الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

.. ايه فينا نحكي سوا (فيديو)

المصدر: "النهار"
A+ A-

ان يلتقي شباب من انتماءات سياسية ومناطقية مختلفة للتحاور، هو تكريم هام لفكرة جبران تويني في الذكرى الثامنة لاستشهاده.


في مبنى جريدة النهار، استعادة مصغرة لتجربة هايدبارك نهار الشباب الذي جمع على مدى سنوات شباب من مختلف المناطق والانتماءات تحاوروا وتجادلوا وحاولوا العمل معاً لتغيير واقعهم. نعم كانت الظروف مختلفة، وبدت فكرة بناء الدولة ارحب من زمننا الذي وصلت فيه السياسة بمعنى الحد الادنى من تسيير عمل المؤسسات واحترام الاستحقاقات الدستورية الى افلاس غير مسبوق. سوداوّية اللحظة تحتم اكثر من اي وقت مضى تحفيز الحوار والعمل الشبابي المشترك. ففي زمن التطرف والدم الذي وصل حد الانتحار، ويحيط ببلدنا ويتغلل في نسجيه، والازمات التي تهدد حدود الكيان ومعناه، يبرز الشباب كخط دفاع اول عن المعنى المدني التعددي للدولة.
بعيداً عن اسئلة نمطية من نوع ما الذي يمكن ان يحققه حوار شباب حزبيين يرددون خطابات زعمائهم او شباب مستقلين ثمة صعوبة في تحديد هوية مشروعهم، كان اللقاء بين عدد من الشباب يوم السبت الفائت في مبنى "النهار" في ندوة حاولت البحث عن المساحات المشتركة بين الشباب والبحث عن آليات لاعادة اطلاق مبادرات عملية شبابية في ظل التأزيم السياسي الدستوري الهائل.
شارك في الندوة عدد من الزملاء في النهار، منهم نائب رئيس التحرير نبيل بو منصف الذي رحب بالحاضرين معتبرا ان "افضل ما في جبران كان الاهتمام بالشباب بما هم صناعة المستقبل".
وقال ان "الايمان بشباب لبنان" هو مهمة "النهار" واهم ما اسشهد من اجله جبران، ومن هنا كانت فكرة هذه الندوة لاسيما بعدما شهدناه من اجواء شبابية متشنجة في الجامعات.


 


 


 


 


[[video source=youtube id=UkTuYS3JNGA]]


 


 


 


جسور مقطوعة


الحوار بدأ باجابة من الناشطة المستقلة نادين عيسى عن سؤال حول الجسور المقطوعة بين الشباب، وهنا اعتبرت عيسى ان "المشكلة تكمن في الافكار الجاهزة والمبرمجة التي تولد الكره والجهل، فالشباب يدخلون الجامعات وهم يرددون ما استقوه من بيئتهم وذاكرة اهلهم في الحرب الاهلية ودورهم فيها". ورأت ان "التاريخ الذي نتلقاه في غياب كتاب تاريخ موحد، هو تاريخ يحمل نظرة هيمنة على الآخر".
نديم شماس من حزب القوات اللبنانية رأى "الا عمل سياسياً في لبنان، والتحالفات غير قائمة على مشاريع سياسية، لذا نجد الشاب في حواره مع الآخر يستخدم الخطاب الطائفي بدل المشاريع السياسية". واضاف ان "هناك ازمة في فهم معايير اساسية ابرزها حقوق الانسان والحرية والعلمانية"، داعياً الى ان تكون شرعة حقوق الانسان العالمية "اساسا لاي تشريع او اي عمل سياسي".
وحمل على الاعلام الذي "يتهافت لتغطية الاشكالات الشبابية ويغيب عن المشاريع الشبابية الايجابية كما حصل مع وثيقة السياسات الشبابية في العام 2012 المؤلفة من 140 مشروع قانون متصلة بدور الشباب، وتم تجاهلها اعلاميا". ورأى ان التعاون المنطقي بين الشباب اليوم يمكن في العمل معا على مشاريع اقتصادية اجتماعية ونقلها الى المجلس النيابي لاقرارها.
 


