لم تواكب البرازيل تطوّر كرة القدم، إذ بقيت وفية لماضيها الذي يعتمد على "سحرة كرة القدم". ومع أفول نجم جيل مونديال 2002 المميز، لم يعد منتخب "سيليساو" جاذباً، ولهذا حظي النجم نيمار بهالة ضخمة منذ بروز موهبته مع نادي سانتوس.

خطف اللاعب بأسلوبه الأنظار، مراوغاته وقدرته على التسجيل جعلته أحد أكثر اللاعبين موهبة في جيله، حتى وضعت كل الآمال عليه قبل مونديال 2014 الذي استضافته البلاد. إلا أنه لم يستمر، فانتقاله إلى أوروبا عبر برشلونة ثم انتقاله بأغلى صفقة في التاريخ إلى باريس سان جيرمان سرّعت ضياع موهبته بداعي الإصابات والتحديات التي قصّرت عمره في الملاعب الأوروبية.

تألق نيمار في برشلونة على نحو لافت، وخصوصاً  بإشراف المدرب لويس إنريكي حيث جاور "الأسطورة الحية" الأرجنتيني ليونيل ميسي والمهاجم الأوروغوياني الفذ لويس سواريز، وفي نادي الأمراء لعب الى جانب كوكبة من أهم نجوم العالم يتقدمهم كيليان مبابي، وبالتالي لطالما كان ناجحاً في جوار الأساطير، ومع المنتخب الأصفر كان عادياً.

اعتبر في بداية مسيرته خليفة "الجوهرة" بيليه، وخصوصاً أنهما إبنا نادي سانتوس، حيث لعب 225 مباراة سجل خلالها 136 هدفاً وصنع 64، ليقود الفريق لتحقيق ألقاب عدة محلية وقارية، أبرزها كأس ليبرتادوريس 2011. وفي برشلونة حقق دوري أبطال أوروبا 2015، وخاض 186 مباراة، سجل 105 أهداف، وصنع 76، محققاً نجاحاً باهراً، لكنه قرّر الرحيل في خطوة مفاجئة عام 2017 إلى سان جيرمان في مقابل 222 مليون يورو، حيث لعب 173 مباراة سجل فيها 118 هدفاً وصنع 77، إلا أنه فشل في قيادة الفريق لحلمه الأهم وهو الظفر بلقب دوري الأبطال، بحيث عانى من إصابات عدة، أبرزها في مشط القدم.

في صيف 2023، هجر القارة العجوز إلى الوجهة الحديثة وهي الدوري السعودي، فانضم إلى الهلال في مقابل 100 مليون يورو، لكنه لم يلعب سوى 7 مباريات فقط، سجل خلالها هدفاً واحداً وصنع 3، قبل أن يتعرض لإصابة قوية في الرباط الصليبي خلال مباراة البرازيل مع الأوروغواي في تصفيات مونديال 2026. الإصابة سرّعت مجدداً نهاية رحلة نيمار في ملاعب المملكة العربية، ليعود إلى ناديه الأم بعد 12 عاماً من الترحال.

وقال مارسيلو تيكسيرا، رئيس نادي سانتوس عبر المنصات الإعلامية للفريق: "حان الوقت (للعودة) يا نيمار، حان الوقت لتعود إلى أهلك، إلى بيتنا، إلى النادي الموجود في قلوبنا، مرحباً بك يا فتى فيلا (بلميرو، ملعب سانتوس)، عد لتكون سعيداً مرة أخرى بالقميص الأبيض والأسود، تنتظرك أمة سانتوس بأذرع مفتوحة".

وفي وقت سابق، ذكر الهلال ببيان نشره على منصة "إكس" أنه "يعرب عن شكره وتقديره لنيمار على ما قدمه طوال مسيرته مع الهلال".

انفصال كان متوقعاً وخصوصاً أنّ نيمار لم يقدم الإضافة المرجوة إلى "زعيم" الأندية السعودية، وبالتالي فإنّ الصفقة من الناحية الفنية كانت فاشلة بكل النواحي، إذ غاب 18 شهراً عن الملاعب، إنما كانت مربحة مادياً للاعب الذي كسب حوالى 156 مليون دولار. في المقابل، كان الدوري السعودي يسطع عالمياً وجذب أسماء كبيرة لوضعه من ضمن أهم الدوريات العالمية، وبالتالي كان لا بد من التعاقد مع الأسماء "الرنانة" بغية التسويق للعبة الشعبية في المملكة فضلاً عن الترويج للمملكة بحد ذاتها ضمن "رؤية 2030"، ولاحقاً الترويج لملف السعودية لاستضافة مونديال 2034 شأنه شأن النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو.

وكتب نيمار في رسالة عبر حسابه في موقع "انستغرام": "أعطيت كل شيء للعب وأتمنى أن نستمتع بأوقات أفضل في الملعب معاً... إلى السعودية شكراً لكم على إعطائي أنا وعائلتي منزلاً جديداً وتجارب جديدة هنا". وتابع: "أعرف الآن السعودية ولديّ أصدقاء مدى الحياة لطالما شعرت بالحب باللعبة سأتابع الرحلة إلى الأمام نحو عام 2034، وسيكون مستقبل السعودية مذهلاً ستحدث أشياء خاصة وسأدعم هذا البلد دائماً وسأبقى داعماً ومتابعاً للهلال".