كيف ستكون علاقات أميركا والصين في 2025؟

كيف ستكون علاقات أميركا والصين في 2025؟
صورة من الأرشيف للرئيس السابق دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جينبينغ (أ ب)
Smaller Bigger

تسببت الولاية الأولى للرئيس المنتخب دونالد ترامب بمفاجآت للصين عند أكثر من منعطف. بالكاد مرّت بضعة أسابيع على فوزه بالرئاسة سنة 2016 حتى تلقّى ترامب اتصال تهنئة من رئيسة تايوان السابقة تساوي إينغ وين، في خطوة كانت غير مسبوقة منذ سنة 1979. دفع ذلك بكين إلى التقدّم بـ "احتجاج رسميّ".

 

وبعد مرور نحو عامين، أطلقت إدارته حرباً تجارية شملت تعريفات على منتجات صينية بقيمة 550 مليار دولار، بينما ردت الصين بفرض رسوم على سلع أميركية بقيمة 185 مليار دولار. بدت الحرب التجارية قريبة من النهاية حين وقع الطرفان أوائل 2020 المرحلة الأولى من اتفاق تجاري جديد خفّض بعض التعريفات الأميركية مع تعهد صيني بشراء بعض السلع من الولايات المتحدة.

 

وتوسّعت إدارة الرئيس جو بايدن ببعض الرسوم كما فرضت ضوابط على صادرات تكنولوجية متقدّمة بالرغم من تفعيل قنوات للحوار والتواصل في بعض المواضيع كالفنتانيل والذكاء الاصطناعي. الآن، ثمة عودة إلى مرحلة اللايقين مع تهديدات جديدة لترامب بزيادة التعريفات مرة أخرى. فهل الصين مستعدة؟

 

باختصار... نعم

كما كتب ريد ستيفنسن في شبكة "بلومبرغ"، بإمكان الصين اليوم الردّ على تهديدات ترامب عبر فرض ضوابط تصديرية على المواد الخام الحيوية وفرض رسوم على سلع زراعية أميركية. بالحدّ الأدنى، إن الصين "أفضل استعداداً ممّا كانت عليه قبل ستة أعوام"، بحسب رأيه.

 

ومن الخطوات التي اتخذتها الصين أيضاً، إنهاء الإعفاءات الضريبية على الألومينيوم والنحاس في الأول من كانون الأول (ديسمبر). وتم تخفيض هذا الإعفاء على البطاريات والمنتجات الكهروضوئية من 13 إلى 9 في المئة. بحسب "إيكونوميست"، كان الأمر محاولة لتخفيف اتهامات بأن الصين تبيع تلك المنتجات بأسعار منخفضة بشكل اصطناعي. وتعمل الصين على تعزيز تجارتها حول العالم بطرق عدّة، من بينها التخلّي عن الرسوم على الواردات من الدول الفقيرة.

 

يأتي ذلك على نقيض الرسائل الصارمة التي أطلقها ترامب، مثل تهديده الأخير لدول "بريكس بلس" بفرض تعريفات باهظة في حال أطلقت عملة جديدة وتخلّت عن التعامل مع الدولار. وعلى أيّ حال، يجادل اقتصاديون كثر ضدّ فكرة فرض التعريفات لأنّ المستهلك الأميركي هو الذي يدفع الكلفة في نهاية المطاف. كذلك، وعلى عكس ما كان يدّعيه في إطلالاته السابقة، عمد ترامب إلى الكشف عن نواياه بشكل مبكر. فعلى منصة "تروث سوشل"، هدد في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) بفرض رسوم على دول عدّة من بينها الصين. أدّى ذلك إلى ارتفاع في نسبة الطلب على شحنات التحميل المسرّعة من أجل إيصال السلع إلى وجهتها قبل استلام ترامب منصبه، كما ذكرت "فايننشال تايمز" يوم الاثنين.

 

لكن للاستعداد حدوده

ربما ينبغي عدم الخلط بين استعداد الصين لسياسات ترامب من جهة والقدرة على تأمين حماية تامة منها من جهة أخرى. فالرسوم الجمركية، وفق تصور ترامب على الأقل، ستدفع الدول والشركات إلى البحث عن التنافسية في الأسواق الأميركية، وقد تفكر شركات أخرى بالانتقال إلى الولايات المتحدة ودعم سوق العمل المحلية، لتفادي تلك الرسوم. كذلك، ودائماً بحسب ترامب، بإمكان المال الناجم عن تلك الرسوم التعويض عمّا يمكن جمعه من ضرائب أخرى تُفرض على الأميركيين، ما يؤدّي إلى خفضها. لكنّ الباحثة الاقتصادية البارزة في "مؤسسة الضرائب" إريكا يورك تشكّك في إمكانية تحقيق هذا التعويض.

 

وبما أنّ الوضع الاقتصادي للصين أضعف ممّا كان عليه في ولاية ترامب الأولى، يمكن أن تترك رسوم ترامب "تهديداً أكبر" للبلاد بحسب تقرير لوكالة "رويترز". فسوق العقارات ساعد بكين على امتصاص صدمة الرسوم حين كان قوياً، بعكس ما يحصل اليوم، إلى جانب مشاكل صينية أخرى مثل الأجور المنخفضة وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وضعف الرعاية الصحية وقيام العائلة الصينية بإنفاق أقل من 40 في المئة من الناتج القومي.

 

مشهدان

في حين من المبكر الجزم بكيفية إدارة الولايات المتحدة والصين لعلاقتهما السنة المقبلة، ثمة احتمال وازن في أن تتمكن الدولتان من إيجاد تسوية لمواصلة "التعايش"، بالنظر إلى أنّ لدى كلّ منهما نقاط ضعف وقوة. وذكر الأستاذ في جامعة شنغهاي الدولية جانغ يوغوي في صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية أنّ تجربة 2018 أثبتت أن الحرب التجارية لا تفيد أيّاً من الطرفين، ناهيكم عن الاقتصاد الدولي.

 

في الوقت نفسه، إنّ عدم قابلية التنبّؤ بسلوك ترامب ليس عبارة عن جملة سيئات بحتة بالنسبة إلى الصين. فالرئيس المنتخب، بعكس بعض مستشاريه، لا يحمل رؤية أيديولوجية للتنافس مع الصين. وليس أدلّ على ذلك من أن ترامب طالب تايوان مؤخراً، وهي نقطة توتر أساسية بين الأميركيين والصينيين، بـ "أن تدفع" مقابل حصولها على الحماية الأميركية. ويعد هذا مشابهاً لخطابه مع حلفاء أميركا في أوروبا.

 

بذلك، ربما تجد الصين نفسها أمام مشهدين. الأوّل قادر على فرض ضغط عليها في المدى القصير، والثاني قد يجعلها في موقف أفضل على المدى الأبعد، بعد أن يكون ترامب قد ضعضع بشكل محتمل النظام الدوليّ. وإن كان المشهد الثاني لا يزال بعيداً نسبياً، يمكن أن يصدر عن سنة 2025 مؤشراً أوّلياً لا إلى مسار العلاقات الصينية الأميركية وحسب، بل ربما إلى شكل النظام الدولي بدءاً من أواخر العقد الحالي.

 

 

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي 12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر 12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين