"كتلة صلبة"… تشكيل المشهد السياسي المصري لمواجهة المتغيرات الداخلية والإقليمية؟

شمال إفريقيا 19-01-2025 | 13:46

"كتلة صلبة"… تشكيل المشهد السياسي المصري لمواجهة المتغيرات الداخلية والإقليمية؟

"كتلة صلبة"… تشكيل المشهد السياسي المصري لمواجهة المتغيرات الداخلية والإقليمية؟
شهد جمع التوكيلات لحزب الجبهة الوطنية نشاطاً ملحوظاً بمحافظات عدة
Smaller Bigger
يتفق كثير من المتابعين والمحللين على أن تدشين حزب "الجبهة الوطنية" المصري، يهدف أساساً إلى الاستعداد مبكراً للانتخابات البرلمانية التي يتوقع إجراؤها في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لكن ثمة  إشارات تستوجب التأمل والتحليل، كونها تتجاوز هذا الكيان السياسي الوليد، والاستحقاق الانتخابي المرتقب.

بين تلك الإشارات حالة القلق التي باتت تشعر بها قطاعات واسعة من المصريين، نتيجة عوامل محلية يأتي على رأسها الأوضاع الاقتصادية الضاغطة، وربما بدرجة أكبر، المتغيرات الإقليمية المتسارعة والمفاجأة التي تحدث في منطقة ملتهبة، وقد تكون مرشحة لمزيد من الاشتعال في المستقبل مع تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة في 20 كانون الثاني (يناير) الجاري.

تطرح تلك الإشارات قراءة موازية لتكوين الحزب الذي تتشكل هيئته التأسيسية من وزراء ومسؤولين سابقين كبار، بجانب مجموعة من رجال الأعمال المصريين الكبار الذين تقدر ثرواتهم بالمليارات، وهم الممولون الأساسيون لـ"الجبهة".

ويأتي تدشين الحزب بعد نحو 3 أعوام من انطلاق الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي نظر إليه بعض المحللين على أنه خطوة عملية لإعادة التماسك الداخلي (سياسياً)، ورآه البعض محاولة للم شتات "جبهة 30 يونيو" التي خاضت المواجهة الشعبية ضد حكم جماعة "الإخوان المسلمين" عام 2013، قبل أن يستجيب الجيش المصري لهتافات ملايين المتظاهرين في الشوارع، ويخرج من ثكناته لحماية مطالبهم.

كتلة صلبة
يؤكد مراقبون أن حزب الجبهة الوطنية الذي نجح في جمع "أضعاف" عدد التوكيلات  المطلوبة لتأسيسه رسمياً، الأسبوع الجاري، لن يضيف جديداً إذا حصد غالبية مقاعد البرلمان، أو تقاسمها مع الأحزاب المسيطرة على الغالبية حالياً، مثل "مستقبل وطن"، و"الشعب الجمهوري"، و"حماة وطن" وغيرهم، لأن تلك الأحزاب في معظمها محسوبة على الموالاة. كما أن الفوز في الانتخابات يخضع لحسابات قبلية وعائلية، لا تعكس الدعم الشعبي بالضرورة.

لكن النقطة الجوهرية حقاً التي يطرحها قادة الحزب الوليد، والتي قد تشكل فارقاً لو نجحوا في تحقيقها بحسب رأي سياسيين ومحللين تحدثت إليهم "النهار"، هي سعيهم  الى تكوين كتلة جماهيرية صلبة تلتف حول الحزب، وتدعم قرارته، وذلك وسط عزوف جماهيري كاسح عن الممارسة السياسية.

هذه النقطة تطرّق إليها ضمناً وزير الزراعة السابق وعضو الهيئة التأسيسية للحزب السيد القصير، خلال لقاء إعلامي، قبل أيام. فقد أشار إلى أن من بين ما يتجاوز 77 مليون مواطناً مصرياً لهم الحق في ممارسة حقوقهم السياسية، لا يوجد منهم سوى 2 أو 3 في المئة فقط يشتركون في أحزاب سياسية.

