قصّة عواطف غنوم كاملة... "نجت من التجلطات وماتت بسبب جرثومة"
أثارت قضية عواطف غنوم تعاطف الرأي العام اللبناني، بعد السخط النابع من حسرة قلب ابنتها فرح التي شاركت في تظاهرة الأحد 19 آذار في رياض الصلح لانقاذ والدتها المريضة من موتٍ محتم نتيجة تعذّر تأمين سرير لها في مستشفى متخصص لاجراء عملية التمييل الدماغي رغم ان غنوم مسجلة في الضمان الاجتماعي. 20 يوماً انتظرتها المرأة، تصارع الموت وحدها، رغم املها في النجاة، ولم تصل الصرخة، الا بعد فوات الاوان.
المأساة بدأت عندما وقعت عواطف غنوم في منتصف الطريق، وكانت يومها برفقة شقيقتها، فنقلت الى طوارئ مستشفى الساحل. تقول ابنتها فرح لـ"النهار" إن "التشخيص اكد اصابة والدتي بتجلطات في الرأس وانها تحتاج الخضوع لصورة (RIM) خاصة لرأسها".
جالت العائلة على المستشفيات، وفق ما تقول فرح، ونصحها الطبيب اللجوء الى مستشفى بشامون التخصصي حيث يتوافر إمكان إجراء الفحوص اللازمة، "لم نكن نعرف المستشفى المذكور، وعند دخولنا قالوا ان الصورة متوافرة لكن الاعذار كانت كبيرة، وما لبث ان اكتشفنا انها غير متوافرة. وقيل لنا إن إمكان الخضوع للفحوصاللازمة متوافرة في مستشفى الزهراء وتقنية صورة RIMموجودة وحديثة ومتطورة، وهكذا كان. بعد اجراء الصورة تبيّن ان والدتي تحتاج تمييلاً دماغياً. قضت 20 يوماً في مستشفى بشامون التخصصي، وكانت بدايةً تحرك يديها ورجليها وتنظر الينا وتتفاعل معنا ايجابياً دون ان تقدر على الكلام". كانت العائلة في هذا الوقت تنتظر توافر سرير في مستشفى متخصص لاجراء عملية التمييل الدماغي، اذ ان 4 مستشفيات في لبنان فقط تجري العملية المذكورة، وفق ما تقول فرح. "كانت مساعينا كبيرة، تواصلنا مع الضمان الاجتماعي وقرعنا باب وزارة الصحة اكثر من مرّة، وقال لنا مستشار الوزير ان الموضوع ملقى على عاتق الضمان وتالياً وزارة العمل، ولا علاقة لوزارة الصحة بالمسألة. في هذه الحالة كانت حالة والدتي تسوء تدريجياً وبدأت تفقد إمكان الحركة، وتعاني تورماً في اجزاء متفرقة من جسمها، وكان طاقم مستشفى بشامون التخصصي يعتبر ان ما يحصل طبيعي جداً وان لا حاجة للقلق، وانهم يقومون بمساعيهم كاملة، وان التورم ناتج من الثياب التي ترتديها امي. حتى انهم لم يقوموا لها بعلاجٍ فيزيائي، وكان الكر والفر سيّد الموقف، الى ان شاركت في تظاهرة يوم الاحد 19 آذار ورفعت الصرخة".
تلقت فرح، وفق ما تقول، اتصالات عدة من اصدقائها، انبأتها بتصريح وزير الصحة لإذاعة جبل لبنان، دعاها خلالها القدوم الى الوزارة وقال انه بانتظارها، "اجتمعت بمدير مكتبه، واعاد عليّ تلاوة الكلام نفسه، ان وزارة العمل هي من تتحمل المسؤولية وليس وزارة الصحة، لأن الوالدة مضمونة في الضمان الاجتماعي، فتلقيت في هذا الوقت اتصالاً من رئيس قسم المستشفيات حسن حوماني، سألني خلاله اذا كان لدى عواطف غنوم ملف خاص في مستشفى الزهراء. وبعد كرّ وفرّ، تأمن السرير، بعد 20 يوماً أمضتها في مستشفى بشامون التخصصي التي استفادت مادياً ولم توفّر اي نوع من العناية لوالدتي، بل كانت تقول انها لا تعاني تجلطات". وأجرت عواطف غنوم عملية التمييل الدماغي في مستشفى الزهراء، "وتبيّن ان شرايين رجليها مصابة بتجلطات. نجحت العملية، تبين ان امي تعاني التهاباً في الدم نتيجة جرثومة التقطتها في مستشفى بشامون التخصصي نتيجة الاهمال. لم تتحمل غسيل الكلى وفارقت الحياة".
وزارة الصحة
من جهتها، تؤكد مصادر وزارة الصحة لـ"النهار" ان "يوم قدمت فرح غنوم الى مكتب الوزير حصباني الذي دعاها شخصياً الى الوزارة، كان موجوداً خارج لبنان، واجتمع بها مدير مكتب الوزير واستمع الى الهواجس وعزم فوراً على مساعدتها واجراء الاتصالات اللازمة لتأمين سير العملية رغم ان وزارة الصحة لا تتحمل على عاتقها مسؤولية ما يجري، بل وزارة العمل معنية بالمسجلين في الضمان الاجتماعي. والمنطق يقول ان الهدف هو متابعة مسعاها من قبل فريق عمل الوزير، والمسألة لا علاقة لها بالصورة الاعلامية، وتالياً ليست الغاية مقابلة الوزير شخصياً، بقدر ما يتمثل الهدف بمساعدة المريضة".
وتضيف المصادر، ان "فرح تلقت اتصالاً ينبؤها بتوفر سرير لوالدتها في المستشفى لاجراء العملية، في الوقت نفسه كانت مساعي وزارة الصحة تحاول أخذ الموضوع على عاتقها الشخصي، فبادرتنا بالقول ان الموضوع عولج مع الضمان الاجتماعي والسرير تأمن".
وكانت وزارة الصحة اصدرت بياناً توضيحاً لما تناقلته بشأن القضية، وفيه:
ـ "الاحد 19 الحالي وجهت إبنة المريضة نداء مباشرا عبر الشاشات خلال التحرك في وسط بيروت، وفور تبلغ وزير الصحة بالامر تم إستدعاء عائلة الراحلة.
- حضرت إبنتها الاثنين 20 الحالي الى وزارة الصحة، حيث استقبلها مدير مكتب وزير الصحة، فعرضت له ما جرى مع والدتها منذ دخولها قبل أسبوعين الى مستشفى بشامون وأخبرته بالحاجة الى تأمين نقلها الى مستشفى "الجامعة الاميركية" أو "الزهراء"، فأوضح لها ان "الضمان" لا يخضع لوصاية وزارة الصحة بل العمل، ولكنه عمد الى إجراء الاتصالات لتأمين نقلها الى مستشفى متخصص. وخلال وجودها في المكتب تلقت إتصالاً أبلغها توافر سرير لنقلها الى مستشفى الزهراء".
وخلصت الوزارة الى "ضرورة معالجة وضع "صندوق الضمان الاجتماعي" بشكل عاجل وجذري، حيث من واجبه متابعة أوضاع مرضاه ووضع آلية تسهل دخولهم الى المستشفيات أو نقلهم عند الحاجة الى مستشفيات أخرى".
وأكد فتح تحقيق فوري بشأن علاج الراحلة في "مستشفى بشامون التخصصي"، "وفي حال ثبت في التحقيق أي تقصير او استخفاف في علاج عواطف، ستتخذ الوزارة قرارات عدة بحق المستشفى من توقيف التعامل معها وصولاً الى سحب الترخيص، مع التأكيد ان وزارة الصحة لن تتهاون في هذه القضية، وهي في المناسبة تطالب القضاء الاسراع في إصدار احكامه في الملفات الطبية المحالة اليه سابقا".ً