الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

الحريري يحذر... الانفجار قريب إن لم تتدخلوا!

المصدر: النهار
موريس متى
الحريري يحذر... الانفجار قريب إن لم تتدخلوا!
الحريري يحذر... الانفجار قريب إن لم تتدخلوا!
A+ A-

حصدت الحرب السورية المتسمرة التي دخلت عامها السابع مئات القتلى والجرحى، بالاضافة الى ملايين المشردين والنازحين في الداخل السوري واللاجئين في دول الجوار. فأحدث إحصاءات للمفوضية العليا للاجئين كشفت ان عدد اللاجئين السوريين الفارين من الحرب قد تخطى الـ 5 ملايين لاجئ، يتوزعون بمعظمهم على دول الجوار السوري، ويشكلون الجزء الأكبر من نحو 21 مليون لاجئ في العالم. ما يقارب 6 ملايين لاجئ سوري فروا من بلادهم منذ بداية الحرب منتصف آذار 2011، اي نحو ربع سكان البلاد التي مزقتها الحرب وأودت بحياة حوالى 325 الف قتيل ومئات آلاف الجرحى. هذه الارقام المخيفة، دفعت مرة جديدة مفوضية الامم المتحدة للاجئين المجموعة الدولية لبذل جهود اضافية لمساعدة هؤلاء اللاجئين والدول المضيفة لهم.


وفقاً لأحدث تقرير سنوي للمفوضية العليا، نشر في حزيران 2016، بلغ عدد النازحين واللاجئين الفارين من النزاعات وعمليات الاضطهاد حول العالم في العام 2015 مستوى قياسيا قرب 65.3 مليونا، منهم 21.3 مليون لاجئ وهم الاشخاص الذين فروا من بلادهم، و40.8 مليون نازح يمثلون الاشخاص الذين تركوا منازلهم وبقوا في بلادهم بالاضافة الى 3.2 ملايين طالب لجوء. وإستناداً الى أرقام الامم المتحدة، تشكل 3 بلدان نصف عدد اللاجئين حول العالم، وهي سوريا مع ما يقرب من 4.9 ملايين نهاية العام 2015، وفي المرتبة الثانية أفغانستان مع 2.7 مليون، اما المرتبة الثالثة فكانت للصومال مع ما يقارب 1.1 مليون. وتستضيف دول المنطقة من تركيا ولبنان والاردن بالاضافة الى العراق ومصر غالبية اللاجئين السوريين. وقد وصف تقرير الامم المتحدة تركيا كأكبر بلد مضيف مع 2.9 مليون لاجئ سوري مسجل، اقل من 10% منهم يعيشون في مخيمات، فيما يسكن آخرون في المدن التركية. بدوره يستضيف الاردن نحو 657 الف لاجئ سوري مسجلين لدى الامم المتحدة فيما تتحدث الحكومة الاردنية عن وجود 1.3 مليون لاجئ سوري على اراضيها، يتوزعون بين مخيمي الزعتري والازرق، والعديد منهم يعيش في منازل خاصة.


أما في لبنان، فالوضع ليس بهذه السهولة. فلبنان، هذا البلد الصغير حيث توازي مساحة محافظة حمص السورية 4 مرات مساحته، فيستضيف اليوم العدد الأكبر من اللاجئين السوريين مقارنة بسكانه، مع نحو لاجئ واحد لكل 4 مواطنين، بعد ان وصل عدد اللاجئين الى ما يقارب 1.5 لاجئ. وبحسب التقديرات الرسمية تراوح كلفة اللاجوء السوري في لبنان بين 15 مليار دولار و 18 ملياراً منذ بداية الحرب السورية وحتى نهاية العام 2015، وتطال هذه التداعيات مختلف الوجوه الانسانية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والتربوية والامنية.


أمام هذا الوضع، حذر رئيس الوزراء سعد الحريري من صعوبة الأوضاع في لبنان، بسبب الضغوط المترتبة على استضافة هؤلاء اللاجئين، مبديا خشيته من اندلاع اضطرابات أهلية، بسبب التوتر بين اللاجئين السوريين، ومختلف المجتمعات اللبنانية.


وقبيل مشاركته في مؤتمر بشأن سوريا يعقد في بروكسل بعد أيام قليلة، أكد الحريري أنه سيطلب من المجتمع الدولي تعزيز الدعم المالي للبنان لضمان عدم وصوله إلى نقطة الانهيار، كاشفا انه سيقدم إلى قمّة بروكسل ببرنامج على مدى 7 سنوات يلتزم خلالها المجتمع الدولي بدفع مبلغ من 10 إلى 12 ألف دولار عن كل لاجئ من خلال الاستثمار في البنى التحتية في لبنان. وقد أعد لبنان بالفعل ورقة تتضمن سياسة الحكومة حيال ملف اللاجئين السوريين والتي تتضمن معطيات جديدة وفق خطة أعدها مجلس الانماء والاعمار في شأن حاجات لبنان والتزامات المجتمع الدولي حيالها وخصوصاً على صعيد البنى التحتية.


وفي هذا السياق، تؤكد الحكومة اللبنانية حاجة لبنان خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى ما بين 8 إلى 10 مليارات دولار من الاستثمارات لرفع مستوى البنية التحتية القائمة، والإستثمار بمشاريع جديدة تعوّض عن التدهور الحاصل بسبب وجود اللاجئين السوريين. ومن أحدث الارقام المتعلقة بكلفة اللاجوء السوري في لبنان ما كشفه وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل خلال مؤتمره الصحافي الاخير عن ان اللاجئين السوريين يستهلكون 490 ميغاواط من الكهرباء ويحرمون اللبنانيين من 5 ساعات تغذية يوميا ويكلفون الدولة اللبنانية 330 مليون دولار.


و في سياق غير بعيد، تكشف أرقام وزارة العمل، ان أزمة اللجوء السوري وإستبدال اليد العاملة اللبنانية باليد العاملة السورية، أججت ايضا من نسب البطالة ورفعتها الى ما يقارب 25% حيث 36% منهم من الشباب و47% من طلاب الجامعات، كما عزز الازمة السورية وتداعيات إيصال نحو 30 في المئة من سكان لبنان الى تحت خط الفقر، وما يقارب 10% منهم الى مستوى الفقر المدقع.


بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية يوجد في لبنان 251 منطقة تعتبر الأكثر ضعفا وتستضيف 87% من اللاجئين، فيما 67% من مواطني هذه المناطق هم من الأشد فقرا. وأمام هذا الواقع المذري، أعلن من السرايا الحكومية في 19 كانون الثاني وبحضور الحريري والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ والمنسق المقيم والانساني للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني عن "خطة لبنان للإستجابة للأزمة 2017-2020" التي تجمع أكثر من 104 جهات شريكة للمساعدة في دعم 2.8 مليون نسمة من الأكثر ضعفا من سكان لبنان. وتسعى الخطة المشتركة بين الحكومة اللبنانية وشركاء محليين ودوليين لتوفير 2.8 مليار دولار للعام 2017. وتسهدف هذه الخطة نحو مليونين و800 ألف مواطن، منهم أكثر من مليون لبناني تحت خط الفقر، ومليون و500 ألف لاجئ سوري"، ونحو 300 ألف لاجئ فلسطيني، فضلا عن الإستثمار بالبنية التحتية والإقتصاد والمؤسسات العامة.


وبالحديث عن حجم التمويل الدولي للبنان للإستجابة لأزمة اللاجئين، يشير المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني الى ان حجم هذا التمويل بلغ 1.9 مليار دولار في عام 2016 ويشمل هذا المبلغ ما مجموعه 1.57 مليار دولار أعطتها الجهات المانحة في عام 2016، و344 مليون دولار متبقية من عام 2015 في حسابات وكالات الأمم المتحدة، والبنك الدولي والمنظمات غير الحكومية. كما أفادت الجهات المانحة أنها خصصت للبنان مبلغاً إضافياً يفوق 1.3 مليار دولار لعام 2017 وما بعده. وفي ما يخص الموارد المتاحة لدعم خطة لبنان للاستجابة للأزمة، أعلنت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية أنها تلقت 1.13 مليار دولار ضمن إطار هذه الخطة في عام 2016. ويشكل هذا المبلغ 53 في المئة من النداء الذي تم إطلاقه في عام 2016، مع الأخذ بعين الاعتبار مبلغ الـ186 مليون دولار المتبقي في حساب الخطة.


الانظار كلها تبقى متجهة الى إجتماع بروكسل، ورد المجتمع الدولي على خطة الحكومة اللبنانية، وطلب الرئيس الحريري الاسراع في تأمين المزيد من التمويل لإبعاد لبنان عن الهاوية. ومن هنا، يبقى المجتمع الدولي والدول المانحة مطالبة بالنظر إلى ما وراء الاستجابة لحالات الطوارئ القصيرة الأجل في لبنان وتحسين الأداء على مستوى التوفيق بين المساعدات لإنقاذ الحياة، والاستجابات الطويلة الأمد والتي تطال أمن البلد والتحديات الاجتماعية والاقتصادية، إضافة للعمل على عكس المسار الاقتصادي المتدهور من خلال الاستثمار في القطاعات الانتاجية الرئيسية، وتحديث البنى التحتية في لبنان، وتشجيع الإصلاحات الهيكلية الرئيسية.


[email protected]
Twitter: @mauricematta

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم