم المحيط، وبات دخولها ممنوعاً إلا لسيارات الوفود اليوم، وسيارات الشرطة والإسعاف، ومن يقرر الوصول إلى المدينة فالقطار وسيلته الفضلى الوحيدة. أما الصحافيون، فحجزت المدينة لهم القسم الخارجي من الفندق الأصفر الفخم (فندق الافتتاح) وحركتهم محدودة جداً، ولكن في متناولهم النقل المباشر لكل ما يجري داخل القاعة الفخمة.
وللحدث، وضعت المدينة كل إمكاناتها واستعانت بإمكانات الكونفيديرالية لتأمين الحماية على الأرض ومن الجو وأيضا على سطح بحيرة ليمان التي تفصل سويسرا عن فرنسا. ورأى رئيس المجلس البلدي لمونترو لوران فهرلي أن المؤتمر سيكون أفضل وسيلة تسويق لسمعة المدينة اذا جرت الأمور التنظيمية والأمنية بشكل جيد ومن دون مفاجآت. "باستقبالها 450 ممثلاً مشاركاً ديبلوماسياً في المؤتمر وأكثر من ألف صحافي تؤكد مونترو موقعها مدينة بديلة (من جنيف) لاحتضان المؤتمرات الديبلوماسية". وللمناسبة لم يعد في فنادق المدينة والقرى المحيطة بها أي سرير خال من الأسرّة الـ800 التي تضمها في الأيام الأولى لإعلان مونترو بديلا من جنيف لافتتاح المؤتمر.


لا دور للجربا
وبعد تذليل آخر العقبات بسحب دعوة الأمم المتحدة إيران للمشاركة في جنيف 2، يفتتح المؤتمر أعماله كما هو مقرر في التاسعة من صباح اليوم بتوقيت سويسرا (10:00 بتوقيت لبنان) بكلمة للامين العام للأمم المتحدة بان كي - مون، تليها كلمات لرؤساء الوفود، وستمنح حوالي 5 دقائق فقط لكل كلمة، على أن لا يتعدى النهار الافتتاحي السادسة مساءً بتوقيت سويسرا. وسيلقي وزير الخارجية السوري وليد المعلم كلمة سوريا ( النظام قبل كلمة الوفد المعارض، بعد نقاش ديبلوماسي حول هذا الموضوع انتهى باختيار المعلم كون النظام لا يزال هو من يمثل سوريا في المحافل الدولية)، في حين سيلقي رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" احمد الجربا كلمة المعارضة، على أن تقتصر مشاركته في المحادثات على الجلسة الافتتاحية فقط. وعلمت "النهار" انه لن يكون هناك دور مباشر للجربا في مرحلة بدء المحادثات الثنائية في مقر الأمم المتحدة بجنيف.


لائحة المعارضة
وحصلت "النهار" على أسماء وفد المعارضة الذي سيحضر مؤتمر جنيف 2 بدءاً من اليوم الافتتاحي وفي الجلسات التالية في مقر الأمم المتحدة بجنيف وهم: الخط الأول احمد الجربا، نذير الحكيم، عبد حميد درويش، ميشال كيلو، بدر جاموس، انس عبده، سهير اتاسي، محمد حسام الحافظ وهادي البحرة. وافادت وكالة "الأناضول" التركية شبه الرسمية أن هيثم المالح سيشارك في الوفد ومن الممكن أن يرأسه خلال المحادثات الثنائية التي ستبدأ بعد غدٍ في جنيف. ويذكر أن للمالح خبرة طويلة في المفاوضات مع النظام. أما المشاركون في الخط الثاني للمعارضة، فهم: محمد صبره، ريما فليحان، احمد جقل، إبرهيم برو، عبيدة نحاس، عبد الأحد اصطيفو، الى عسكريين من الداخل.
وتوقعت أوساط الائتلاف السوري لـ"النهار" أن يجري بحث جدي بعد نهاية الجولة الاولى من جنيف 2 لإعادة وصل ما انقطع بين أطياف الائتلاف السوري، وكشف أنه سيكون هناك دور كبير للسعودية في محاولة رأب الصدع بين المنسحبين والباقين في الائتلاف.
وأوضحت أوساط الأمم المتحدة أن سيناريو المحادثات سيتناول بداية الملفات غير الخلافية والمتفق عليها مبدئياً (النهار كانت قد نشرت سيناريو أجندة المحادثات في عددها الصادر في 18 كانون الأول 2013)، على أن يضاف إليه البحث في بعض الملفات ذات العلاقة المباشرة بالميدان السوري وخصوصا في الجانب الإنساني منها كفتح الممرات لإيصال المواد الغذائية، ورفع الحصار عن بعض المناطق وتبادل أولي للأسرى.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" عن المعلم قبيل وصوله الى مونترو "ان موضوع الرئيس والنظام خطوط حمراء بالنسبة لنا وللشعب السوري ولن يمس بها او بمقام الرئاسة".
وأعلن الكرملين في بيان أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تحدث هاتفيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبحثا في جنيف 2. وأضاف ان نبرة المحادثة كانت "عملية وبناءة".
أما معارضو الأسد، فاستشهدوا بأدلة فوتوغرافية جديدة على عمليات تعذيب وقتل واسعة النطاق من الحكومة السورية، وجددوا مطلبهم أن يتنحى الأسد ويواجه محاكمة دولية على ارتكاب جرائم حرب. وقال محامون معنيون بجرائم الحرب إن مجموعة كبيرة من الصور هربها مصور في الشرطة العسكرية السورية تقدم دليلا واضحا على أن حكومة الأسد ارتكبت عمليات قتل وانتهاكات تعذيب ممنهجة في حق 11 ألف معتقل. وشبه واحد من ثلاثة مدعين دوليين سابقين لجرائم الحرب وقعوا التقرير الصور "بالقتل الواسع النطاق" في معسكرات الموت النازية.