 


حوار ام استعراض؟


مارك ساسين من "التيار الوطني الحر"، اعتبر ان السؤال في المسألة الشبابية ليس حول التفاهم على الورق بل التنفيذ على الارض، فـ"هل لدينا نية كشباب لتنفيذ ما اتفقنا عليه ام نجتمع فقط من اجل استعراض الحوار؟"، خالصاً الى انه "اذا وجدت النية يمكن تنفيذ التفاهمات". وتوقف عند "مشكلة النظرة النمطية للشباب الحزبي واطلاق الاحكام المسبقة عليه من قبل المستقلين رغم الاقرار ان داخل الاحزاب هناك مشاكل هي نفسها المشاكل التي يعانيها المجتمع، ومنها غياب ثقافة الحوار الفعلية".
ورفض جلد الذات والانتقاص الحاصل مما يستطيع ان يقوم به الشباب، فـ"الشباب من 1990 الى 2005، استطاعوا اخراج الجيش السوري، وجلسات هايدبارك الشباب كانت حينها تتطلب شجاعة التواجد في جريدة النهار ومعارضة السوري".
واضاف "نعم اليوم هناك احباط سببه الاساسي غياب الفسحة المتروكة للشباب، وخصوصا في الاعلام لتعبير الشباب عن مشاريعهم، بالاضافة الى غياب ثقافة النقاش في المشاريع". ورأى ان "هناك مسؤولية على ادارة الجامعات بمنع العمل السياسي الذي يولد الجهل بالآخر ".


دائرة الانتحار


محمود زيدان من "الجماعة الاسلامية" اعتبر ان الشباب هم اليوم وقود الساحات، والسبب يعود الى دائرة الفقر والجهل والمظلومية التي يستغل الشباب عبرها "كما يحدث اليوم في طرابلس".
وتوقف عند تأثير الشعور بهيمنة طرف على آخر وما يوّلده من حواجز نفسية بين الشباب "حين امشي في شارع في بيروت وارى رايات وتجمعات وحواجز اشعر بغياب الثقة وبأني مهدد، لذا نحتاج الى مبادرات على الارض لتخفيف الشرخ".
وتوقف عند ظاهرة زيادة التطرف الديني عند فئة من الشباب، وقال "في ظل التشرد والقتل تغيب الحكمة ويعلو صوت التشدد، لان التطرف يستولد التطرف، وانا ابن صيدا ومن سكان عبرا، شارعنا رافض للاسير وحاربه، لكني كشاب اسلامي كنت ساصاب برصاص "سرايا المقاومة" خلال معارك عبرا تخلخلت نظرتي تجاه مؤسسات الدولة، فكيف بالشباب الذين يعيشون في دوامة الفقر والجهل، ومنهم الانتحاري معين ابو ظهر، الانسان السطحي صاحب العنفوان الذي غُرر به ففجر نقمته في مكان خطأ".


الحرمان الفكري


بالنسبة لناصيف شريم من حزب الاحرار، المشكلة لا تكمن في الطائفية، والدليل في التحالفات العابرة للطوائف في العام 2005 وتقبل الشباب لبعضهم البعض. ورأى شريم ان المشكلة تكمن في "المجتمع المصغر والمنغلق على نفسه، وفي الجهل وعدم تنمية المناطق وتأمين مستوى لائق من التدريس والخدمات". وتوقف عند "التاريخ الذي نتعلمه ويقف عند سنة 1957 ودخولنا الى الجامعات ونحن نجهل بعضنا.. من هنا فان تنمية المواطنة هي الحل". واعترض على شعارات براقة لا تعكس مضمون صحي كـ"الديموقراطية التي يجب الا نقبل بمعناها الضيق اي تصويت الاكثرية، فالعقل النقدي هو اساس كل شيء"
احمد ديب من "حركة امل" اعتبر ان المشكلة تتمثل في المنظمات السياسية التي تعطي اقنعة للقاعدة الشعبية، وتضع قناعا على الصراع السياسي ليظهر طائفياً. وتحدث عن اشكال الجامعة اليسوعية الذي هو "اشكال سياسي تم تصويره بشكل طائفي"، داعياً الى تشكيل مجموعة ادارة ازمات لمنع تطور اي اشكال طالبي في الجامعات. وتوقف عند اهمية المحاسبة حين تحدث خروقات فردية في الاحزاب "نحن قمنا بمحاسبة من نظم احتفال القسم الحزبي في الجامعة اللبنانية". وشدد على ان "الحرمان الفعلي ليس الحرمان المادي بل الفكري وهذا ما يجب ان نحاربه كما تعلمنا مدرسة الامام موسى الصدر".


