بعلبك على موعد مع مهرجان للأفلام... الثقافة قرينة "مدينة الشمس" الأبديّة

كلّما أخفق لبنان الدولة ثقافيّاً، عاد لبنان الوطن الذي يأبى الأفول وأثبت لنا أنّ موطن الآلهة ومهد القانون والأب الروحي للحضارات ما برح عرّاب الثقافة والفن في الوطن العربي والعالم. وكلّما أعادتنا بعض الجهات بضع خطوات إلى الوراء، دفعتنا المبادرات الفرديّة النّابعة عن شغفٍ وتعلّقٍ بالوطن مجدّداً، بكلّ ما أوتيت من قوّة، إلى الأمام، لحماية وجه لبنان الثّقافي من أيّة شائبة.

واليوم، بعد موجة المنع والمصادرة التي قسمت الشارع اللبناني، ها هو مهرجان بعلبك الدولي للسينما بنسخته الثالثة، يشدّد مرّة أخرى على العلاقة الوثيقة التي تربط لبنان عموماً بالثقافة والفن والإبداع الحر، وبعلبك عرّابة فيروز خصوصاً. فبعلبك ليست تلك المنطقة الموبوءة، و"ليست بؤرة الإرهاب ومخزن الأسلحة"، تشدّد مي عبد الساتر، مؤسّسة ومديرة مهرجان بعلبك الدولي للسينما، "كما أنّها ليست مجرّد منطقة لبنانية تتقن تحضير "الصفيحة"، بل هي مدينة ثقافيّة بامتياز، ومن واجبنا تلف الصورة النمطيّة التي ترافق أذهان الناس كلّما فكّروا ببعلبك".

النسخة الثالثة من المهرجان استثنائيّة على مختلف الأصعدة. فالمبادرة الثقافيّة هذه السنة فرديّة بامتياز، تجري في بيت الضيافة لقلّة التمويل الذي حال دون "استئجار القلعة"، وتقدّم ستة أفلام مترجمة، لبنانيّة وعربيّة، متوسّطة وطويلة، بالإضافة إلى سلسلة أفلام وثائقيّة، مميّزةً بذلك هذه الدورة عن سابقاتها التي كانت مخصّصة للأفلام العالميّة والأفلام القصيرة، لدراسة تفاعل الجمهور مع هذه المعايير. وقد أطلق منظّمو المهرجان شعار "ليالي السينما الصيفيّة" على هذه النسخة الممتدّة من 16 إلى 18 آب، تمييزاً لها عن المهرجان التقليدي، والتي تُقدَّم فيها هذه الأفلام الحائزة جوائز عالميّة بحضور القيّمين عليها، من مخرجين ومنتجين وممثّلين. كما تلي العروض جلسة نقاش مع الحضور لضمان تفاعل ثقافي ناجح.

"أثبت المهرجان للسنة الثالثة أنّه متنفّس لشباب بعلبك" تؤكّد عبد الساتر، "وقد عملنا على تقديم مجموعة أفلام ووثائقيّات عربيّة ومحلّية لتسليط الضوء على هذه الأعمال المستقلّة وغير التجاريّة التي تحمل رسائل وأبعاداً ثقافيّة واجتماعيّة لا تقلّ أهميّةً عمّا تقدّمه الأفلام العالميّة". كما تشدّد على الهدف الثقافي والتنموي للمهرجان ذي الدخول المجّاني، والذي يرعاه كلّ من جمعيّة "نادي لكلّ النّاس"، "بيت الضيافة البعلبكي"، "Peace of Art"، "Safe Side" و"L’Institut Francais"، مشيدةً بشغف فريق العمل وأعضاء لجنة المهرجان.