في النهاية لا أحد يساعد لبنان - الدولة
أعلن نعيم قاسم رفض "حزب إيران/ حزب الله" تمديد وقف إطلاق النار حتى 18 شباط /فبراير. لكن التمديد حصل باستجابة أميركية لطلب إسرائيلي، وأُعلن أولاً ببيان مقتضب من واشنطن سبقته اتصالات مع الحكومة الحالية في لبنان. خلال المهلة الفاصلة سيُعاوَد التفاوض، بواسطة المبعوثة الأميركية الجديدة مورغان أورتاغوس، ولا ضمان بأنه لن يكون هناك تمديد آخر. من جهة، تتأبّط إسرائيل "الضمان الأميركي" الذي يسمح لها بمواصلة خروقاتها لوقف إطلاق النار من دون إعلان الأسباب والأهداف الحقيقية لاستمرارها بهدم المنازل وتجريف الأراضي. ومن جهة أخرى، لا يرى "الحزب" موجباً لكشف كل أوراقه جنوب نهر الليطاني لتسهيل مهمات الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل"، وإذ يعتبر أمينه العام قاسم أن الدولة هي حالياً "المعنيّ الوحيد والأساس في مواجهة إسرائيل" فهو لا يزال يغلّب مراوغة الدولة على التعاون معها لتجاوز الكارثة التي حلّت بالبلد.
لماذا التمديد الآخر لاتفاق وقف إطلاق النار لا يبدو مستبعداً؟ لأن ملف التفاوض يلحظ، من أيام آموس هوكشتاين، حل الخلافات على النقاط الحدودية، لكن يُتوقع أن تكون الحرب غيّرت العروض التي طرحتها إسرائيل سابقاً للتوصل الى موافقة "حزب إيران" على وقف "إسناده لغزّة". صدر أخيراً نفي رئاسي لبناني لأنباء متداولة عن طلب إسرائيل إبقاء قواتها في خمس نقاط حدودية، لكن المعروف أن إسرائيل استبقت حربها في الجنوب بالحديث عن شريط عازل، فهل تخلّت عن هذا الشريط؟ لن يتضح الأمر إلا بعد محادثات دونالد ترامب- بنيامين نتنياهو إذا ثبت موعد لقائهما الأسبوع المقبل. في أي حال، لم تتخلَّ إسرائيل عن نمط "الانسحاب التدريجي" الذي فرضته بالتنسيق مع واشنطن، وأصبح واضحاً أن الاتفاق الذي وقع مع الحكومة اللبنانية (بموافقة من "حزب إيران") يخضع لتفسيرات أميركية - إسرائيلية متقلّبة ولا علاقة لها بالنص، ومن شأنها أن تزيد التحدّيات أمام الحكومة اللبنانية المقبلة.
واظبت البيانات الإسرائيلية، في معرض تبريرها عدم التزام وقف إطلاق النار، على اتهام الدولة اللبنانية بأنها "لم تنفّذ الاتفاق بالكامل"، وصولاً إلى القول بأن الجيش "يساعد الحزب" في الحفاظ على مخابئ الأسلحة، بل أرفقت ذلك بتسريبات الى "التايمز" تسمّي أحد الضباط. تبدو إسرائيل كأنها تحرّض واشنطن على الجانب اللبناني بأنه "غير متعاون"، لكن شيئاً في الاتفاق بكل تفسيراته لا يفترض أن لبنان- الدولة مُطالَبٌ بـ "مساعدة" إسرائيل، حتى لو كانت له مشكلة كبيرة مع السلاح غير الشرعي لـ "الحزب". على العكس، يُفترض أن تُلزم الولايات المتحدة إسرائيل بوقف النار والانسحاب الكامل لـ "مساعدة" للبنان- الدولة في عزمه، وفقاً لخطابَي القسم والتكليف، على تطبيق "احتكار الدولة للسلاح" وبسط سلطتها عل كامل الأراضي اللبنانية، بما فيها خصوصاً تلك التي تحتلها إسرائيل.
لكن هل أن "حزب إيران" يساعد الدولة اللبنانية؟ السردية التي يعتمدها نعيم قاسم تُظهر العكس تماماً. فعلى رغم اعترافه بسقوط "قوة الردع" وتبريره لإخفاقها، إلا أن "حزبه" يماطل في انتظار خيارات طهران والحوار الذي تسعى إليه جاهدة مع واشنطن، ليتعرف الى مستقبله ومصير سلاحه. يقول قاسم إن اخراج إسرائيل من لبنان "مسؤولية الدولة" ولم يقل أن إعادة الاحتلال كان "مسؤولية الحزب". يقول أيضاً إن إعادة الإعمار من أولويات حكومة لبنان، لكنه يتجاهل أن سلاحه والعراضات الانتصارية التي يفتعلها سيؤخران المساعدات وينفّران الدول المانحة.
نبض