"نحن المشلكة"


الناشط المستقل زاهي نوح رأى ان "مشكلتنا الاساسية هي نحن، فالشباب هم من ساهم بالتغيير في العام 2005، واليوم نشعر بيأس ونكرر افكار الزعماء الذين يحاكون غرائزنا، ومن المفروض البحث عن مساحة مشتركة.. لنجلس معا ونحدد ركائز القضايا المشتركة في البلد الذي نريده.. مشكلتنا هي محاكاة الغرائز في خطابات الزعماء، والتهافت للنزول الى الارض لهذه الغاية وليس للتغيير والمحاسبة".
واضاف " جبران بقسمه حاول تجنيبنا الكأس الذي عاشه الجيل السابق، لكننا للاسف مصرون للعودة الى ذلك الكأس..فلنعد الى المساحات المشتركة".
نادر عز الدين، ناشط مستقل مؤيد لـ"المقاومة"، ابدى ملاحظته بان الشباب الحزبي في الحوارات المشتركة المغلقة لا يستخدمون قفازات كما يحدث حين يطل ممثلوهم على الشاشات ويعملون على رفع منسوب الشحن لدى القاعدة. وانتقد بحدة دور وسائل الاعلام التي تتهافت على استضافة من يأتي لها بأكبر عائد من الاعلانات، فـ"المتطرفون الذي يخرجون عن المنطق يعمدون الى استفزاز المعتدلين في كل طائفة، فيتحول الجميع متطرفين".
ورأى ان المشكلة تحل حين يعترف كل منا بحقوق الآخر فلا نعود نتحدث عن مارونية او سنية او شيعية سياسية، لـ"نكن صريحين، اتفاق الطائف ليس مقدسا ولا يجب ان تكون هناك مسائل محرمة في النقاش وهناك حاجة لعقد اجتماعي جديد".
انطوان بولس من "الحزب التقدمي الاشتراكي"، قال ان طرح البعض تغيير اتفاق الطائف غير ملائم لانه يهدف في الظروف الراهنة الى المثالثة. ورأى ان "السبيل الوحيد للتوصل الى نتيجة في حوارنا كشباب هو الاعتراف بالفشل الكبير لزعمائنا.. ويجب ان نكون واقعيين وبعيدين عن التنظير والنظر الى المشاكل المشتركة بيننا وجعلها مادة لحوارنا الداخلي، والحوار داخل احزابنا، وعلينا ان نكون ثورة داخل الاحزاب وليس فقط ان نمثل رأي الاحزاب".
واعترف بولس انه يواجه صعوبة كشاب حين ينتقل النائب وليد جنبلاط الى تموضع سياسي جديد. يمازح قائلا "تعودنا"... لكن "واقع الازمة في المنطقة يفرض وجود احزاب وسطية لحماية السلم الاهلي، وتحالفاتنا النقابية والطلابية نقوم بها وفق الظروف، وداخل "منظمة الشباب التقدمي" هناك حوار حول هذه المسألة".


