الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ها هو غسان تويني... كلامٌ في عزّ التاريخ على "رجلٍ وطن"

هالة حمصي
هالة حمصي
ها هو غسان تويني... كلامٌ في عزّ التاريخ على "رجلٍ وطن"
ها هو غسان تويني... كلامٌ في عزّ التاريخ على "رجلٍ وطن"
A+ A-

جلسة في عزّ التاريخ. ويطيب الكلام على رجلٍ وطن. غسان تويني، هو هو، كأنه لم يغب. ها هو وجهه، هذا هو صوته المدافع عن لبنان، هذه وقفته، تلك يداه، فنجان قهوته... الكبير بيننا، يتكئ بين اهل واصدقاء، نخبة من الشخصيات السياسية والفكرية والاجتماعية. عند اللقاء، تفتحت الكلمات على الثناء والتقدير لتؤلّف بسخاء عالَماً برمته. عالَم غسان تويني، "حارس الذاكرة"، "المفكر الحر"، "مواطن العالم"...


"غسان تويني والفرنكوفونية كثقافة الحوار"، عنوان حلقة مستديرة دعت اليها "اللجنة الوطنية اللبنانية للاونيسكو" في قصر الاونيسكو أمس، في مناسبة شهر الفرنكوفونية. كلمة تقديم من الامينة العامة للجنة الدكتورة زاهدة درويش جبور، ثم يحمل كاتب الافتتاحيات في "لوريان لوجور" عيسى غريب الحضور الى "الدور الجوهري الذي أداه تويني في الحفاظ على الصحافة اللبنانية الفرنكوفونية ونموها". يستحضر رجلا "ساحرا"، "طليقا في لغة موليير منذ شبابه، خطيبا بارعا، متكلما متألقا، وناشرا لأعمال أدبية ثمينة أو مجلات ذات جودة عالية، كلها بالفرنسية".
عودة الى مرحلة بعث تويني الحياة في صحيفة "لو جور" (1965)، و"حضوره المحفز، وملاحظاته الودية، وتقديمه لنا نموذجا حيا من الصرامة والشجاعة والإخلاص لمبادئ الحرية والديموقراطية، وشغف الكتابة...". الذاكرة لم تنس طعم ذلك الرجل، ولا "غاراته الليلية" على المحررين، أو ما سموه "دهم الشرطة". وكان يحلو له ذلك "الثالثة فجرا ليتأكد من حسن سير الامور".
وكما فعل تويني مع "لوجور"، يكتب لاحقا مستقبل "لوريان". وتستمر الحكاية مع دمج الصحيفتين عام 1971. وكان "زواج عقل، وايضا لضرورة حيوية"، "مالية"، وفق تعبير غريب. ويشرح حيثيات تلك المرحلة، ودوافع تويني...
وجه اضافي له. "حارس الذاكرة". كان لديه مشروع، بـ"امتدادات واوجه عديدة". "الحفاظ على الذاكرات كنشاط ابداعي، واستثماره باخلاص في هويات وصداقات، والانخراط به في نضالات سياسية متجددة لديها تحدّ واضح وحاسم، وحفظ العلامة الخاصة والقيمة الجوهرية لكل تراث، في ظل الهيمنة الحية لصراع من اجل لبنان ديموقراطي، سيد، موحد، تعددي"، يقول البروفسور فارس ساسين.
"كتاب الاستقلال الصادر عام 1997 مثال" بين امثلة اخرى كثيرة. انه بمثابة "ريبورتاج يُستثمر فيه الفن الصحافي، وتخطيط للسرد حيث تعطي العودة الى فترات سابقة الكتاب منعطفا باروكيا خاصا بالعبقرية الأدبية لغسان".
ويواصل النبش في بورتريه غسان "الساهر على ذاكرته الشخصية"، "المخلص للذاكرة الابوية"، صاحب "حضرية بيروتية عميقة" أظهرها في "دفاعه عن مشروع إقامة متحف للمدينة"، وسعيه الى "تجديد متحف سرسق وتطويره"... وترميم كاتدرائية القديس جاورجيوس وسط بيروت "بروعة ربما غير معروفة حتى اليوم"، إضافة الى بناء كنيسة سيدة النورية، بما أظهر "تعلقه ببيروت وتديّنه العميق المتجذر في الارثوذكسية". ويضيف أمثلة أخرى...وما أثاره "ليس سوى جزء صغير"، على قوله، "مما ندين به لتويني الكبير"، مع الادراك "انه لم يكن وحيدا في معاركه، ولا نسعى الى الاخفاء انها كانت جماعية".


مواطن العالم
ويأخذ هذا الغسان بعدا جديدا. "المثقف الانساني. المفكر الحر، ومعلم الكلمة من دون منازع"، وفق الاستاذة في جامعة البلمند الدكتورة مارلين كنعان. ويكفي ان نقرأ كتاباته، على قولها، "لندرك حجم ثقافته المتعددة الشكل، المنفتحة على الفنون والادب والدين والتاريخ والفلسفة والسياسة، ثقافة موسوعية... متجذرة في ايمان عميق، متواضعة بقدر ما هي معجونة بخبرة انسانية فريدة تجعل منه متخصصا بكل ما أثار اهتمامه".
"رجل تعددي"، "محلل فريد يتمتع بحس كبير للفوارق الدقيقة"، على قولها، "حرّ" ايضا، "وربما احد آخر ممثلي حالة انسانية مكرسة للحرية المجيدة، رجل يحترم الاختلافات، ويؤمن بحزم بقيم الحوار والانفتاح اللذين اعتبرهما شرطا لا غنى عنه لكل ديموقراطية حقيقية". ما يجسّده، في رأيها، هو "شخصية المثقف العربي عند تقاطع طرق العوالم وتلاقي الانظمة، المترجح من دون توقف بين التفكير والعمل". ويفاجئ دائما "بإرادته المضي قدما...".
إنه أيضا "المواطن المتنور". أول كلمة تطرأ على بال الاستاذ الجامعي الدكتور كريم بيطار لدى الكلام على تويني هي "التواضع". ويضيف "المواطنية" التي جذبته منذ شبابه، و"شغلته طوال مسيرته". هذا "المواطن اللبناني في العمق كان ايضا "مواطن العالم"، على قوله.
يستعيد ذلك "المفكر الحر، الرافض للاستسلام، المناضل، المتمسك بالتفاؤل والايمان حتى آخر لحظات حياته، رغم كل التجارب التي مر بها". واذ يعتبر ان "المواطنية لا تزال فكرة جديدة في الشرق الاوسط"، يلفت الى كتابات تويني و"ما يمكن ان نغرف منها لنستلهم اعادة ادخال المواطنية الى لبنان والمنطقة". وكان الختام مع تويني، في فيلم قصير عنه.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم