بينما يفتح لبنان صفحة جديدة بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتسمية الرئيس المكلف وإتمام مشاورات التأليف الوزاري، سرت بين المتعاملين في الأسواق المالية اللبنانية هذا الأسبوع موجة من التفاؤل عسى أن تؤدي التطورات الراهنة إلى وضع البلاد على سكة الإصلاح، وتسهم في استعادة الثقة بالكامل، وتمهّد الطريق أمام إبرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي وتساعد على تدفّق أموال الدولة المانحة وإعادة هيكلة الدين، وفق التقرير الأسبوعي لبنك عوده. في هذا السياق، قفزت أسعار سندات اليوروبوندز اللبنانية إلى مستويات لم تشهد منذ أيلول 2020، حيث أقفلت عند 16.55-17.25 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة مقابل 16.00-16.75 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق، وسط رهان أن يلحق الخرق السياسي تغيّر في الدينامية الاقتصادية والاصلاحية، ما قد يشكل دفعاً لاستمرار صعود أسعار سندات الدين الحكومية إلى مستويات أعلى. في هذا السياق، لا بد من التذكير بأنّ المصرف الاستثماري العالمي "غولدمن ساكس" كان قد أشار في تقرير له نهاية العام الماضي بأنّ قيمة الاسترداد المتوقعة بعد هيكلة الدين يمكن أن تصل إلى 25 سنت للدولار الواحد. أما في ما يخص سوق الأسهم، فقد سجّل مؤشر الأسعار تراجعاً نسبته 2% وسط عمليات جني للمكاسب بعد القفزات اللافتة في الأسعار في الأسابيع القليلة الماضية، بينما زادت أحجام التداول بنسبة 58% أسبوعياً إلى نحو 11 مليون دولار. وفي ما يتعلق بسوق تداول العملات، ظل سعر صرف الليرة مقابل الدولار مستقراً في السوق الموازية في محيط 89600-89700، بينما سجّلت احتياطيات مصرف لبنان السائلة من النقد الأجنبي ارتفاعاً قيمته 210 مليون دولار خلال النصف الأول من كانون الثاني الجاري لتبلغ زهاء 10.3 مليار دولار منتصف الشهر وسط نمو ملحوظ في حجم النقد المتداول خارج مصرف لبنان نتيجة العروضات اللافتة للدولار في السوق بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي الواعد في 9 كانون الثاني. 

الأسواق

في سوق النقد: ارتفع معدل الفائدة من يوم إلى يوم من 20% في الأسبوع السابق إلى 70% هذا الأسبوع، في إشارة إلى التراجع النسبي في السيولة بالليرة اللبنانية داخل سوق النقد، بينما ظلت كلفة الكاش بالليرة تناهز الصفر بالمائة. هذا وقد أظهرت آخر الإحصاءات النقدية الصادرة عن مصرف لبنان للأسبوع المنتهي في 2 كانون الثاني 2025 أن الودائع المصرفية المقيمة تقلصت بمقدار 1876 مليار ليرة. ويعزى هذا التقلص بشكل أساسي إلى انخفاض الودائع المصرفية المقيمة بالعملات الأجنبية بقيمة 2637 مليار ليرة أسبوعياً (أي ما يعادل 29.5 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 89500 ل.ل.)، بينما زادت الودائع المصرفية المقيمة بالليرة بقيمة 761 مليار ليرة وسط نمو في الودائع تحت الطلب بقيمة 358 مليار ليرة ونمو في الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 403 مليار ليرة. أما الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م4) فقد سجّلت اتساعاً خجولاً قيمته 22 مليار ليرة وسط ارتفاع في حجم النقد المتداول بقيمة 1910 مليار ليرة وتراجع طفيف في محفظة سندات الخزينة المكتتبة من قبل القطاع غير المصرفي بقيمة 12 مليار ليرة.

في سوق القطع: في ظل المناخ الإيجابي الذي عمّ الساحة الداخلية عقب انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الحكومة وإتمام الاستشارات النيابية تمهيداً لتأليف الحكومة الجديدة، ظل سعر صرف الليرة مقابل الدولار مستقراً في محيط 89600-89700 في السوق الموازية هذا الأسبوع. ويأتي ذلك وسط تفاؤل بأن يفسح الانتظام الدستوري الطريق أمام تطبيق الإصلاحات التي طال انتظارها والتوصل لاتفاق نهائي مع صندوق الدولي وتدفق أموال الدول المانحة، ما سيتيح الفرصة أمام إعادة تكوين احتياطيات مصرف لبنان السائلة من النقد الأجنبي في المستقبل المنظور. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّ ميزانية مصرف لبنان نصف الشهرية الأخيرة المنتهية في 15 كانون الثاني 2025 أظهرت أنّ احتياطيات المركزي السائلة بالعملات زادت بقيمة 210 مليون دولار خلال النصف الأول من الشهر لتبلغ زهاء 10.3 مليار دولار في منتصف كانون الثاني، على الرغم من سداد دفعة إضافية لكافة المستفيدين من التعميمين 158 و166. توازياً، أظهرت ميزانية مصرف لبنان أنّ حجم النقد المتداول خارج مصرف لبنان ارتفع بمقدار 18.5 تريليون ليرة (أي ما يوازي 206 مليون دولار) خلال النصف الأول من كانون الثاني 2025 لتبلغ زهاء 84.0 ترليون ليرة منتصف هذا الشهر. ويأتي ذلك في ظل أحجام العروض اللافتة للدولار التي شهدتها السوق منذ 9 كانون الثاني 2025 على أثر إنجاز الاستحقاق الرئاسي بعد 26 شهراً من الشغور. عليه، شكّل حجم النقد المتداول خارج مصرف لبنان 9.1% من احتياطيات المركزي السائلة بالعملات في منتصف كانون الثاني 2025 مقابل 7.2% في نهاية كانون الأول 2024.

في سوق الأسهم: شهدت بورصة بيروت عمليات جني للمكاسب هذا الأسبوع ولا سيما على أسهم "سوليدير" التي سجّلت قفزات لافتة في أسعارها خلال الأسابيع القليلة الماضية. وهذا ما انعكس تراجعاً أسبوعياً في الأسعار نسبته 2.0%. فمن أصل 7 أسهم تم تداولها، انخفضت أسعار 3 أسهم، بينما ارتفعت أسعار 3 أسهم وظل سعر سهم واحد مستقراً. في التفاصيل، انخفضت أسعار أسهم سوليدير "أ" بنسبة 11.0% إلى 112.00 دولار، وتراجعت أسعار أسهم "سوليدير ب" بنسبة 4.9% إلى 118.90 دولار. وفي ما يخص الأسهم المصرفية، أقفلت أسهم "بنك بيبلوس العادية" على تراجع نسبته 6.4% أسبوعياً إلى 1.17 دولار، بينما قفزت أسعار أسهم "بنك عوده العادية" بنسبة +9.8% إلى 2.80 دولار، تلتها إيصالات إيداع "بنك عوده" بنسبة +6.4% إلى 2.50 دولار، فإيصالات إيداع "بنك لبنان والمهجر" بنسبة +1.9% إلى 5.40 دولار. وفي ما يخص الأسهم الصناعية، ظلت أسعار أسهم "الإسمنت الأبيض اسمي" مستقرة عند 40.00 دولار. أما في ما يتعلق بأحجام التداول، فقد ارتفعت قيمة التداول الاسمية بنسبة 57.9% أسبوعياً، من 6.9 مليون دولار في الأسبوع السابق إلى 10.9 مليون دولار هذا الأسبوع، علماً أن أسهم "سوليدير" استحوذت على نحو 93% من النشاط.

سوق سندات اليوروبوندز: شهدت سوق سندات اليوروبوندز اللبنانية هذا الأسبوع نشاطاً حيوياً عكس مناخ التفاؤل الذي ساد الساحة الداخلية عقب انجاز الاستحقاق الرئاسي، وتسمية الرئيس المكلف وإنهاء المشاورات النيابية غير الملزمة لتشكيل الحكومة. فقد قام المتعاملون المؤسساتيون الأجانب بتداول سندات الدين اللبنانية فيما بينهم، في حين ظل المتعاملون المحليون خارج السوق. في هذا السياق، قفزت أسعار سندات الدين الحكومية إلى 16.55-17.25 يوم الجمعة مقابل 16.00-16.75 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق. ويأتي ذلك عقب الخروقات السياسية الإيجابية التي شهدتها الساحة المحليّة، ووسط رهانات بأن يمهّد ذلك الطريق أمام تنفيذ إصلاحاتٍ وتدفّق الهبات من الدولة المانحة وأمام إتمام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي وإعادة هيكلة الدين، ناهيك عن أنّ بعض المستثمرين سعوا الى شراء سندات الدين لبنانية لتعزيز موقعهم التفاوضي في المستقبل.