وهذا التلميح الذي يدل على مدى عزوف المواطنين عن المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، يشير في الوقت ذاته إلى أن "الجبهة الوطنية" لديها رغبة في معالجة "السيولة الجماهيرية" بتكوين "كتلة صلبة" من المواطنين الداعمين للحزب، الذي أعلن مؤسّسوه أنه سيدعم قرارات السلطة التي يرى أنها في مصلحة الوطن والمواطنين، وأنه لا يسعى للوصول الى الحكم حالياً، قبل أن "تنضج الحياة السياسية"، وهو التصريح الذي أثار مزيداً من السجالات والانتقادات.

قيد الاختبار
يرى مدير "المركز العربي للبحوث والدراسات" في القاهرة الدكتور هاني سليمان أن أداء "الجبهة الوطنية" لا يمكن تقيمه الآن، فهناك الكثير من الأسئلة التي سوف يجيب عنها الحزب بنفسه خلال المرحلة المقبلة.

ويقول لـ"النهار": "مبدئياً، يمكن النظر إلى تدشين الحزب، كمحاولة لضخ دماء جديدة في الحياة الحزبية في مصر، فرغم وجود العديد من الأحزاب، إلا أنها ما زالت غير قادرة على ملء الفراغ وتحقيق درجة كافية من إقناع المواطنين بالمشاركة في الحياة السياسية".

ويتفق سليمان مع فكرة أن الإعلان عن الحزب يرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة، ويقول: "بعدما لم تستطع الأحزاب القائمة إقناع المواطنين بالالتفاف حول برامجها، كانت هناك حاجة الى ظهور كيان جديد، قد يستطيع النجاح في استقطاب المواطنين خلال المرحلة القادمة".

لكنه تساءل: "هل يحمل حزب الجبهة برامج وخطة جديدة؟ وهل سيكون اكثر اتساقاً وتواصلاً مع الناس؟ أم سيكون تكرار اً لما سبق؟ اعتقد أن هذا سيكون التحدي الأساسي للحزب".

أما بشأن أن الحزب جاء تلبية للمتغيرات الإقليمية، فيرى أنه "لا يمكن الجزم بهذا الآن، لأن الحزب لا يزال محل اختبار، والإجابة قد تتجلى مع تزايد قوته، واستطاعته أن يعبّر عن نفسه بشكل متفرد، وأن يكون له ظهير شعبي قوي، ويضرب بجذوره في المجتمع المصري".

من أسفل الى أعلى
من جانبه، يقول السياسي والنائب السابق محمد أبو حامد لـ"النهار" إن "الأحزاب التي تنشأ مرتبطة بالسلطة غالباً لا تحقق الأهداف المرجوة منها، من ناحية أنها داعمة للاستقرار السياسي، أو التنوع الفكري، أو تحقيق أهدافها الأخرى، لأنها تكون بعيدة تماماً من الأسس التي تتكون الأحزاب بناء عليها".

ويعتقد أبو حامد أن "الحزب السياسي يعني برنامجاً وأفكاراً محددةً، يتم استقطاب الناس بناء على أساسها. ويحتاج الحزب الى شرح نفسه للجمهور، عبر مفكرين ومنظرين مدركين لأفكاره، يكون بمقدورهم إيجاد روابط بين أفكار الحزب والأهداف التي يسعى المواطنون الى تحقيقها، ومن ثم يشعر المواطنون أن الحزب يمثلهم ويحقق ما يحلمون به لبلدهم أو لأسرهم وأنفسهم، وتالياً يلتفون حوله ويدعمونه".

وبشأن ما إذا كان الحزب يشكل خطوة لمواكبة المتغيرات الداخلية والإقليمية المتسارعة، يرى البرلماني المصري السابق أن "التوقع هو أن دور الحزب الجديد لن يتجاوز الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة، لأن مواجهة التحديات الإقليمية تحتاج إلى فتح المجال العام، وترك الأحزاب السياسية تمارس نشاطها بالطرق الطبيعية، فهذا يساعد على التماسك الداخلي، ويجعل الجميع (حكومة وشعباً) على قلب رجل واحد في مواجهة التحديات والمتغيرات الإقليمية".


 

 

الأكثر قراءة

النهار تتحقق 11/15/2025 9:19:00 AM
"تقول السلطات إن الأمر كله مرتبط برجل واحد متهم...". ماذا عرفنا عن هذا الموضوع؟  
مجتمع 11/13/2025 4:43:00 PM
أكّد المدير العام للطيران المدني المهندس أمين جابر أنّ التحويل في مسار الرحلات جاء نتيجة الأحوال الجوية القاسية في الشمال.