شهدت الرياضة السورية حراكاً سريعاً خلال الشهر الأخير، بعد استقالة العديد من الاتحادات الكروية، في مقدمها مجلس إدارة اتحاد كرة القدم، إضافة الى انتهاء المرحلة الانتخابية لاتحاد كرة السلة قبل فترة قصيرة جداً من النافذة الثالثة والحاسمة، في التصفيات الآسيوية التي يستضيف فيها المنتخب السوري نظيريه الإماراتي والبحريني على التوالي في 21 و24 شباط / فبراير المقبل، ولو أن الظروف الحالية تدفع الى توقع عدم استضافة سوريا للقاءين على أرضها ونقلهما إلى دولة أخرى، مع تشكيل لجنة موقتة لتسيير شؤون الاتحاد بقيادة أرام أفاديسيان، وتغيير مدرب المنتخب ليرحل الأرجنتيني فاكوندو بيتراتشي ويتولى المحلي هيثم جميل، صاحب الخبرة الكبيرة، تدريب المنتخب مع كادر عمل يضم أسماء فنية محلية قوية مثل عبود شكور وأشرف دركزلي. 

الاستعانة بأصحاب الخبرات انطبقت أيضاً على اتحاد كرة القدم مع تعيين محمد قويض مدرباً لمنتخب الشباب الذي يخوض نهائيات أمم آسيا الشهر المقبل، وسط مجموعة صعبة تضم بجانبه كلاً من اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند. ولم يعمل قويض مع أي فريق سوري منذ مغادرته نادي الكرامة عام 2011 بعد أن كان صاحب الإنجاز الأبرز في تاريخ الأندية السورية، حين قاد الكرامة الى المباراة النهائية من دوري أبطال آسيا عام 2006، وهي البطولة التي بات مجرد التأهل إليها حلماً للأندية السورية حالياً. 

وتولى الأمين العام لاتحاد القدم مازن دقوري تسيير أمور الاتحاد، بعد استقالة مجلس الإدارة، في حين يشرف فراس تيت على مكتب الألعاب الجماعية في الاتحاد الرياضي العام، الجهة الرياضية الأعلى في سوريا، والتي تولى محمد الحامض قيادتها بعد سقوط النظام. 

تولى محمد الحامض رئاسة مديرية الشباب والرياضة في حكومة الإنقاذ بإدلب عام 2020 سابقاً، أما تيت فكان أحد أبرز النجوم الشباب في سوريا حين اندلعت الثورة عام 2011 ليلتحق بصفوفها. 

عودة النشاط تبدو أمراً ملحّاً لكنها يواجه العديد من التساؤلات، إذ تواجدت 3 دوريات كروية مختلفة في سوريا العام الماضي، أحدها الدوري السوري الممتاز، المعتمد من الاتحاد الدولي، والدوري الذي أشرفت حكومة الإنقاذ على تنظيمه في إدلب، والدوري الذي نظمته الحكومة الموقتة والاتحاد السوري الحر في شمال حلب وإعزاز، ومن الواضح أن مستوى الأندية الموجودة في دوريات الشمال يستحق الاهتمام فعلاً، فنتائجها وأداؤها في الوديات التي خاضتها ضد أندية الدوري الممتاز أظهرت وجود تميز في المستوى، بانتظار معرفة آلية دمج هذا الأندية ضمن منظومة الرياضة السورية. 

أما في كرة السلة، فالدوري لم يبدأ بعد، مما يعني أن الأندية لم تلعب أي مباراة منذ انتهاء الموسم الماضي، أي قبل أكثر من 7 أشهر، عدا مغادرة العديد من المدربين أبرزهم اللبناني مروان خليل الذي حقق لقب الدوري في آخر موسمين مع الوحدة، والتونسي سفيان فرجاني الذي كان من المفترض أن يدرب الأهلي هذا الموسم. 

يمكن القول أن هذه ليست إلا بداية التغييرات في الرياضة السورية التي ستشهد، في الغالب، لاحقاً عودة العديد من المغيّبين عن الساحة المحلية في السنوات الأخيرة، نتيجة مشاكل مع النظام السابق والمنظومة الرياضية التي كان يقودها حزب البعث، وأول العائدين كان رجل الأعمال فهر كالو الذي قدم رعاية خاصة الى منتخب الشباب، والذي سيذهب للبطولة الآسيوية مع قميص جديد نتيجة تغيير اللباس الأساسي للمنتخب من الأحمر الى الأخضر، وتغيير النشيد الوطني في مباريات المنتخب ليكون قصيدة "في سبيل المجد" الشهيرة للشاعر عمر أبو ريشة. 

وبعد استحقاقات منتخبي رجال السلة وشباب القدم، سيكون على منتخب رجال القدم أن يبدأ رحلة التصفيات في الشهر الثالث بإشراف المدرب الإسباني خوسيه لانا الذي سيستمر في رحلته مع المنتخب مع انتظار معرفة ما إذا كان اللاعبون المغتربون سيواصلون تمثيل المنتخب، على غرار ما حدث خلال العام الماضي، في الملف الذي خلق الكثير من علامات الاستفهام عمّا إذا كانوا يتقاضون أموالاً في مقابل اللعب للمنتخب، وعن مدى قدرتهم على دعمه رغم تميز البعض منهم مثل أيهم أوسو وإيمانويل عمور، مما يعكس طبيعة الملفات التي تنتظر الرياضة السورية في المرحلة الجديدة.