"لا جديد تحت الشمس". بهذه الكلمات يمكن وصف المبادرة الجديدة التي أطلقتها القائمة بأعمال الموفد الأممي إلى ليبيا ستيفان خوري في محاولة لحلحلة الانسداد السياسي الذي تعانيه البلاد منذ سنوات.

فبعد انتظار دام لشهور، جالت خوري على الأفرقاء المحليين والقوى الدولية النافذة في محاولة للوصول إلى حد أدنى من  التوافق لتطلق معه مبادرتها للحلّ. لكن مضمونها جاء شبيهاً بمبادرات سابقة، ويتوقع ألا تختلف في النتائج.  

المبادرة "المنقوصة"، وفقاً لما نُقل عن خوري نفسها خلال اجتماعات مع أطراف ليبية، تعتمد على مسارين: الأول تشكيل لجنة خبراء مستقلين تنظر على عجل في العراقيل التي تواجه تنفيذ القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية على أن تُقدم توصيات "غير ملزمة" إلى الأمم المتحدة؛ والثاني يدور حول فتح حوار موسّع مهمّته الأولى تشكيل حكومة موحّدة، مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية فقط.

حزمة من التحديات والأسئلة تحيط بالخطوة الجديدة، فخوري نفسها لم يتبقّ على مهمتها سوى أيام معدودات، قبل أن يختار مجلس الأمن موفداً أممياً جديداً. ولا تملك خوري ضمانات بأن يمضي الموفد الجديد بتنفيذ الخطة نفسها، مما أثار ترجيحات بأنّ هدفها تمديد مهمتها حتى صيف العام المقبل.
 
وعشية كشفها عن تفاصيل المبادرة، كرّرت خوري خلال إحاطة دورية أمام مجلس الأمن التحذير من أن وحدة أرض ليبيا "مهددة". ولفتت إلى "تنافس كيانات مسلّحة على النفوذ والسيطرة على الموارد"، مع استمرار التوسّع في الاعتقالات "التعسفية" في ليبيا ومقتل أربعة في داخل مقار الاعتقال. 

 موفد أممي جديد؟

الباحث الليبي في الشؤون السياسية والاستراتيجية محمد امطيريد، الذي حضر أحد اجتماعات خوري، أكد لـ"النهار" أن الأخيرة لم تتطرق خلال الاجتماع إلى تعيين موفد أممي جديد، مرجحاً أن يكون طرح المبادرة في هذا التوقيت "يهدف إلى أن يعقبها طلب مجلس الأمن التمديد لمهمتها حتى آب (أغسطس) المقبل في ظل الانقسام بين الدول الكبرى داخل المجلس".  

ورجح امطيريد، وفقاً لمحادثات جانبية مع أعضاء في البعثة الأممية، أن تدفع الأخيرة "نحو الاكتفاء بانتخاب برلمان جديد بغرفتين (مجلس نواب مقره بنغازي، ومجلس شيوخ مقره طرابلس) كخطوة تتجاوز الانقسام حول شروط الترشح للرئاسة، وكذلك أزمة توحيد الحكومتين". لكن امطيريد رأى أن تلك الخطوة ليس من شأنها حل الصراع بين الأفرقاء "بل ستنقله إلى تحت قبة البرلمان الذي سيُقسم إلى تكتلات تمثل الأطراف الحاكمة في المشهد، ثم لن تتفق على إجراء انتخابات رئاسية، وستتصاعد الانقسامات على تسمية رئيس حكومة جديد ليظل الأمر رهن التوازنات وتقاسم المناصب".

أما رئيس "تجمع تكنوقراط ليبيا" الدكتور أشرف بلها، الذي حضر هو الآخر أحد اللقاءات مع خوري، فأشار لـ"النهار" إلى أن الأخيرة "أكدت عدم علمها بمستقبل مهمتها، وأن الأمر رهن التوافقات في داخل مجلس الأمن، وهي ليست مطلعة على تلك الترتيبات". لكنه لفت إلى "تسريبات عن إمكان الاتفاق في داخل مجلس الأمن على تسمية وزير خارجية باكستان السابق موفداً أممياً جديداً، بحكم اعتراض روسيا على أن يتولّى المنصب أوروبي أو أميركي".  

مبادرات منقوصة

ونقل بلها عن خوري قولها إن "البعثة الأممية ليس لديها أي ضمانات لتنفيذ مبادرتها إلا إذا كان هناك التزام من أطراف النزاع المحلي، وكذلك إجماع دولي على رعاية المسار وتفعيل العقوبات الدولية ضد المعرقلين المحليين". كذلك نقل عن خوري وصفها المبادرات المطروحة للحلّ في ليبيا بأنها "لا تزال منقوصة"، وأن توافق الأطراف الدولية الفاعلة في الملف الليبي "لا يزال منقوصاً". 

ويتفق رئيس "الائتلاف الليبي الأميركي" فيصل فيتوري مع ترجيح امطيريد لكون طرح خوري المبادرة في هذا التوقيت هدفه الحصول من مجلس الأمن على تمديد لفترة ولايتها في ليبيا. 

وإذ استبعد الفيتوري نجاح المبادرة، كشف لـ"النهار" عن حصول خوري على قوائم ترشيحات تضمّ أكثر من 30 عضواً لتلك اللجان تمثل كلّ فريق من المتصارعين، معتبراً أن خوري دخلت في متاهة تشكيل اللجان التي ستمثل في عضويتها المتصارعين على السلطة، وستعمل تحت أمرتهم، وأيّ قرارات لن تخرج من دون موافقتهم، وهو ما يعني في الأصل إعادة تدوير للمسار الذي كان اقترحه الموفد المستقيل عبد الله باثيلي بعقد طاولة حوار خماسية.