الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

التباهي بالمجزرة البيئية!\r\n

المصدر: "النهار"
آية يونس
A+ A-

انتهى موسم الصيد وبدأت المنافسة بين صيادي لبنان على مواقع التواصل الاجتماعي. فنشروا صورهم مع "محاصيلهم" اليوميّة من الطيور. صور يفتخرون بها ويتباهون بعرضها فيصل صداها الى عدد كبير من الناس عبر "واتس اب" و"تويتر" و"فايسبوك". منافسة على قتل طيور لا تستطيع ان تدافع عن نفسها، مجزرة بيئية بكل ما للكلمة من معنى، فأين القوّة في قتلها؟


انتهى موسم السمّن والشحرور والصلنج وحجل والكيخن. كلّها طيور لم تكن تعلم ماذا ينتظرها وهي تغادر الى بلاد أخرى. مرّ السمن بأسراب فهرع الصيادون يرفعون بنادقهم الى الأعلى ويصوّبون على الطيور فتتناثر ويتطاير ريشها قبل أن تقع أرضاً. يبتسم الجميع وكأنه انجاز تمّ! هذا يبحث عن الطير فيمشي وينظر في الأرض، وذلك لا يهمّه لأنه لا يأكل السمّن وذاك ارسل كلبه ليشتمّ ويلتقط الطيور، فيصرخ صديقهم من بعيد "جمعو كل شي منتصيّدو بدنا نصوّرن للفايسبوك وانستاغرام".
يقول كريم شوفاني، وهو صيّاد يعتبر نفسه من اقوى صيادي لبنان: "القوة ليست في قتل مخلوق ضعيف لا يستطيع الدفاع عن نفسه، انما هي الشطارة في التركيز على الهدف واصابته من المرّة الأولى. عمل صعب لا يقدر ايّ كان ان يقتل طير، اسمه فيه، "طير" يطير وعلى الشاطر ايقافه! فليس كل من حمل بندقية يسمّى صياد".
بغضّ النظر عن أن الصيد هو "قتل الحيوانات"، إلّا أننا لا يمكن ان ننكر انه هواية مهمّة بالنسبة لشبان ينتظرون الموسم على أحرّ الجمر فيحملون البندقية والجفت وينطلقون بسيارات مجهّزة الى طرق الجرود ومعهم العدّة كاملة.
تبدأ رحلة الصيد عادة قبل ساعات الفجر الأولى. شبان نشيطون يستيقظون الساعة الرابعة فجراً للذهاب الى الصيد بحماسة لا تضاهيها حماسة الاستيقاظ في يوم جامعة او عمل.
رياضة ؟ "نعم رياضة. نحن نمشي لساعات ونقطع مسافات دون ان نشعر بالوقت ولا أعتقد اننا سنمشي هكذا اذا لم يكن هدفنا الصيد. سياحة في الوقت نفسه فلطالما استدللنا على مواقع لم نكن نعرفها من قبل. اكتشفناها خلال رحلة صيد مع شخص يدلّنا على الطريق او من خلال فايسبوك عندما نرى صورة لهواة الصيد في مكان ما، نراسلهم ونتلقّى الردّ، فتبدأ رحلة جديدة مع اصدقاء جدد". يقول داني طربيه: "نحن خمسة شبان نسمّي بعضنا أصدقاء الصيد، نختلف في كلّ المواضيع، لا سياسة تجمعنا ولا طريقة تفكير ولا طريقة عيش انما هواية واحدة نشعر بمتعة ممارستها سويّاً ".
الصيد الليلي نوع من انواع المطاردة التي يهواها الكثيرون. فيذهبون الى الجرود المرتفعة في مناطق مختلفة في لبنان مثل جرد الهرمل واللقلوق وتنورين والعاقورة ويجهزون سيارات الـ"جيب" بأضواء قويّة توضع على سقف السيارة ليستطيع الصياد رؤية الأرنب والنيس والغرير. كلّها حيوانات بريّة تستهوي بعض الصيادين لكنّ لا يمكن اصطيادها الا ليلاً لأنها تختبئ في النهار.
الا ان هناك نوعاً من الصيد لا يعتبر رياضة ابداً هو الصيد بالدبق، وهي مادّة غرائية تستعمل للامساك الطيور، يمنع القانون استيرادها واستعمالها وتداولها وبيعها في لبنان كما يمنع ايضا تداول اجهزة المناداة اي آلالات التي تصدر اصوات شبيهة بأصوات الطيور.
وعن كيفيّة استعمالهما، يقول روي مهنّا: "يوضع الدبق على غصن شجرة وفي قربه جهاز المناداة بصوت الحسّون مثلاً، وعندما تسمع الطيور صوت "صديقاتها" تتبع الصوت وتجني على نفسها فتلتصق بالدبق وهكذا تجمع الطيور ويتمّ بيعها او تربيتها او وضعها في قفص لتغرّد بدورها لحساسين أخرى لتلتصق كما حصل مع أسلافها".
عشق الصيد في لبنان يكبر سنة بعد سنة، وهو ارث يتناقل بين الأجيال، وعندما ينجح بعض الشبان في صف البريفيه، فان اباءهم يهدونهم بندقيّة صيد، لأن الرجل في نظر البعض هو الذي يحمل بندقيّة أو سلاحاً!
يقتلون الطيور بأعداد هائلة وكأنها مجزرة صيد غير آبهين بقوانين ولا بملاحقة، والبعض لا يتردد في ابداء الامل بان تبقى بندقية الشاب اللبناني تصوّب على الطير البريء ولا تتعداه الى انسان، على قاعدة يأس مفادها "يتصيّدوا طيور أحسن ما "يتخانؤوا" ويتصيدوا بعض"!..
وفي كل الاحوال ومع ترقب العاصفة "اليكسا" يصح ترداد اغنية نصري شمس الدين بتصرف "فلّوا فلّوا الصيادي"!.



[email protected]
Twitter: @ayayounes01


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم