النهار

"خطر" الغارات الإسرائيلية يُقلق سكان القماطية... بين النزوح الثاني والصمود
بتول بزي
المصدر: "النهار"
لم يكن يتوقّع سكان بلدة القماطية في قضاء عاليه، ذات الغالبية الشيعية، أن تكون منطقتهم عرضةً للاستهداف الإسرائيلي المتكرّر، خصوصاً بعدما استقبلت آلاف النازحين منذ توسّع الحرب، وباتت بيوتها "ملجأً" لمئات العائلات النازحة من الجنوب والبقاع والضاحية. 
"خطر" الغارات الإسرائيلية يُقلق سكان القماطية... بين النزوح الثاني والصمود
استهداف شقّة سكنية في القماطية في 6 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي (حسام شبارو).
A+   A-

 لم يكُن يتوقّع سكان بلدة القماطية في قضاء عاليه، ذات الغالبية الشيعية، أن تكون منطقتهم عرضةً للاستهداف الإسرائيلي المتكرّر، خصوصاً بعدما استقبلت آلاف النازحين منذ توسّع الحرب، وباتت بيوتها "ملجأً" لمئات العائلات النازحة من الجنوب والبقاع والضاحية.

 

يُمكن لسكان القماطية رؤية النار تُلهب الضاحية الجنوبية لبيروت بالعين المجرّدة، ويُمكنهم سماع دويّ الغارات العنيفة كما لو أنّها حاصلة بالقرب منهم، لكنّ ذلك لم يخلق لديهم شعوراً بالخوف، إلى أن وَقع الاستهداف المباشر الأوّل لمبنى سكنيّ في مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وأدّى إلى سقوط 6 شهداء بينهم 3 أطفال و11 جريحاً.

 

شهدت القماطية حينها موجة نزوح من بعض سكان البلدة والنازحين أيضاً، وسط هواجس بأنّ المنطقة باتت ضمن دائرة الاستهداف الإسرائيلي. وما عزَّز هذا القلق، استهداف سيارة على طريق القماطية- سوق الغرب- عاليه، ظهر الأربعاء، والغارة على مبنى سكنيّ في حيّ متداخل بين بلدتَي عين الرمانة والقماطية فجر اليوم.

 

ثمّة انقسام لدى سكان المنطقة حول مغادرة منازلهم، إذ تقول سيّدة لـ"النهار": "نزحنا بعد الغارة الأولى إلى منزل أخي في منطقة الحمراء (بيروت)، قبل أن نتّخذ قراراً باستئجار منزل في بلدة إهدن (شمال لبنان)، خوفاً من استهداف أماكن النزوح".

 

وتضيف: "الطقس بارد جدّاً في الشمال ، وفكّرنا في العودة إلى منزلنا في القماطية، لكنّ العدوّ الإسرائيلي عاود القصف مرّتين خلال أيام، ودائماً ما يُبرّر وحشيته بقصف نازحين مدنيّين بذريعة استهدافه أشخاصاً حزبيين".

 

إلى ذلك، تؤكّد سيّدة أخرى أنّها "صامدة في منزلها الذي تقطنه منذ 7 سنوات، ولن تغادره في الوقت القريب، خصوصاً أنّ أفراداً من عائلتها نزحوا إلى دارها أيضاً من الجنوب والضاحية".

 

 

المشهد بين استهدافَي الأربعاء والجمعة

 

شكّلت الغارة على الطريق العامة من عاليه نحو القماطية جرس إنذار للأهالي بعد هدوء لأكثر من ثلاثة أسابيع، وقد شهدت طرقات البلدة زحمة سير خانقة حينها، أقفلت مداخلها ومخارجها، خصوصاً أنّها تزامنت مع إقفال السير على طريق عاريا الكحالة بالاتجاهين وتحويله نحو بسوس، ممّا أجبر الأهالي على البقاء في سياراتهم لساعات.

 

حالة الهلع التي أصابت أهل المنطقة الأربعاء، دفعت عدداً منهم إلى ترك منازلهم على الفور فجر اليوم الجمعة، بعد الغارة الإسرائيلية التي طاولت شقة سكنية وأسفرت عن استشهاد 3 أشخاص من النازحين، وإصابة 5 آخرين.

 

وبحسب شهادة أحد الأهالي لـ"النهار"، فإنّ عدداً من النازحين نزح ثانيةً من القماطية إلى مناطق أخرى اليوم، فيما ينوي البعض التوجّه نحو سوريا، لاعتبار أنّ لا مكان آمناً في لبنان بعد، وخصوصاً في المناطق التي تؤوي نازحين".

 

 

10 آلاف نازح في القماطية

 

تُفيد معلومات "النهار"، أنّ بلدة القماطية استقبلت حوالي 10 آلاف نازح من مختلف المناطق اللبنانية، 600 منهم يقطنون في مراكز الإيواء الثلاثة في المدرستَين الثانوية والمتوسطة وحسينية البلدة، فيما العدد الأكبر يقطن في بيوت مستأجَرة أو لدى الأقارب.

 

وفي حديث لـ"النهار"، يصف رئيس بلدية القماطية نديم حمادة الوضع في البلدة بـ"الطبيعي"، مشيراً إلى أنّ "بعض النازحين مِمّن غادروا عقب الاستهداف الأول عادوا إلى بيوتهم بعد فترة".

 

وعلى عكس ردود الأفعال المندّدة بتواجد نازحين من الطائفة الشيعية في بلدات أخرى في قضاء عاليه، يؤكّد حمادة لـ"النهار" أنّ أحداً لم يعترض على تواجد النازحين في القماطية، متسائلاً: "مَن هي المقاومة؟ هي أولادنا وأبناء بلدنا".

 

وإزاء التطورات المتسارعة، تنكبّ جهود أعضاء البلدية اليوم على إعداد خطة لافتتاح مركز طوارئ بالتعاون مع الصليب الأحمر، ليكون جاهزاً في حال تعرُّض البلدة للاستهداف مرّة أخرى، أو تهديدها بالقصف، على الرغم من "إمكانات البلدية المتواضعة"، بحسب حمادة.

 

وعبر "النهار"، يناشد حمادة وزارة الداخلية لتسديد مستحقات البلدية قائلاً: "ندفع من اللحم الحيّ، فكيف يمكن تغطية المساعدات للأهالي من دون دعم الوزارة؟".

 

ويضيف: "وصلت مساعدات من قائمقام عاليه ومنظّمة "كاريتاس"، فيما باقي المساعدات تُنظّمها مبادرات فردية، وهذا ليس كافياً، فعدد النازحين الكبير يستدعي تلبية مالية من الدولة لإغاثتهم".

 

إذاً، يعيش أهالي القماطية كسكان المناطق الجنوبية والبقاعية الأخرى التي تتعرّض للقصف، وسط هاجس الاستهداف في أيّة لحظة وارتكاب إسرائيل للمزيد من المجازر، خصوصاً مع الكثافة السكانية داخل البلدة.

 

[email protected]

 

الأكثر قراءة

لبنان 12/4/2024 10:55:00 AM
قررت محكمة فرنسية في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وضع نهاية في 6 كانون الاول (ديسمبر) الجاري لأكثر من 40 عاما أمضاها لبناني اسمه جورج ابراهيم عبدالله في سجن بمنطقة جبال "البيرينيه" الفاصلة بين فرنسا وإسبانيا، هو "لانيميزان" البعيد 120 كيلومترا عن مدينة تولوز، والسماح له بمغادرة الأراضي الفرنسية يوم الجمعة المقبل، وقد أصبح عمره 73 عاما.

اقرأ في النهار Premium