الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الحلم الأميركي

هشام ملحم
هشام ملحم
A+ A-

مفهوم "الحلم الاميركي" هو جوهر ما يمكن تسميته روح الثقافة أو الشخصية الاميركية. العبارة وردت للمرة الأولى في كتاب عنوانه "الملحمة الاميركية" في 1931: "الحلم بارض يجب ان تكون فيها الحياة أفضل وأغنى وأكمل لكل انسان حيث تتوافر الفرصة لكل شخص وفقاً لقدراته وإنجازاته". لكن الجذور القيمية لهذا المفهوم انبثقت من اعلان الاستقلال والدستور وخصوصا مفاهيم الحقوق والمساواة والحق في الحياة والسعي الى السعادة والابداع والازدهار الاقتصادي. هذا الحلم الاميركي مهدد اليوم أكثر من أي وقت منذ الحرب العالمية الثانية.


الكساد الكبير الذي تعرضت له أميركا قبل خمس سنوات كان حصيلة انماط اقتصادية مقلقة ومزمنة، والانتعاش المحدود لم يؤد الى ارتفاع معدلات العمالة. ولا تزال الولايات المتحدة من أسوأ الدول الصناعية بالنسبة الى انعدام المساواة في الدخل. واستنادا الى احدى الدراسات، كان معدل دخل العائلة الواحدة بين 2009 و2011 لـ99 في المئة من الاميركيين أقل من واحد في المئة (0,4) ولكنه وصل الى 12,2 في المئة للواحد في المئة الباقي. ووصل عدد الفقراء في أميركا الى اكثر من 42 مليون نسمة من أصل 314 مليونا. والولايات المتحدة متخلفة عن غيرها من الدول الصناعية على نحو محرج من حيث مؤشرات التعليم والعناية الصحية ومعدلات وفيات الاطفال وغيرها.
إفلاس مدينة ديترويت قبل اسابيع (اكبر افلاس لمدينة في تاريخ اميركا) كان ابرز وابشع دليل على انهيار نوعية الحياة الاقتصادية في مدن وبلدات عدة. في هذه المدينة التي كانت قبل عقود رمز الصناعة الاميركية، هناك عشرات الآلاف من الابنية المهجورة والمدارس المقفلة بعد هجرة 25 في المئة من سكانها في العقد الماضي. وتظهر الدراسات ان الكساد الاقتصادي وما يصاحبه من بطالة وانحسار في معدلات الدخل ومستويات التعليم يؤدي الى تفكك العائلات وتفشي المخدرات والولادات خارج اطار الزواج وارتفاع معدلات الجريمة التي جعلت ديترويت العام الماضي المدينة الاكثر عنفا في البلاد.
في الاشهر الاخيرة، بدأت صحيفة "النيويورك تايمس" نشر سلسلة من المقالات المؤثرة عن اتساع الهوة الاقتصادية بين الاميركيين كان آخرها مقال بعنوان "انهيار الاحلام الاميركية" حول موت بلدة في ولاية أوهايو كان الحلم الاميركي فيها بخير في الخمسينات من القرن الماضي لتوافر العمالة واستقرار العائلة وغياب المخدرات وشعور الافراد بالانتماء الى جماعة مترابطة. ويربط الكاتب بين البطالة وبداية الانهيار بكل معانيه، وما صاحبه ايضا من بروز طبقة غنية صغيرة استفادت من الخدمات والصناعات الجديدة. ويخلص الكاتب الى ان مسؤولية الانهيار تقع على الافراد والبلدة والقطاع الخاص والحكومة.
باراك أوباما يدرك أن التاريخ سيحكم عليه من هذا المنظور.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم