الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نحن وهم و"الأرثوذكسي"!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
نحن وهم و"الأرثوذكسي"!
نحن وهم و"الأرثوذكسي"!
A+ A-

لعلها من سخريات المصائر وفواجعها سواء بسواء ان تغدو المنبرية السنوية لـ"مؤسسة" القمم العربية محطة يتيمة لتذكير الشعوب العربية بما كان يعتبر في زمن غابر وحدة قومية. منذ ضربت آفة التشلع المذهبي المنطقة وأشعلت ديار العرب بالفتن صار للفرز أسوأ عناوينه الذي ينزع عن "الدولة" العربية سمتها القومية ويحل مكانها السمة المذهبية الصافية. واذكى الصراع بين الدول العربية وإيران الزاحفة بأذرعة نفوذها في الكثير من اوطان العرب حرب المئة عام القبلية هذه الى حدود خيالية سقطت معها حتى ورقة التين المسماة رابطة إسلامية. وترانا، كلبنانيين، امام قمة البحر الميت اليوم، كما منذ اندلاع شرارة الحروب في السنوات السابقة، نتشاطر والاشقاء تخلُّفا مرعبا عن الصعود من الحفر القبلية. نذهب اليهم اليوم ونحن وإياهم في المصير "المشترك" الحقيقي الذي يجمعنا المتأتي من الاخفاق الموصوف في إقامة الحصون الداخلية أمام زعزعة المجتمعات المدنية. سيهلل بَعضُنَا لرؤية رئيسي الجمهورية والحكومة في "مشهد" وحدوي امام المؤتمرين ولن نستبق ما يمكن ان يواجه هذه المشهد من مفاجآت علها لا تكون انتكاسة جديدة للعهد والدولة الطالعة في ظله. ولكن خلفية المشهد اللبناني لا تختلف عن خلفية المنبر القممي نفسه في صورة لا تحجب التمزقات الداخلية وما يعتمل فيها. لعلنا ونحن امام العرب في ظل أزمة البحث العقيم عن قانون انتخاب صار العنوان الأكثر تعبيرا عن فشل الطبقة السياسية اللبنانية، نتساءل من تراه أكثر أهلية من الآخر في التحدث بلغة العصرنة امام المنتدى العربي الاخير؟ لا نحن ولا سائر العرب نملك أي أهلية من شأنها ان تجذب أجيالا شابة لم تعرف يوما معنى الرابط القومي الحقيقي خصوصا متى صارت تسمية الناس وتصنيفاتهم تمر اولا بالمذهب والطائفة. سخرنا من أنفسنا عقودا طويلة حين كانت تسمية "اللبننة" نعتا لعينا يلصق بكل بلد عربي تحل به لعنة حرب او فتنة طائفية، فاذا باللبننة اليوم حرفا تفصيليا امام أهوال الجحيم العربي العميم. وها نحن والعرب في "الهم سواء". يبحثون في وسائل اثبات رابطة عربية تهالكت الى حدود الموت ونحن نبحث عبثا ايضا عن قانون يجمع الماء والنار على سطح واحد. لعله "القانون الأرثوذكسي" إياه يشغلنا ويشغلهم كل من زاوية مناقضة للأخرى. تظلم الارثوذكسية ايما ظلم كلما التمعت عناوين هجينة في ايحاءات الازمة الداخلية اللبنانية راهنا، ومع ذلك يعجز الجميع عن تقديم البدائل المتطورة لصيغ تنتشل عملية اعادة انتاج السلطة وتجديد النظام على أسس علمانية صرفة. هكذا هم العرب ايضا وأسوأ، يواجهون أخطار التفتت الداخلي والأخطار الخارجية عليهم بتكلس خيالي لا يقدم انعقاد القمم ولا يؤخر شيئا في طمسه. فأين الحدث اليوم إذن؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم