من هو الإله بعل الذي ورد ذكره في القرآن وفي الكتب العبرية؟

جاد محيدلي

يعتبر بعل أهم إله لدى الكنعانيين، وكانوا يعتبرونه الإله المحارب، لهذا صوروه مسلحاً. وكان الفينيقيون يعتبرونه إله الشمس، وقد نقلوا معهم عبادته إلى قرطاج في شمال أفريقيا حيث أطلقوا عليه الإله بعل هامون، ومن آلهتهم أيضاً عشتار وبلوخ وأدونيس. وكان بعل إله الزوابع والأمطار والخصوبة، وورد اسمه في التناخ وفي القرآن، وتحديداً في سورة الصافات: "أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ". ورد اسم بعل كذلك كثيراً في الكتب التي أرّخت تاريخ العرب قبل الإسلام، بصفته أحد الآلهة السائدة في الدول المجاورة لجزيرة العرب، وذكر أن بعل كان أحد آلهة سوريا وعبده العبريون في مطلع تاريخهم أيضاً، وكان إله أجدادهم الأولين، كما يحدثنا بذلك كتاب العهد القديم. وكان ينافسه الإله موت وكانا في حالة صراع دائم. وذُكر في كتاب العهد القديم: "وتعلق إسرائيل ببعل. فحمى غضب الرب على إسرائيل. وقال الرب لموسى خذ جميع رؤوس الشعب وعلقهم للرب مقابل الشمس".

ونتيجة للصراع الدائم بين الآلهة في الأساطير السابقة بالديانة العبرية، فإن بعل في الأسطورة الأوغاريتية ليس مغلوباً على أمره، وكان كل سبع سنوات يظهر له الإله موت ويتحداه، فيسلم بعل نفسه له، ويهبط إلى العالم السفلي، ولكنه يعود منتصراً إلى الحياة بعد معركة عنيفة دارت بين بعل والاله عناة من جهة، وبين موت واتباعه من جهة ثانية. حيث تقتل الإلهة عناة الإله موت ويتم تقطيعه ونشر جسده في الحقول. ويقوم بعل من جهته بالقضاء على بقية القوى الموالية للإله موت. وفي موضع آخر من الأسطورة فإن بعل وقبل هبوطه قام بمضاجعة عجلة سبع وسبعين مرة متوالية، فتحمل العجلة منه. وبعد أن يضمن بعل لنفسه الاستمرار عن طريق الغلام الذي زرع بذرته في رحم العجلة ينزل إلى العالم السفلي، وهناك يستلب منه الإله موت روحه. ووفق نص الأسطورة فإن الإله بعل العلى مات. حيث يقال "هلك الإله سيد الأرض".

بعد ذلك جاء بنو إسرائيل واعترفوا بالإله بعل، وبعد ذلك جاء القرآن الكريم فأكد على ما سبق، سواء في أساطير الشعوب القديمة، أو في العهد القديم. فبعد أن رفض المشركون (كما نعتهم القرآن) دعوة الدين الجديد (الإسلام) خاطبهم بآية "أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين"، ومعنى (تذرون) أي تتركون أحسن الخالقين. وبالرغم من أن القرآن اعترف بأن بعل أحد الآلهة الذي يؤمن به المشركون ويلجأون إليه، فإنه اعتبر الرجل المتزوج هو "بعل" زوجته وشريكة حياته، وهو ما نصّـت عليه آية "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضـاً...". وهكذا يتبين أن الدين اليهودي والإسلام، تحدثا عن وجود آلهة سابقة، وكان من بين تلك الآلهة الإله بعل الذي ساوت اليهودية والإسلام بينه وبين زوج المرأة، بصفته السيد، وأصبح يقال بالعربية "بعل" أي الزوج.