"نجوْت من الموت"


ايمن عبد الغفور من "تيار المستقبل" سأل: "في ظل الاصطفاف المذهبي والخطاب التحريضي السائد: ما الحل؟"، وخلص الى ان
"مساحات مشتركة كبيرة تجمعنا كشباب، البطالة وسوء الخدمات وتدهور الوضع الامني، كلها تطالنا من الشمال الى الجنوب، وتطال ابن الضاحية وابن طرابلس معاً".
وذكر انه كان في احد المسجدين اثناء تفجيري طرابلس، سائلا "ماذا كنت سأجني من القضية التي يناضل من اجلها اي كان في سياق حروب الآخرين على ارضنا، في حال متّ وخسرني اهلي؟".
واعتبر ان حوار الشباب ضروري تحت سقف الدولة التي ترعى الجميع و"يجب  الا يكون هناك مقدس في حوارنا سوى البلد نفسه والا يزايد احد في الوطنية على الآخر".
واضاف "نحن كتيار معتدل نعاني من ردود الافعال التي يولدها القتل والتشريد والهيمنة والظلم، وخسرنا من جمهورنا لاننا لا نجاري ردات الفعل المتطرفة، لكننا متمسكون بخطابنا وفي اليوم الذي اعرف فيه ان مقاتلا ينتمي الى "تيار المستقبل" قتل في سوريا سأترك التيار علماً اني متضامن مع الثورة السورية..". ودعا الى ان يكون شعار "الايمان بشباب لبنان اولا" موحداً لدى الجميع.
حسان زيتونة، من "اتحاد الشباب الديموقراطي"، رأى ان "السياسة افلست، وتسوية الدولة القائمة وصلت الى مكان مأزوم حيث لم يعد في امكان اي طرف مشارك في السلطة او خارجها ان يكون "والد الصبي" والدفاع عن المنطق القائم".
والتحدي امام الشباب يتمثل في سؤال "الانفكاك عن الافلاس وخلق الجديد، والبداية تكون في الاعتراف من ان الزعماء الحاليين هم من اوصلونا الى ما نحن فيه، ولا يمكن التهرب من مشكلاتنا التاريخية كشباب، حين يكون السلم الاهلي مهدداً".
ودعا الى "الانطلاق من المشترك كالسياسات الشبابية ومتطلبات سوق العمل وسلسلة الرتب والرواتب، والمسائل التي تفعل دورنا في الحياة العامة.. فاما هذا التعاون الآن واما البحث عن فيزا فورا".
الناشط المستقل حسين زهري قال "سمعنا اليوم الكثير من شعارات الحب بين الشباب، لكن للاسف ليس هناك عمل حزبي فعلي حين يفرض الزعيم قراره على الشباب الذين لا يملكون اي سلطة تنفيذية في الاحزاب ويقتصر دورهم على تعليق الاعلام والصور في الانتخابات".


واضاف "كشاب جنوبي ارى ان المشكلة ليست طائفية لكن المشكلة في الطائفة عينها، وهناك اضطهاد واستغلال للشباب، واذا لم تكن منتميا الى حزب الطائفة تصبح عميلا، واذا اتيت كناشط بتمويل خارجي لمشروع ما تصبح عميلا ايضا". وسأل عن دور الشباب في وزارة الشباب والرياضة معتبرا ان العمل يجب ان يبدأ من تغيير القوانين واولها قانون الانتخابات.



في خلاصة الندوة وكحصيلة نقاش الشباب الحاضرين، تم التداول في افكار عملية لتفعيل التواصل وتجربة العمل المشترك، كان ابرزها العمل على مشاريع اقتصادية واجتماعية وصولا حتى اقرارها. هذا المتاح ليس بالسيء، كما رأى الشباب، حتى ولو كانت جلسات مجلس النواب معلقة وغير مفتوحة لاقرار المشاريع الشبابية، المطلوب الا تخفت هذه الدينامية الشبابية والا يتوقف دورها مهما اشتدت وعظمت الازمات، المهم ان يبقى الحوار بين الشباب مستمرا للتفتيش عن الحل وتطبيقه والاثبات دائماً "انو ايه فينا نحكي سوا..".


  


(اعداد: ديانا سكيني- تصوير: روي حنكش ونور طايع- مونتاج: شربل لبكي، روي ونور )


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم