الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

القمة العربية: لا مفاجآت... ولكن

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
القمة العربية: لا مفاجآت... ولكن
القمة العربية: لا مفاجآت... ولكن
A+ A-

انطلقت القمة العربية الـ28، التي تستضيفها الأردن في منطقة البحر الميت، برئاسة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، في حضور معظم القادة العرب وممثلين عن منظمات إقليمية ودولية. نحو 17 بنداً أقرها وزراء خارجية الدول العربية في الاجتماعات التحضيرية، حيث تتصدر القضية الفلسطينية والأزمات في كل من سوريا، العراق، ليبيا واليمن أهم بنود جدول الأعمال، إضافة الى إدانة التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية.
تعقد القمة في وقت تعصف الحروب والنزعات المسلحة في عدد من الدول العربية، ما ادى الى تهجير الملايين وتشريدهم، اضافة الى معاناة دول اخرى من أوضاع اقتصادية صعبة أدت الى زيادة معدلات الفقر وعدم ثقة الشارع العربي بالقمم العربية. فهل ستختلف هذه القمة عن سابقاتها؟ وما هي الاجواء التي ترافق انعقادها؟



محور عربي واحد!
الاكاديمي المحلل السياسي السعودي خالد باطرفي متفائل بالقمة ونتائجها، وقال أن "هناك حضوراً ممتازاً للقادة العرب يشير الى حرصهم على انجاح هذا المؤتمر مقارنة بالمؤتمرات السابقة، ومنها المؤتمر الأخير في موريتانيا، ما يعطي تفاؤلاً بالنتائج والالتزام بالتوصيات. عدا عن الحضور الدولي المهم المتمثل بالأمين العام للامم المتحدة، إضافة الى ممثلين عن أميركا، روسيا، الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الافريقي". ولفت إلى أن "هناك اختلافاً بسيطاً في ما يتعلق بمقعد سوريا، فوجهة نظر العراق التي تعاونت معها الجزائر ومصر كانت مع اعادة تمثيل هذا البلد، لكن الفكرة سقطت مع الاصرار على ما تم الاتفاق عليه في القمم السابقة".



"لا محوران عربيان" وفق باطرفي "فالجميع يتفق على خطورة التحديات التي تعصف بالأمة وعلى ضرورة رص الصفوف لمواجهتها". أضاف: "عادت العلاقات ولو تدريجياً بين مصر والعراق، وبينهما وبين الدول الخليجية، وقد شهدنا زيارة وزير الخارجية السعودية ولقائه رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي في أميركا. الأمور تدل على أن المياه تعود الى مجاريها، خاصة بعد التزام المملكة بدعم جهود الاعمار بعد الانتهاء من معركة "داعش". وفي ما يتعلق بمصر فعّلت شركة أرامكو اتفاقيتها السابقة مع هذا البلد، عدا عن إيداع السعودية مبلغ 2 ملياري دولار في البنك المركزي، كما لطفت زيارة ملك البحرين للقاهرة الاجواء قبل القمة".


"تم الاتفاق على صيغة البيان النهائي قبل القمة من قبل المندوبين ووزراء الخارجية، ولا مفاجآت تغير من الاتفاق العام. التركيز هذه المرة على القضايا المهمة"، منها كما قال باطرفي "القضية الفلسطينية، والالتزام بالمبادرة العربية التي اعتمدت في قمة بيروت 2002 وفيها حل الدولتين. أما في الملف السوري، فهناك تأكيد على الحل السياسي وليس العسكري، ما يعني حرص الدول العربية على ايجاد مخارج سلمية للأزمات القائمة. أما الحرب على داعش والارهاب، فالجميع متفق عليها".



ولفت الى اننا "ننتظر موقف لبنان من التدخلات الايرانية بعد انتخاب رئيس للجمهورية، فيما اذا كان سيأخذ المنحى الذي كان خلال فترة الشغور أم سيقف مع الاجماع العربي ويسجل سابقة، على رغم أن موقفه لن يؤثر على الاجماع العربي الذي سيدين هذه التدخلات والدعم الايراني للارهاب في المنطقة، وإن كنا نتمنى أن يبقى الخطاب اللبناني على ما تم الاتفاق عليه في زيارات العماد عون الى دول الخليح ومصر وألا يفاجئنا بشيء مختلف ويعود بنا الى الوراء والميل الى ما يسمى بمحور المقاومة". وعما اذا كان سيتم طرح ملف "حزب الله"، أجاب: "الموقف اتخذ من قبل ولن يتم تغييره، من اعتباره منظمة ارهابية، لذلك لن يطرح هذه المرة".
لكن هل ستغيّر القمة شيئاً على أرض الواقع؟ أجاب: "التوافق جيد وهو رسالة الى الخارج، باعتبار أن هناك حضوراً دولياً قوياً. الكل موجود ويريد أن يرى موقفاً موحداً وان كان البعض يتمنى ان يكون الموقف متفرقا كي يبني عليه، فاسرائيل مثلاً تتمنى ان يكون هناك اختلافات بين العرب كي تثبت للعالم أن لا إمكان لمحاورتهم ولا مبادرة لديهم".



وضع عربي "متشظي"
من جانبه، قال الكاتب والباحث السياسي الأردني ضرار البستنجي أنه "كان لافتاً حجم الاستعداد والترتيبات الامنية والتنظيم البروتوكولي العالي. وأكثر ما اهتم به الاعلام الاردني الرسمي هو زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى البلد قبل يومين من انعقاد القمة، ولقائه الملك عبد الله، وهذا ما يعوّل عليه في اعادة ترتيب المحور العربي اذا جاز القول والذي تقوده السعودية". أضاف: "الاردن يعول على هذه الزيارة وعلى إعادة تنظيم العلاقة مع المملكة اقتصادياً، كون السعودية هي أكبر داعم للاقتصاد الاردني وان كان على شكل هبات وعطايا". ولفت الى "أن الغصة الحقيقية في قلوب الاردنيين تكمن في الاصرار على تغييب سوريا بحجة أن هناك قراراً بتجميد عضويتها، على رغم رفع علم الجمهورية العربية السورية بين الأعلام التي رفعت في الشوارع الاردنية".
"الوضع العربي متشظٍ بشكل عام"، قال البستنجي قبل ان يضيف: "لا يوجد انقسام عربي أو محورين، رغم ان التيار الغالب هو المرتبط بأميركا، في حين ان الاخرين يحاولون مسك العصا من المنتصف، فملف تغييب سوريا لم يعد ساخناً كما في السابق، اضافة الى تراجع الدور القطري، وادراك مصر انها قادرة على ممارسة دور أكبر ومحاولتها تهدئة الاجواء مع السعودية، في حين ان البلد المضيف غير معني باي انقسام بل يهدف الى الخروج بقمة هادئة، وفي ظل خصوصية المشهد العراقي الذي خطى خطوات جبارة في ما يخص محاربة الارهاب".



تشاؤم بالنتائج
"التسريبات تتحدث عن احتمال تطوير المبادرة التي قدمتها السعودية في مؤتمر بيروت 2002. التطوير كما نفهمه هو مزيد من التراجع، فهذه المبادرة التي في الأساس سقفها منخفض قال عنها العدو في حينه أنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وبخاصة بعدما سمعناه من تراشق بين المتحدث الرسمى بإسم وزارة الخارجية المصرية أحمد ابو زيد الذي قال ان الفلسطينيين يفكرون في تطوير هذه المبادرة او التعديل عليها، بينما خرج مسؤولون من السلطة الفلسطينية ليقولوا ان هذا الكلام غير صحيح، ما يعني محاولة كل طرف التبرؤ من الإجحاف والتنازل الذي قد تحمله القمة العربية للقضية الفلسطينية، والتنازل الذي يمكن ان يقدم للعدو الصهيوني، خاصة في ما يتعلق بالتطبيع واللاجئين".



الأهم وفق بستنجي أنه "بات واضحاً ان الملف الايراني وضع على جدول أعمال الزعماء بحجة رفض التدخل في الشؤون العربية، وهذا يدفع من جديد لحرف البوصلة التي باتت نهجاً للقمم العربية التي يفترض أن تكون أعمالها لمصلحة العرب العليا. وفي ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، يبدو ان النتائج المباشرة تتجه لنوع من التنسيق العسكري المباشر الشكلي، كون معظم البلدان العربية تستند في معظم مواقفها على السياسة الأميركية".



وفي ما يتعلق بـ"حزب الله"، قال أن "ملفه طرح في الاجتماعات التحضيرية، سواء على مستوى المندوبين الدائمين أو على مستوى وزراء الخارجية، وربما يكون من الملفات التي دعت وزير خارجية الأردن الى الخروج بمؤتمر صحافي مقتضب. ومن المعروف ان لبنان لا يمكن ان يوافق على طرح هذه المسألة، رغم المحاولات التي شهدناها عبر رسالة الرؤساء الخمسة التي تحاول خلط الاوراق وتعزز موقف من يحاول ان يضع ملف حزب الله على الطاولة باعتباره فصيلاً ارهابياً، لكن لا شك في انّ هناك موقفا جزائرياً، عراقياً، ولبنانيا رافضا، حتى البلد المضيف غير معني بهذا الملف، خاصة وأن هناك مصلحة حقيقية للأردن بالخروج من دائرة الصراع مع سوريا، ايران ومحور المقاومة، باستثناء ان الضغط الاميركي عليه قد لا يعطيه القدرة على المناورة كثيراً".



وختم: "لم يعد المواطن العربي يأمل كثيراً من القمم العربية، لكن هذه القمة بالذات نخشى أن تحمل جديداً لجهة ترتيب الأوراق العربية مع المخطط الأميركي".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم